> القاهرة "الأيام" الفجر اليمني:

​مطالبة كافة الأطراف اليمنية بالعمل معًا لإقامة دولة مدنية حديثة
> أوصت ندوة موسعة نظمتها اللجنة اليمنية للسلام، بالشراكة مع اتحاد الإعلاميين الإفريقي الآسيوي، والتي أقيمت يوم الأحد الماضي، بالتأكيد على الدعوة التي أطلقتها منذ فترة اللجنة اليمنية للسلام لتنظيم وإطلاق مؤتمر وطني شعبي جامع، بقيادة حكماء وعقلاء اليمن، بمشاركة المرأة والشباب للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، وبناء سلام عادل وشامل ومستدام.

كما دعت الندوة، التي أقيمت بمقر اللجنة المصرية للتضامن، وأدارها الكاتب الصحفي محمد أبو المجد، الأمين العام لاتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي، إلى إقناع الأطراف اليمنية المختلفة بضرورة العمل معا لإقامة الدولة المدنية اليمنية الحديثة، والتي تقوم على مبادئ التسامح والمواطنة والدستور، والانتقال السلمي للسلطة في ظل نظام ديمقراطي، وكذلك إقناع الأطراف اليمنية بأن فوائد السلام أكبر من فوائد الحرب وإشاعة مبادئ المصالحة والتسامح.

وشددت في توصياتها، التي تلاها المستشار مصطفى بن خالد، الأمين العام للجنة اليمنية للسلام، على ضرورة تأسيس خطاب إعلامي وطني يناهض خطاب الكراهية.
وفي مستهل الندوة، استعرض أبو المجد، الخطوط العريضة للأزمة اليمنية، التي اشتعلت منذ ما يزيد على 9 سنوات، ولا تزال تراوح مكانها بسبب ارتبط الأطراف المتصارعة بقوى خارجية وخضوعها لأجنداتها.

بدوره قال المستشار مصطفى بن خالد، الأمين العام للجنة اليمنية للسلام: "نعرف أن طريقنا صعب وطويل، وأن المشكلة اليمنية تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، وهذا ناتج في معظمه عن التدخلات المباشرة من قبل الأطراف الخارجية والدولية التي جعلت من اليمن ساحة لصراعاتها على المصالح والنفوذ.. ولا شك أن الموقع الاستراتيجي هو محور الجذب الرئيس لكل هذه التدخلات، وما يجري في البحر الأحمر من أحداث جسيمة، وخطيرة، وتأثيرها على المنطقة والعالم لهو دليل واضح على ذلك، الأمر الذي جعل مستقبل السلام في اليمن محور اهتمام العالم، الذي تتشابك فيه التحديات السياسية والعسكرية والاقتصادية مع التحولات الجيوسياسية الكبيرة في المنطقة، مما يجعل العمل من أجل إيجاد فرصة للسلام في اليمن أمرا ممكنًا، بل محل اهتمام الجميع، حيث يُعتبر استقرار اليمن عاملا حيويًّا لضمان أمن البحر الأحمر ودوله، واستقرار التجارة العالمية قاطبة".

وأضاف: "إن استمرار الصراع في اليمن يوفر بيئة خصبة للجماعات الخارجة عن القانون التي تضر بمصالح اليمن والإقليم والعالم مع العلم بأن تحقيق السلام في اليمن سوف يقلص من نشاط هذه الجماعات، ويعزز الأمن المحلي والإقليمي والدولي، ويكافح الإرهاب والقرصنة البحرية، وهذا يتطلب تعاونًا دوليًّا وتنسيقًا أمنيًّا فعالًا".

وفي كلمة اللجنة اليمنية للسلام رحبت مايسة أحمد، رئيس الفريق بالحضور، قائلة: "إننا بحاجة إلى تأسيس ثقافة جمعية للسلام عبر برامج احترافية وأنشطة مشتركة مع الجماهير والنخب وأصحاب القرار لخلق روح التكامل والتعايش واحترام الرأي الآخر، وحل النزاعات بالتفاوض والمرونة، والحوار الإيجابي الذي يضع مصالح الوطن العليا فوق كل المصالح الضيقة، والعمل على لم الشتات، ومداواة الجراح وصون كرامة المواطن أينما كان".

وقال اللواء محمد الغباشي، الخبير الاستراتيجي المصري، والأمين العام لمركز "آفاق" للدراسات السياسية والاستراتيجية: "نحن أمام مشكلة من أصعب المشاكل في التاريخ تحتاج لتدخل حكماء وعقلاء اليمن.. الأمر لا يتحكم فيه شخص ما داخل اليمن.. فهؤلاء مجرد أدوات لأطراف خارجية.. فعلينا أن نبحث أين العقدة، وأين المشكلة، ولنبحث عن الحل.. دعونا نعالج المرض لا العرض.. وطالما ظلت القوى الدولية لديها أطماع في اليمن فسوف تستمر الأزمة".

وأضاف الغباشي، أن "اليمن بلد شبيه بمصر، تاريخًا وحضارة.. والموقع الجغرافي نسميه "نقط التحكم والاتصال".. فاليمن تتحكم في الاتصالات ما بين آسيا، التي تمثل 54 % من سكان العالم.. وأفريقيا أيضا.. “اللي مش فاهم التاريخ مش هايفهم المستقبل".

وانتقل للحديث عن الأزمة: "إيران تريد تسميته الخليج الفارسي.. ممر مهم.. مَنْ يتحكم في هذه المنطقة يتحكم في تدفئة منازل أوروبا والعالم، قبل وقود السيارات والآلات.. نحن أمام موقع جغرافي لدولة كان عندها تاريخ، وصار هناك أكثر من قوة".

وأشار إلى أن مصر لا تسمح لقطعة عسكرية بأن تمر في البحر الأحمر، دون الحصول على إذن مسبق قبلها بـ 48 ساعة.. وجاء ضرب اليمن من أجل التأثير على مصر.. وما حدث بعد 7 أكتوبر 2023، هو تمثيلية.. فكيف لطائرة مسيرة أن تنطلق من اليمن إلى جنوب إسرائيل، أي تقطع 930 كيلو، وأقصى سرعة من 180 إلى 200 كيلو في الساعة، أي تستغرق 10 ساعات، وأي “حد بنبلة” سيسقطها.. ونفس المعضلة تواجه الصواريخ البالستية".

أما د. محمد المخلافي، وزير الشؤون القانونية اليمني السابق، فأشار إلى أن "التجارب السابقة أثبتت أن تحقيق السلام ليس بالتمني.. مؤكدًا أن هناك ملايين في المخيمات، و80 % تحت خط الفقر، فالسلام هو الحل.. ولكنه لن يتحقق إلا بحل جذري للمشكلة.. والحل داخلي أولًا، وخارجي ثانيًّا".

وأردف بقوله: "هناك عدد من العوامل إذا لم يتم التغلب عليها فلا أمل في السلام.. أولا: الأطراف، فالحوثي ليست لديه أهلية، لعدة أسباب، عقائدية أيديولوجية، واقتصاد الحرب الذي يدار في عدة مناطق، فسيطرة الحوثي أوجدت طبقة ثرية.

أما السلطة الشرعية إلى الآن ليست مؤهلة لهزيمة مشروع الحوثي، وغير قادرة على إجبار المتمرد على تسليم الأرض لأنها فاسدة ومقيمة ومتعددة الولاءات، وهناك بالفعل، محاولات لتشكيل تحالف وطني لكنه لم تنجح بعد.. ولن يهزم مشروع الحوثي إلا حين يشعر أن الفائدة من السلام أكبر من الحرب".

أما د. نبيل نجم فقد انطلق في حديثه عن التسامح وأهميته في الدخول في عملية السلام وأن دول مثل اليمن والسودان وليبيا ومصر والحديث عن مستقبل السلام فيها يحتاج للتطرق لأسباب الحرب حتى لا يكون المستقبل عصي عن السلام وأن المنطقة تمر بإرهاصات دولية وتطورات خطيرة.

وأوضح نجم أن هناك استراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية رسمتها لخمسين سنة قادمة وأن المتبقي عليها ثمانية وعشرين عامًا، وأن هناك سعي حثيث إلى إيجاد تدمير ذاتي للإنسان وتحويل بعض الدول إلى جغرافيات فاشلة.

وخرجت الندوة بتوصيات أهمها:
أولًا: تأكيد الدعوة التي دعت إليها اللجنة اليمنية للسلام لتنظيم وإطلاق مؤتمر وطني جامع يضم حكماء وعقلاء اليمن الذين لم يشاركوا في الصراع وبمشاركة المرأة والشباب، الجميع يقومون بالتواصل مع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية والعمل على إيقاف الحرب بصورة نهائية وجلوس كافة الأطراف والمكونات على طاولة حوار يمنية تفضي إلى سلام عادل وشامل ومستدام.

ثانيًا: إقناع الأطراف اليمنية المختلفة بضرورة العمل معًا لإقامة الدولة المدنية الاتحادية الحديثة والتي تقوم على مبادئ العدالة والتسامح والمواطنة والدستور والقانون والانتقال السلمي للسلطة في ظل نظام ديمقراطي مع حق كل منطقة في إدارة نفسها بنفسها بصورة كاملة محليًّا.

ثالثًا: لابد بأن يعي الجميع بأن فوائد السلام أهم وأكبر من فوائد الحرب.
رابعًا: تأسيس خطاب إعلامي وطني يناهض الدعوة للكراهية ويتبنى نشر ثقافة الحوار والتسامح والمصالحة الوطنية.