أحب في البدء تعريف الوديعة في اللغة: وتعني المال المودع لدى الغير أمين، بهدف حفظه، ذلكم تعريف قانوني. وهي بفتح الواو وكسر الدال جمعها ودائع، المال المتروك عند الغير لحفظه قصدا وهذا تعريف فقهي.

الوديعة السعودية لدى البنك المركزي قطعا، ليست بتلك المقاصد وفق تعريف اللغة إلا أنها يمكن أن تحمل نفس المفهوم.

حكايتنا مع الوديعة متكررة وهي قبل أن تستقر في موضعها، عرضة للأنواء المختلفة، وربما تتبخر في زمن قياسي ولا تشكل حلًا في جحيم المعاناة اليمنية، رغم التعويل عليها في حال تدهور العملة، إلا أنها وفق المثل العربي: رشاشة وسط مكريب.

المحيط بأسره متعطش للوديعة، والفساد بفكه المفترس ينظر إليها بكل شراهة، لا يمكن تحديد أولوياتها، ربما بسبب وجيه، أن البذر يتم مكررا وسط تربة مالحة مليئة بالحشايش، وسط لا يمكننا أن نرى نتائج البذور بسنابل سيدنا يوسف، من هنا لا يمكن المراهنة على شيء بالمطلق،

طالما لم يتم تهيئة الأمر قبل الوديعة، بمعالجات تجتث أسباب الفشل المعلن على كافة أصعدة الحياة، وطالما والمفترسات تتأهب للنهش، فمن غير الممكن التفاؤل بنتائج مغايرة.

بمعنى أرهقنا حالنا وغيرنا دون جدوى و لا نتائج إيجابيه، هي مساحة من الوقت تتبخر معها الوديعة، لنسمع سردا لما حصل دون محاسبة طبعا، لأن ذلك لم يعد من ضوابط الحياة لدينا، نعيش بالبركة، ونتأقلم التعامل مع محيط مليء بأوكار الانتهازيين واللصوص.

لاشك لا شأن لنا بكل ما يجري، لأننا في الأصل ضحايا لا تمتلك حق التعبير عن حالها وألمها. لا أمين على خزائن المال العام، حتى إن بعض المحظوظين تكونت لديهم ثروات طائلة في عصر الفساد الذهبي.

وآخرون يسعون بتسارع محموم لإدراك شيء من تلك الأموال. أما نحن بمجموعنا لسنا أكثر من شهود على عهد عتاة تغولوا، وخطفوا ابتسامة الحياة من وجوهنا، وقتلوا براءة الطفولة في مجتمعاتنا.

أن تأتي الوديعة أو لا تأتي، فذلك بالنسبة لنا سيان، لأننا خارج نطاق الحسابات.