> سالم حيدرة صالح:

الأوضاع الاقتصادية المتردية تفرض على أسر أبين ارتداء ملابس العيد القديمة
تدهور العملة وغلاء الأسعار يثقل كاهل الأسر في عيد الأضحى

> الكثير من المواطنين في محافظة أبين هجروا الأسواق لشراء ملابس العيد بسبب غلاء الأسعار بشكل مهول، حيث وصلت الأسعار إلى مستويات خيالية، مما حرم العديد من الأسر من فرحة استقبال عيد الأضحى المبارك وعدم تمكنهم من شراء ملابس العيد لأطفالهم.

وفي نظر أصحاب المحال التجارية، فإن الإقبال من قبل الزبائن ضعيف جدًا ولم يصل إلى 40 % بسبب الارتفاع في أسعار الملابس نتيجة تدهور صرف العملة المحلية وارتفاع سعر الدولار والريال السعودي الذي يتحكم بالأسعار. وقال أحمد الشرماني، صاحب محل بيع ملابس بمدينة زنجبار، إن الإقبال ضعيف للغاية وهناك ركود بسبب ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وكان لديه زبائن كثر، إلا أن هذا العام لم يبقَ منهم سوى القليل بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطن في المحافظات المحررة.

ارتفاع جنوني في أسعار الملابس لعيد الأضحى المبارك الذي حل ضيفًا ثقيلًا على المواطن الأبيني وأثقل كاهله بعد أن عجزت الكثير من الأسر عن شراء ملابس العيد لهذا العام، ولسان حالها يقول: "العين بصيرة واليد قصيرة".

وقال التربوي محمد أحمد حميد لصحيفة "الأيام" إنه هذا العام عجز عن شراء ملابس العيد لأطفاله الستة بسبب الغلاء الفاحش في الأسعار، ويفكر في بيع نصف عفش منزله من أجل شراء الملابس لأطفاله ليتمكنوا من الفرح، كون راتبه الشهري ضئيل لا يتعدى 60 ألف ريال، والعيد يحتاج إلى أضحية وملابس العيد بالإضافة إلى الكماليات من الزبيب والمكسرات، ولكن الفقر والجوع حرما الكثير من الأسر من هذه الفرحة.

وأكد أنه لم يشترِ كسوة العيد لأسرته لعدم قدرته على ذلك، وأن راتبه الضئيل لا يغطي كافة الاحتياجات، بالإضافة إلى عدم صرف العلاوة السنوية حتى الآن أسوة بالمكاتب الحكومية في أبين.

وقال مواطنون إن استغلال التجار وجشعهم واستغلالهم الفرص لعدم وجود رقابة من قبل السلطات المحلية التي تركت الحبل على الغارب ليتحكموا في الأسعار.

وقالت المواطنة زهراء حمود صالح إنها تعيل أسرة مكونة من ثمانية أطفال وزوجها مريض ومتقاعد براتب 40 ألف ريال لا يغطي احتياجات المنزل، وتعاني الأمرين.

وأشارت في حديثها لصحيفة "الأيام" إلى أنها لم تتمكن من شراء ملابس العيد لهذا العام لأطفالها الثمانية بسبب الفقر الذي تمر به وغلاء أسعار الملابس الذي حرم الأطفال من فرحة العيد، وستحاول أن تلبسهم ملابس قديمة.

وأوضح المواطن حسين محمد عبدالله من مديرية لودر أنه لم يتمكن من شراء ملابس عيد الأضحى المبارك لأطفاله الخمسة كونه عاطل عن العمل ويعمل في بيع الحطب من أجل توفير لقمة العيش لأسرته التي يعيلها، وأن الفقر والعوز وارتفاع أسعار الملابس والأضاحي حرم الكثير من فرحة العيد.

وأشار إلى أن المواطن الجنوبي لم يتوقع أن يصل إلى هذه الأوضاع من المعاناة والذل والحرمان، فالبعض ينظر إلى الملابس في المحال التجارية وهو غير قادر على شراء ملابس العيد لأطفاله، ويعود محملًا بالهم.

وقالت المواطنة أم أسعد إن الغلاء والفقر هما العنوان الأبرز لحياة المواطن الأبيني خاصة والجنوب عامة، بعد أن دخل الفقر كل منزل وهناك أسر لم تتحصل على قوت يومها. وأضافت أنها وزوجها عجِزا عن شراء ملابس العيد لأطفالهم وأيضًا الأضحية نتيجة الارتفاع الجنوني في الأسعار.

تحولت أسعار الأضاحي إلى خيالية بسبب ارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق، مما حرم المواطنين من شراء أضحية العيد. حيث بلغ سعر الخروف في سوق الأغنام والماشية بمدينة زنجبار إلى أسعار خيالية يعجز الموظف البسيط عن شرائها، ويضطر الكثير لشراء الدجاج بدلًا من الأضحية.


وقال وليد الربوعي، أحد تجار الأغنام، إن ارتفاع أسعار الكباش البلدي والتيوس وصلت إلى 300 ألف ريال نتيجة لتدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، الأمر الذي انعكس على المواطنين الذين عجز الكثير منهم عن شراء أضحية العيد لهذا العام. وللأمانة، هناك ركود في البيع والشراء نتيجة عزوف المواطنين وعدم قدرتهم.

وقال المواطن سنان صالح عبدالباري إن غلاء أسعار الأضاحي هذا العام أدى إلى "ذبح المواطن المغلوب على أمره"، مشيرًا إلى أن هناك جشع من قبل تجار المواشي الذين يحرمون المواطن من الأضحية.

وأشار إلى أنه حرم أطفاله من ملابس العيد وسيقومون بارتداء ملابس عيد الفطر من أجل شراء أضحية العيد كونه موظفًا وراتبه 100 ألف ريال.

وقال المواطن صالح ناصر إن أحد المواطنين دفع 200 ألف ريال لشراء كبش العيد من سوق الماشية بزنجبار، إلا أن صاحب الكبش رفض وأصر على 250 ألف ريال. هذا الارتفاع المهول في أسعار الأضاحي أدى إلى حرمان الأسر من لحمة العيد.

من جانبه، قال المواطن صلاح صالح أحمد إنه سيضطر إلى شراء دجاجة لأسرته بدلاً من الأضحية نتيجة الارتفاع الجنوني في أسعار المواشي، الأمر الذي أدى إلى حرمانهم من لحمة العيد.

وأشار في حديثه لصحيفة "الأيام" إلى أنه متقاعد عسكري براتب 30 ألف ريال وأسرته مكونة من ثمانية أشخاص، فلم يتمكن من شراء ملابس العيد ولا كبش العيد بعد أن وصل سعر الكباش إلى 300 ألف ريال وبعض المواشي وصلت أسعارها إلى 100 ألف ريال. الأوضاع المعيشية التي يمر بها المواطن أثقلته وانقلبت عليه.

وقال الإعلامي عارف علوان من مدينة لودر إن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون والارتفاع الجنوني في أسعار السلع الاستهلاكية والملابس والأضاحي وتدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية زاد الطين بلة.


وأشار إلى أن هناك أسرًا لم تتمكن من شراء ملابس العيد والأضاحي في مدينة لودر، وهذا ناتج عن الظروف الصعبة التي يمرون بها وحرب الخدمات التي يتعرض لها المواطن الجنوبي.

وأوضح المواطن نصر حمود ثابت من مديرية رصد بيافع أن الارتفاع الجنوني في أسعار الملابس والمواشي حرمه من شراء ملابس العيد لأطفاله. هذا الحال ينطبق على مواطني يافع بعد أن وصلت معاناتهم إلى هذا الوضع، فأصبحوا يعانون وينظرون إلى الملابس ولسان حالهم يقول: "العين بصيرة واليد قصيرة".

وأشار إلى أن السياسات التي تقوم بها الحكومات المتعاقبة من حرب الخدمات لإذلال المواطن الجنوبي وإجباره على الرضوخ هي التي حولت أوضاع المواطنين إلى هذا المستوى من الفقر والجوع، بعدما كانوا يعيشون في العز أيام دولة الجنوب. أما اليوم، فقد تغير الحال وأصبح الفقر والجوع سيد الموقف.

وقال المواطن أسامة يعقوب محمد من حارة الطميسي بمدينة زنجبار إن الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها كونه عاطلًا عن العمل ويعيل أسرة مكونة من سبعة أشخاص يعانون من الفقر ويقتصرون على وجبة أو وجبتين في اليوم. وأشار إلى أن الأطفال بحاجة لكسوة العيد، ولكن الأسعار المرتفعة جعلتهم غير قادرين على شراء الملابس لهم ولا أضحية العيد، وسيحتفلون بدجاجة إذا توفرت الظروف.

من جانبها، قالت المواطنة سعود صالح إن المواطن في أبين وصل إلى أوضاع مأساوية صعبة ومعقدة، حيث لا خدمات وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وما زاد الطين بلة هو الارتفاع الجنوني في أسعار الملابس، الأمر الذي فاقم المشكلة وحرم الأطفال من فرحة العيد. وأضافت أن أسعار المواشي أصبحت خيالية، ما حرمهم من الأضاحي، وسيضطرون لشراء دجاجة.

وأشارت إلى أن الأوضاع انعكست رأسًا على عقب على المواطن الغلبان الذي يصارع من أجل الحياة في توفير بعض الاحتياجات لأسرته، فهناك من يتلذذ بمعاناتهم وما وصلوا إليه من فقر وجوع وعوز، وهم الشعب الجنوبي الذي عاش في دولة النظام والقانون الجنوبية في الأيام الخوالي. واختتمت بقولها: "لا سامح من أوقعنا في هذه الوحدة المشؤومة".

وقال المواطن حيدرة أحمد عبدالله من مديرية مودية:"هرمنا من النكبات والمآسي والإذلال الذي يتعرض له شعب الجنوب الأبي من حرب شعواء على الخدمات والارتفاع الجنوني في الأسعار، مما جعل الفقر يدخل كل بيت في الجنوب. نحن الآن نتحسر على دولتنا الجنوبية بعد أن وقعنا في المصيدة. كان النظام في السابق يوفر للمواطن كل شيء، ولم نكن نعرف الارتفاع في الأسعار ولا الفقر، كنا نعيش بأمن وأمان لا إرهاب ولا حروب ولا أزمات، ولم نعرف الفساد والسرقة والثأر والجوع والفقر إلا في عهد الوحدة المشؤومة".

"الأيام".