> د .م صالح السحيقي:

​مدينة دمت واحدة من المناطق اليمنية البركانية حيث فوهات البراكين مفتوحة وظاهرة للعيان وتُرى داخلها المياه الساخنة.

"ثريد" هو الاسم القديم لهذه المنطقة المغطاة بطبقة من الصخور البركانية المنصهرة المكونة من ثوران البراكين قبل زمن غير معروف، وهذه الصخور تخفي تحتها شبكة أنفاق وسراديب تشكلت بعد انحسار الحمم البركانية منها وكلها متصلة عميقا بفتحة البركان الرئيسي المتصل بنواة الأرض حيث العجينة اللينة والضغط الهائل.

نواة الأرض وكتلتها الضخمة اللينة تحاول أن تجد لها فتحات ضعيفة في القشرة الأرضية تتنفس من خلالها بفعل الضغط الهائل والغازات المحبوسة، وكلما وجدت مكانًا ضعيفًا فوقها عبر القشرة الأرضية الواسعة ضغطت عليه حتى ينكسر ويحدث انفجار بركاني فتندفع الحمم والغازات إلى خارج قشرة الأرض، وأكثر الأماكن ضعفًا هي أعناق البراكين القديمة الخامدة التي انسدت بعد انفجارات متتالية في أزمنة مختلفة.
  • توقعات بركان مدينة دمت
تحت قشرة أرض مدينة دمت ومحيطها كما ذكرنا توجد شبكة أنفاق وتكهفات كثيرة، وهذه المنطقة تأتيها مياه الغيول السطحية من محيطها يغذيها سيل وادي بناء فتمتلئ تلك الكهوف والأنفاق بالمياه وتغور بأعماق كبيرة تحت الأرض ويحدث التالي:

- تغور المياه عميقا حتى تلامس القشرة الساخنة القريبة من النواة فتعمل على تبريد عنق البركان المنسد قليلا.

والشيء المهم جدا هو أن تلك المياه عند ملامستها العنق العميق للبركان تعمل على تبريده فتزداد صلابته، وهكذا فأن كتلة المياه المنتشرة داخل الأنفاق والتكهفات تلامس القشرة العميقة الساخنة فتأخذ منها جزء من حرارتها وتعمل على تبريدها فتظل (سدة عنق البركان) قوية تقاوم ضغط نواة الأرض اللينة من الأسفل ولا تقدر على كسرها، بما معناه تأخير حدوث الانفجارات البركانية بقدرة الله.

- حين ترتفع درجة حرارة المياه وتختلط بالمعادن الذائبة بعد ملامستها القشرة الحارة السفلية تعود وتندفع إلى الأعلى وهي ساخنة وتخرج عبر فتحات كما نراها في الحمامات البخارية لتستمر هذه الحالة دون توقف طالما ومياه الغيول مستمرة في التدفق نحو عنق البركان، والشيء المهم حين ترتفع المياه للأعلى وهي مضغوطة فأنها تعمل على معادلة الضغط تحت طبقة قشرة الصخور العلوية وتساعد على ثباتها وتحول دون حدوث أي انكسارات تحتها بفعل أي أوزان ثقيلة وخاصة ثقل البناء والعمران، وهكذا نجد بأن كتلة المياه داخل التجاويف تحت قشرة صخور المدينة وما حولها تعمل على تبريد عنق البركان وأخلاقه تحت الأرض وتعمل على تماسك القشرة العلوية الملامسة للماء لأن كتلة المياه تضغط عليها للأعلى (فعل عكسي) فتظل القشرة قوية بدون حدوث أي انكسار.
  • النتائج المتوقعة من استنزاف المياه
بسبب استنزاف المياه والجفاف يحدث انخفاض في كمية المياه المنسابة للأسفل كثيرا أو قد تنعدم وهنا يحدث أمران غير جيدان:
- عند تناقص كمية المياه في الأسفل على المعتاد تزداد سخونة القشرة الأرضية السفلى عند عنق البراكين فيقل تبريد تلك القشرة الساخنة وتضعف فتضغط عليها غازات وحمم النواة حتى تكسرها فتخرج الحمم والغازات لتتنفس وقد تتسب بحدوث انفجار بركاني لا سمح الله.

- التكهفات والسراديب التي أصبحت فارغة من المياه القريبة من سطح الأرض يحل فيها الفراغ بدلا عن المياه مما يضعف قشرة الأرض فوقها وتصبح غير قادرة على تحمل ثقل المباني مما يعني حدوث انكسار بفعل ثقل الأوزان فوقها خاصة من المباني الكبيرة.

لذلك فمن الواجب أخذ الحيطة والحذر من الآن... هذا الكلام والتحليل تم نشره من قبلنا في جريدة الثورة قبل أكثر من خمسة عشر عاما دون أن يلتفت إليه أحد.

ها نحن الآن نعيد النشر بتحليل أكثر دقة لتحاشي حدوث الكوارث الكبيرة في أي زمن قادم، لأن بوادر نضوب مياه الحمم وتراجع منسوب المياه للأسفل داخل الحرضة الكبيرة وفوهات البراكين الصغيرة المنتشرة حول مدينة دمت وانقطاع مياه بعض الحمم الشهيرة إنما هي مؤشرات نحو هذه الاحتمالات.
ربنا يحمي مدينة دمت وما حولها من أي كوارث... الاحتياطات واجبة.