> بيروت "الأيام" العرب اللندنية:
أثار القصف المتواصل بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في الأيام الأخيرة مخاوف على نطاق واسع من أن الجانبين يتحركان بلا هوادة باتجاه حرب شاملة، رغم الدعوات الدولية لضبط النفس. ويتساؤل مراقبون حول ما يأمل الطرفان المتنازعان في تحقيقه من خلال تصعيد الهجمات المتبادلة، وما إذا كانت هناك أي فرصة لتجنب التصعيد الكامل.
يقر مسؤولون إسرائيليون بأنه لم تعد لديهم خيارات للردّ على حزب الله، بعدما استهدف الجيش الإسرائيلي البلدات المحاذية للحدود الشمالية مع لبنان لمدة عام تقريبا. وقال مسؤول عسكري اشترط عدم الكشف عن اسمه، في إيجاز صحفي الاثنين، “لقد حولت أفعال حزب الله جنوب لبنان إلى ساحة معركة”.
وأوضح أن أهداف العملية الإسرائيلية الأخيرة هي تقليص التهديد الذي يشكله حزب الله، وإبعاد مقاتليه عن الحدود وتدمير البنية التحتية التي بنتها قوة رضوان، وحدة النخبة في الحزب.
ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي مايكل هورويتز إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يريد الضغط على حزب الله ليوقف قصفه للأراضي الإسرائيلية حتى من دون اتفاق وقف إطلاق نار في غزة، وهو الشرط الذي وضعه الحزب والفصائل الأخرى المدعومة من إيران لوقف هجماتهما على إسرائيل.
ويضيف “أعتقد أن الإستراتيجية الإسرائيلية واضحة: تريد إسرائيل أن تمارس الضغط على حزب الله تدريجيا، والضرب بقوة أكبر، لإرغامه على إعادة التفكير في إستراتيجيته للانحياز في ما يتعلق بغزة… لكنّ الجانبين يدركان مخاطر الحرب الشاملة، ما يعني أنها ليست حتمية”.
وخاض حزب الله وإسرائيل حربا مدمرة استمرت 34 يوما في صيف عام 2006، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون، ونحو 160 إسرائيليا معظمهم جنود.
ويشرح هورويتز أن “الوضع الحالي خطير للغاية، لكنه في نظري لا يزال يترك مجالا للدبلوماسية لتجنب الأسوأ”. وتقول الضابطة السابقة في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية العقيد ميري إيسن إن القيادة الإسرائيلية ترى أن تصعيد العمليات العسكرية ضد حزب الله خطوة أساسية نحو التوصل إلى أي اتفاق لخفض التصعيد.
وتؤكد الباحثة في المعهد الدولي الإسرائيلي لمكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان أن “اللغة التي يتحدث بها (حزب الله) هي لغة العنف والقوة وهذا يعني أن الإجراءات ضده مهمة للغاية”. وتضيف “أتمنى لو كان الأمر مختلفا. لكنني لم أر أي لغة أخرى تفلح”.
وفي الوقت الحالي يقول مسؤولون إسرائيليون إنهم يركزون على العمليات الجوية، لكن إيسن تشير إلى أنه قد يصدر أمر ببدء عملية برية لتحقيق هدف أوسع، وهو ضمان شلّ قدرة حزب الله على تنفيذ أي هجمات مماثلة للهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي.
وترى إيسن أن “هناك إمكانية لشن عملية برية لأننا في النهاية نحتاج إلى إبعاد قوات حزب الله” عن الحدود. وبعد صفعات موجعة تلقاها حزب الله الأسبوع الماضي، إثر تفجير أجهزة اتصالاته ثم اغتيال قادة قوات النخبة في صفوفه، أعلن الحزب على لسان نائب أمينه العام نعيم قاسم الأحد أن الحزب دخل “مرحلة جديدة” من المواجهات مع إسرائيل عنوانها “الحساب المفتوح”.
لكن إسرائيل سرعان ما بدأت في وقت مبكر الاثنين توجيه العشرات من الغارات الجوية غير المسبوقة على امتداد الجنوب اللبناني وفي منطقة البقاع شرقا. وأدت الغارات إلى مقتل نحو 500 شخص، وفق وزارة الصحة اللبنانية، وفرار آلاف العائلات من منازلهم في جنوب لبنان، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد من حرب 2006.
وينبّه مصدر من حزب الله، متحفظا على كشف اسمه، في تصريح لوكالة فرانس برس، من أن “الأمور تتخذ منحى تصعيديا لنصل إلى مشهد شبيه بمشهد حرب 2006”. وترى الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد أن حزب الله يشعر بأنه مضطر إلى الرد على إسرائيل بعد الضربات القاسية التي تلقاها أخيرا، لكنه سيسعى إلى ضبط رده لئلا يؤدي ذلك إلى إشعال فتيل حرب شاملة.
وكثّف حزب الله عملياته ضد إسرائيل بعد مقتل قائد عملياته في جنوب لبنان فؤاد شكر بغارة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية في 30 يوليو. وتقول سعد “على الأرجح سيكون هناك مجددا نوع من الرد، من دون الوصول إلى مستوى الحرب، بمعنى أنه سيكون تصعيدا مضبوطا، لكن سيكون نوعيا ومختلفا”.
وبغضّ النظر عما إذا كان يمكن تجنّب الحرب أم لا، ترى سعد أن “قرار الحرب ليس في يد حزب الله” رغم أن إسرائيل “تستفزّه بكل الوسائل الممكنة”. وتعرب عن اعتقادها بأنه سيستعيد تجربة مواجهاته مع الجيش الإسرائيلي عند آخر توغل بري في جنوب لبنان، مع إدراكه أنه أقوى عسكريا من حليفته حركة حماس التي تقاتل القوات الإسرائيلية في غزة منذ قرابة عام.
وتشرح سعد أن الحزب “متمكن للغاية، وأقول أكثر فاعلية من إسرائيل، عندما يتعلق الأمر بحرب برية… وقد رأينا ذلك تاريخيا، خصوصا عام 2006”. وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأسبوع الماضي أن بإمكان مقاتليه منازلة الجنود الإسرائيليين في الميدان في جنوب لبنان وقصف شمال إسرائيل بالصواريخ في آن واحد، إذا أرادت إسرائيل التوغل في لبنان لإقامة منطقة عازلة. وحذّر نصرالله من أن “هذا الحزام الأمني” سيتحول إلى “فخ وإلى كمين.. لجيشكم إذا أحببتم أن تأتوا إلى أرضنا”.
ونبّهت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير نشرته الاثنين إلى أن التصعيد الأخير “تترتّب عليه مخاطر جسيمة”. وقالت “ربما اقتربت اللحظة التي يقرر فيها حزب الله أن الرد الشامل وحده يمكنه أن يثني إسرائيل عن تنفيذ المزيد من الهجمات التي تضعفه أكثر”. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأحد، قبل ساعات من بدء تل أبيب تصعيدًا هو الأعنف على مناطق واسعة في لبنان، “إذا فشل العالم في سحب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، فإن إسرائيل ستفعل ذلك”.
وتعود معضلة نهر الليطاني إلى عام 2006، وتحديدا يوم 11 أغسطس، عندما تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 1701 الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين حزب الله وإسرائيل، لينهي جولة عنيفة من الحرب بين الجانبين بدأت في 12 يوليو 2006.
ودعا القرار آنذاك إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).
ويعد الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة عقب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في مايو عام 2000، بمنزلة حدود بين الجانبين، أما نهر الليطاني فهو أهم الأنهر اللبنانية ويصب في البحر المتوسط على بعد نحو 70 كيلومترًا جنوب العاصمة بيروت.
وبخصوص العمق الذي يفصل الخط الأزرق عن مجرى النهر فيبلغ في حده الأقصى 28 كيلومترا في القطاع الأوسط، فيما يبلغ في حده الأدنى 6 كيلومترات في أقصى القطاع الشرقي. ويبلغ طول الحدود بين لبنان وإسرائيل من مزارع شبعا شرقًا إلى رأس الناقورة غربا حوالي 76 كيلومترًا، أما طول الساحل الجنوبي ما بعد الليطاني فيبلغ نحو 30 كيلومترًا.
وتبلغ المساحة الكلية لجنوب الليطاني حوالي 850 كيلومترا مربعا، ويقطنه نحو 200 ألف نسمة، 75 في المئة منهم من الطائفة الشيعية، في حين تتوزع نسبة الـ25 في المئة المتبقية على السنّة والدروز والمسيحيين. ويمثل هذه المنطقة في مجلس النواب اللبناني البالغ عدد أعضائه 128 نائبا، 9 نواب من الشيعة و3 نواب لأقليات جنوب الليطاني، وتعمل في جنوب الليطاني قوات اليونيفيل منذ 28 عاما وفقا للقرار الدولي رقم 425.
ويبلغ طول مجرى الليطاني (يتجه من الشرق إلى الغرب) 170 كيلومترا، ويشكل العصب المائي للبنان، وترتكز عليه مخططات الإنماء المائي الزراعي المتكامل لمناطق البقاع الجنوبي وجنوب لبنان. فالمنطقة تعتمد عليه لري مساحة 54 ألف هكتار ولتزويد 264 بلدة وقرية يبلغ مجموع سكانها الحالي 794 ألف نسمة، أي حوالي خُمس سكان لبنان، بالماء.
ويطالب القرار 1701 الحكومة اللبنانية واليونيفيل بنشر قواتهما في منطقة جنوب الليطاني، كما يدعو إسرائيل عند بدء عملية الانتشار هذه إلى سحب كل قواتها إلى ما وراء الخط الأزرق.
وتصر إسرائيل على انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، حيث تقترح تل أبيب انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في المنطقة ما بين الحدود وجنوب النهر. وتقول إسرائيل إن الغاية من ذلك هي إبعاد الحزب عن حدودها ومنعه من تهديد أو استهداف المستوطنات الشمالية وجعل المنطقة منزوعة السلاح كما نص القرار الدولي 1701 وجعل السلطة فيها فقط للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
ويرى مراقبون أنه بالنظر إلى سكان جنوب الليطاني الذين يشكل الشيعة 75 في المئة منهم، يمكن استخلاص جزء من سبب تمسك حزب الله بالبقاء في المنطقة ورفض الانسحاب إلى ما وراء الليطاني. وبالإشارة إلى أن الحزب يملك أسلحة بعيدة المدى، فقد يعني ذلك أن الإصرار على “معضلة” الليطاني ليس مصيريا فعلا بقدر ما هو حجّة لإسرائيل لسحب ورقة الحزب من الأراضي المواجهة لها، في مرحلة أولية لتوجيهه أكثر إلى الداخل اللبناني.
يقر مسؤولون إسرائيليون بأنه لم تعد لديهم خيارات للردّ على حزب الله، بعدما استهدف الجيش الإسرائيلي البلدات المحاذية للحدود الشمالية مع لبنان لمدة عام تقريبا. وقال مسؤول عسكري اشترط عدم الكشف عن اسمه، في إيجاز صحفي الاثنين، “لقد حولت أفعال حزب الله جنوب لبنان إلى ساحة معركة”.
وأوضح أن أهداف العملية الإسرائيلية الأخيرة هي تقليص التهديد الذي يشكله حزب الله، وإبعاد مقاتليه عن الحدود وتدمير البنية التحتية التي بنتها قوة رضوان، وحدة النخبة في الحزب.
ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي مايكل هورويتز إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يريد الضغط على حزب الله ليوقف قصفه للأراضي الإسرائيلية حتى من دون اتفاق وقف إطلاق نار في غزة، وهو الشرط الذي وضعه الحزب والفصائل الأخرى المدعومة من إيران لوقف هجماتهما على إسرائيل.
ويضيف “أعتقد أن الإستراتيجية الإسرائيلية واضحة: تريد إسرائيل أن تمارس الضغط على حزب الله تدريجيا، والضرب بقوة أكبر، لإرغامه على إعادة التفكير في إستراتيجيته للانحياز في ما يتعلق بغزة… لكنّ الجانبين يدركان مخاطر الحرب الشاملة، ما يعني أنها ليست حتمية”.
وخاض حزب الله وإسرائيل حربا مدمرة استمرت 34 يوما في صيف عام 2006، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون، ونحو 160 إسرائيليا معظمهم جنود.
ويشرح هورويتز أن “الوضع الحالي خطير للغاية، لكنه في نظري لا يزال يترك مجالا للدبلوماسية لتجنب الأسوأ”. وتقول الضابطة السابقة في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية العقيد ميري إيسن إن القيادة الإسرائيلية ترى أن تصعيد العمليات العسكرية ضد حزب الله خطوة أساسية نحو التوصل إلى أي اتفاق لخفض التصعيد.
وتؤكد الباحثة في المعهد الدولي الإسرائيلي لمكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان أن “اللغة التي يتحدث بها (حزب الله) هي لغة العنف والقوة وهذا يعني أن الإجراءات ضده مهمة للغاية”. وتضيف “أتمنى لو كان الأمر مختلفا. لكنني لم أر أي لغة أخرى تفلح”.
وفي الوقت الحالي يقول مسؤولون إسرائيليون إنهم يركزون على العمليات الجوية، لكن إيسن تشير إلى أنه قد يصدر أمر ببدء عملية برية لتحقيق هدف أوسع، وهو ضمان شلّ قدرة حزب الله على تنفيذ أي هجمات مماثلة للهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي.
وترى إيسن أن “هناك إمكانية لشن عملية برية لأننا في النهاية نحتاج إلى إبعاد قوات حزب الله” عن الحدود. وبعد صفعات موجعة تلقاها حزب الله الأسبوع الماضي، إثر تفجير أجهزة اتصالاته ثم اغتيال قادة قوات النخبة في صفوفه، أعلن الحزب على لسان نائب أمينه العام نعيم قاسم الأحد أن الحزب دخل “مرحلة جديدة” من المواجهات مع إسرائيل عنوانها “الحساب المفتوح”.
لكن إسرائيل سرعان ما بدأت في وقت مبكر الاثنين توجيه العشرات من الغارات الجوية غير المسبوقة على امتداد الجنوب اللبناني وفي منطقة البقاع شرقا. وأدت الغارات إلى مقتل نحو 500 شخص، وفق وزارة الصحة اللبنانية، وفرار آلاف العائلات من منازلهم في جنوب لبنان، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد من حرب 2006.
وينبّه مصدر من حزب الله، متحفظا على كشف اسمه، في تصريح لوكالة فرانس برس، من أن “الأمور تتخذ منحى تصعيديا لنصل إلى مشهد شبيه بمشهد حرب 2006”. وترى الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد أن حزب الله يشعر بأنه مضطر إلى الرد على إسرائيل بعد الضربات القاسية التي تلقاها أخيرا، لكنه سيسعى إلى ضبط رده لئلا يؤدي ذلك إلى إشعال فتيل حرب شاملة.
وكثّف حزب الله عملياته ضد إسرائيل بعد مقتل قائد عملياته في جنوب لبنان فؤاد شكر بغارة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية في 30 يوليو. وتقول سعد “على الأرجح سيكون هناك مجددا نوع من الرد، من دون الوصول إلى مستوى الحرب، بمعنى أنه سيكون تصعيدا مضبوطا، لكن سيكون نوعيا ومختلفا”.
وبغضّ النظر عما إذا كان يمكن تجنّب الحرب أم لا، ترى سعد أن “قرار الحرب ليس في يد حزب الله” رغم أن إسرائيل “تستفزّه بكل الوسائل الممكنة”. وتعرب عن اعتقادها بأنه سيستعيد تجربة مواجهاته مع الجيش الإسرائيلي عند آخر توغل بري في جنوب لبنان، مع إدراكه أنه أقوى عسكريا من حليفته حركة حماس التي تقاتل القوات الإسرائيلية في غزة منذ قرابة عام.
وتشرح سعد أن الحزب “متمكن للغاية، وأقول أكثر فاعلية من إسرائيل، عندما يتعلق الأمر بحرب برية… وقد رأينا ذلك تاريخيا، خصوصا عام 2006”. وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأسبوع الماضي أن بإمكان مقاتليه منازلة الجنود الإسرائيليين في الميدان في جنوب لبنان وقصف شمال إسرائيل بالصواريخ في آن واحد، إذا أرادت إسرائيل التوغل في لبنان لإقامة منطقة عازلة. وحذّر نصرالله من أن “هذا الحزام الأمني” سيتحول إلى “فخ وإلى كمين.. لجيشكم إذا أحببتم أن تأتوا إلى أرضنا”.
ونبّهت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير نشرته الاثنين إلى أن التصعيد الأخير “تترتّب عليه مخاطر جسيمة”. وقالت “ربما اقتربت اللحظة التي يقرر فيها حزب الله أن الرد الشامل وحده يمكنه أن يثني إسرائيل عن تنفيذ المزيد من الهجمات التي تضعفه أكثر”. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأحد، قبل ساعات من بدء تل أبيب تصعيدًا هو الأعنف على مناطق واسعة في لبنان، “إذا فشل العالم في سحب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، فإن إسرائيل ستفعل ذلك”.
وتعود معضلة نهر الليطاني إلى عام 2006، وتحديدا يوم 11 أغسطس، عندما تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 1701 الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين حزب الله وإسرائيل، لينهي جولة عنيفة من الحرب بين الجانبين بدأت في 12 يوليو 2006.
ودعا القرار آنذاك إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).
ويعد الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة عقب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في مايو عام 2000، بمنزلة حدود بين الجانبين، أما نهر الليطاني فهو أهم الأنهر اللبنانية ويصب في البحر المتوسط على بعد نحو 70 كيلومترًا جنوب العاصمة بيروت.
وبخصوص العمق الذي يفصل الخط الأزرق عن مجرى النهر فيبلغ في حده الأقصى 28 كيلومترا في القطاع الأوسط، فيما يبلغ في حده الأدنى 6 كيلومترات في أقصى القطاع الشرقي. ويبلغ طول الحدود بين لبنان وإسرائيل من مزارع شبعا شرقًا إلى رأس الناقورة غربا حوالي 76 كيلومترًا، أما طول الساحل الجنوبي ما بعد الليطاني فيبلغ نحو 30 كيلومترًا.
وتبلغ المساحة الكلية لجنوب الليطاني حوالي 850 كيلومترا مربعا، ويقطنه نحو 200 ألف نسمة، 75 في المئة منهم من الطائفة الشيعية، في حين تتوزع نسبة الـ25 في المئة المتبقية على السنّة والدروز والمسيحيين. ويمثل هذه المنطقة في مجلس النواب اللبناني البالغ عدد أعضائه 128 نائبا، 9 نواب من الشيعة و3 نواب لأقليات جنوب الليطاني، وتعمل في جنوب الليطاني قوات اليونيفيل منذ 28 عاما وفقا للقرار الدولي رقم 425.
ويبلغ طول مجرى الليطاني (يتجه من الشرق إلى الغرب) 170 كيلومترا، ويشكل العصب المائي للبنان، وترتكز عليه مخططات الإنماء المائي الزراعي المتكامل لمناطق البقاع الجنوبي وجنوب لبنان. فالمنطقة تعتمد عليه لري مساحة 54 ألف هكتار ولتزويد 264 بلدة وقرية يبلغ مجموع سكانها الحالي 794 ألف نسمة، أي حوالي خُمس سكان لبنان، بالماء.
ويطالب القرار 1701 الحكومة اللبنانية واليونيفيل بنشر قواتهما في منطقة جنوب الليطاني، كما يدعو إسرائيل عند بدء عملية الانتشار هذه إلى سحب كل قواتها إلى ما وراء الخط الأزرق.
وتصر إسرائيل على انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، حيث تقترح تل أبيب انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في المنطقة ما بين الحدود وجنوب النهر. وتقول إسرائيل إن الغاية من ذلك هي إبعاد الحزب عن حدودها ومنعه من تهديد أو استهداف المستوطنات الشمالية وجعل المنطقة منزوعة السلاح كما نص القرار الدولي 1701 وجعل السلطة فيها فقط للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
ويرى مراقبون أنه بالنظر إلى سكان جنوب الليطاني الذين يشكل الشيعة 75 في المئة منهم، يمكن استخلاص جزء من سبب تمسك حزب الله بالبقاء في المنطقة ورفض الانسحاب إلى ما وراء الليطاني. وبالإشارة إلى أن الحزب يملك أسلحة بعيدة المدى، فقد يعني ذلك أن الإصرار على “معضلة” الليطاني ليس مصيريا فعلا بقدر ما هو حجّة لإسرائيل لسحب ورقة الحزب من الأراضي المواجهة لها، في مرحلة أولية لتوجيهه أكثر إلى الداخل اللبناني.