> واشنطن "الأيام" وكالات:
واشنطن "الأيام" العرب اللندنية:مع كل تطور كبير في الصراع بين إسرائيل والدول العربية يخرج القادة الإسرائيليون بالحديث عن “شرق أوسط جديد”. فعندما قاد آرييل شارون كوزير للدفاع الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982 تحدث عن نظام جديد في الشرق الأوسط يضم لبنانا حرّا تحت قيادة حكومة مارونية موالية للغرب، ودولة فلسطينية في الأردن، بعد غزو لبنان والقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية وضمان أمن إسرائيل.
ويقول ليون هادار الباحث والكاتب في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست إنه في أعقاب توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 بشر رئيس وزراء إسرائيل شيمون بيريز والصحافي الأميركي توماس فريدمان بـ“شرق أوسط جديد” يؤسس فيه الشباب الفلسطينيون والإسرائيليون شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا المتقدمة بدلا من محاربة بعضهم البعض، وستقتلع السيارة لكزس الفارهة شجرة الزيتون رمز الوجود الفلسطيني لتعلن “نهاية التاريخ”، وهي الرؤية التي عرضها فريدمان في كتابه الشهير “اللكزس وشجرة الزيتون”.
وبعد ذلك كان المفترض ظهور “شرق أوسط موال للولايات المتحدة” بدءا بالعراق، بعد أن تبنى الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن إستراتيجية “تغيير أنظمة الحكم” و”دعم الديمقراطية” في الشرق الأوسط خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وتلا ذلك “الربيع العربي” في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين والذي كان من المتوقع أن يطلق موجة ثورات ليبرالية تقدمية في الشرق الأوسط يقيادة الشباب الذين احتشدوا في ميدان التحرير بالقاهرة لإسقاط حكم الرئيس الراحل حسني مبارك.
ثم تجدد الحديث عن “شرق أوسط جديد أفضل” بعد توقيع اتفاقيات “السلام الإبراهيمي” عام 2020 والذي أدى إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وتشكيل تحالف إستراتيجي عربي – إسرائيلي لاحتواء إيران.
والآن أعاد نجاح إسرائيل في توجيه ضربة عسكرية قوية إلى إيران وعملائها في الشرق الأوسط الحديث عن نظام جديد في المنطقة، يشمل قيام لبنان حر على أنقاض الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
ومع تقليص النفوذ الإيراني قد يصبح التقارب الإسرائيلي السعودي ممكنا في هيئة “تحالف إبراهيمي” على غرار منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي رسالة موجهة إلى الشعب الإيراني، روج بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل لفكرة تغيير نظام الحكم وتحدث عن شرق أوسط جديد يعيش فيه الشعبان الفارسي واليهودي في سلام.
ويقول ليون هادار الباحث الزميل في دراسات السياسة الخارجية سابقا في معهد كاتو الأميركي والذي عمل مدرسا في الجامعة الأميركية بواشنطن، إنه لا خطأ في الحلم بحلم مستحيل أو على الأقل التطلع إلى أيام أفضل قادمة.
ولكن المشكلة هي أن القادة السياسيين، أحيانا، يأخذون أوهامهم على محمل الجد ويوظفونها لحشد الدعم لسياسات مكلفة. وكما يقول المثل “الطريق إلى الجحيم مفروش بالنوايا الطيبة”.
وعندما نعود عقودا إلى الوراء نجد أن أحلام شارون ورطت إسرائيل في حرب كارثية بلبنان انتهت بانسحابها أمام حزب الله وقبل ذلك باغتيال الرئيس اللبناني الماروني بشير الجميل، وبقيت منظمة التحرير الفلسطينية، ثم نشبت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 وأجج اتفاق أوسلو عام 1993 التوقعات بتحقيق السلام، لكنه فشل.
وفي ما بعد فشل الرئيس الأميركي بيل كلينتون في تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1999، لتشتعل الانتفاضة الثانية. وبعد ذلك قرر شارون الانسحاب من قطاع غزة من جانب واحد عام 2005.
ثم أثبت الغزو الأميركي للعراق والإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين عام2003 أنه كارثة إستراتيجية ذات أبعاد تاريخية، في حين تحول التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان إلى أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة.
وأدت هذه الحروب إلى انهيار توازن القوة في الشرق الأوسط، وهو ما سمح لإيران بالتحول إلى قوة إقليمية مهيمنة تقود مجموعة من الميليشيات الشيعية التابعة لها في العديد من الدول العربية.
وإذا عدنا إلى الوراء قليلا سنجد أن محاولة نتنياهو تهميش القضية الفلسطينية من خلال اتفاقات السلام الإبراهيمي كانت خطأ كبيرا قاد إلى انفجار هجمات 7 أكتوبر في وجه إسرائيل، وبدا أن إيران وحلفاءها ظهروا كفائزين إستراتيجيين، على الأقل لفترة من الوقت.
وفي الوقت نفسه سيكون من الخطأ اعتبار نجاح إسرائيل في تبديد مكاسب إيران ووكلائها فرصة جديدة للإعلان عن شرق أوسط جديد. ولسوء الحظ فنحن سنظل مع نفس الشرق الأوسط القديم. وسيظل حزب الله لاعبا سياسيا وعسكريا مهمّا في لبنان.
ومن غير المحتمل أن تغير الضربات الأخيرة التي تعرض لها ميزان القوة في هذه الدولة. كما أن إسرائيل ليست في موقف يتيح لها “هزيمة” إيران. ويكاد يكون من المؤكد أن يؤدي أيّ تحرك انتقامي من جانب إسرائيل ضد إيران، وخاصة ضرب مواقعها النووية والنفطية إلى نشوب حرب إقليمية قد تجذب الولايات المتحدة إليها في نهاية المطاف.
وأي تدخل عسكري أميركي من شأنه أن يؤدي إلى هجمات إيرانية على المواقع العسكرية الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وهو ما يعني الإضرار بمصالح إسرائيل على المدى الطويل.
والحقيقة أن تورط الولايات المتحدة في حرب أخرى في الشرق الأوسط، وهذه المرة كجزء من جهودها الرامية إلى حماية إسرائيل، قد يشعل شرارة ردة فعل سياسية معادية لإسرائيل في الولايات المتحدة. ثم إن التدخل العسكري الأميركي الجديد في حرب الشرق الأوسط قد يؤدي إلى تسريع فك الارتباط الأميركي بالشرق الأوسط، وهو ما يعتبر، بالمصادفة، الهدف الأساسي لإيران.
ويقول ليون هادار الباحث والكاتب في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست إنه في أعقاب توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 بشر رئيس وزراء إسرائيل شيمون بيريز والصحافي الأميركي توماس فريدمان بـ“شرق أوسط جديد” يؤسس فيه الشباب الفلسطينيون والإسرائيليون شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا المتقدمة بدلا من محاربة بعضهم البعض، وستقتلع السيارة لكزس الفارهة شجرة الزيتون رمز الوجود الفلسطيني لتعلن “نهاية التاريخ”، وهي الرؤية التي عرضها فريدمان في كتابه الشهير “اللكزس وشجرة الزيتون”.
وبعد ذلك كان المفترض ظهور “شرق أوسط موال للولايات المتحدة” بدءا بالعراق، بعد أن تبنى الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن إستراتيجية “تغيير أنظمة الحكم” و”دعم الديمقراطية” في الشرق الأوسط خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وتلا ذلك “الربيع العربي” في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين والذي كان من المتوقع أن يطلق موجة ثورات ليبرالية تقدمية في الشرق الأوسط يقيادة الشباب الذين احتشدوا في ميدان التحرير بالقاهرة لإسقاط حكم الرئيس الراحل حسني مبارك.
ثم تجدد الحديث عن “شرق أوسط جديد أفضل” بعد توقيع اتفاقيات “السلام الإبراهيمي” عام 2020 والذي أدى إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وتشكيل تحالف إستراتيجي عربي – إسرائيلي لاحتواء إيران.
والآن أعاد نجاح إسرائيل في توجيه ضربة عسكرية قوية إلى إيران وعملائها في الشرق الأوسط الحديث عن نظام جديد في المنطقة، يشمل قيام لبنان حر على أنقاض الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
ومع تقليص النفوذ الإيراني قد يصبح التقارب الإسرائيلي السعودي ممكنا في هيئة “تحالف إبراهيمي” على غرار منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي رسالة موجهة إلى الشعب الإيراني، روج بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل لفكرة تغيير نظام الحكم وتحدث عن شرق أوسط جديد يعيش فيه الشعبان الفارسي واليهودي في سلام.
ويقول ليون هادار الباحث الزميل في دراسات السياسة الخارجية سابقا في معهد كاتو الأميركي والذي عمل مدرسا في الجامعة الأميركية بواشنطن، إنه لا خطأ في الحلم بحلم مستحيل أو على الأقل التطلع إلى أيام أفضل قادمة.
ولكن المشكلة هي أن القادة السياسيين، أحيانا، يأخذون أوهامهم على محمل الجد ويوظفونها لحشد الدعم لسياسات مكلفة. وكما يقول المثل “الطريق إلى الجحيم مفروش بالنوايا الطيبة”.
وعندما نعود عقودا إلى الوراء نجد أن أحلام شارون ورطت إسرائيل في حرب كارثية بلبنان انتهت بانسحابها أمام حزب الله وقبل ذلك باغتيال الرئيس اللبناني الماروني بشير الجميل، وبقيت منظمة التحرير الفلسطينية، ثم نشبت الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 وأجج اتفاق أوسلو عام 1993 التوقعات بتحقيق السلام، لكنه فشل.
وفي ما بعد فشل الرئيس الأميركي بيل كلينتون في تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1999، لتشتعل الانتفاضة الثانية. وبعد ذلك قرر شارون الانسحاب من قطاع غزة من جانب واحد عام 2005.
ثم أثبت الغزو الأميركي للعراق والإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين عام2003 أنه كارثة إستراتيجية ذات أبعاد تاريخية، في حين تحول التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان إلى أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة.
وأدت هذه الحروب إلى انهيار توازن القوة في الشرق الأوسط، وهو ما سمح لإيران بالتحول إلى قوة إقليمية مهيمنة تقود مجموعة من الميليشيات الشيعية التابعة لها في العديد من الدول العربية.
وإذا عدنا إلى الوراء قليلا سنجد أن محاولة نتنياهو تهميش القضية الفلسطينية من خلال اتفاقات السلام الإبراهيمي كانت خطأ كبيرا قاد إلى انفجار هجمات 7 أكتوبر في وجه إسرائيل، وبدا أن إيران وحلفاءها ظهروا كفائزين إستراتيجيين، على الأقل لفترة من الوقت.
وفي الوقت نفسه سيكون من الخطأ اعتبار نجاح إسرائيل في تبديد مكاسب إيران ووكلائها فرصة جديدة للإعلان عن شرق أوسط جديد. ولسوء الحظ فنحن سنظل مع نفس الشرق الأوسط القديم. وسيظل حزب الله لاعبا سياسيا وعسكريا مهمّا في لبنان.
ومن غير المحتمل أن تغير الضربات الأخيرة التي تعرض لها ميزان القوة في هذه الدولة. كما أن إسرائيل ليست في موقف يتيح لها “هزيمة” إيران. ويكاد يكون من المؤكد أن يؤدي أيّ تحرك انتقامي من جانب إسرائيل ضد إيران، وخاصة ضرب مواقعها النووية والنفطية إلى نشوب حرب إقليمية قد تجذب الولايات المتحدة إليها في نهاية المطاف.
وأي تدخل عسكري أميركي من شأنه أن يؤدي إلى هجمات إيرانية على المواقع العسكرية الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وهو ما يعني الإضرار بمصالح إسرائيل على المدى الطويل.
والحقيقة أن تورط الولايات المتحدة في حرب أخرى في الشرق الأوسط، وهذه المرة كجزء من جهودها الرامية إلى حماية إسرائيل، قد يشعل شرارة ردة فعل سياسية معادية لإسرائيل في الولايات المتحدة. ثم إن التدخل العسكري الأميركي الجديد في حرب الشرق الأوسط قد يؤدي إلى تسريع فك الارتباط الأميركي بالشرق الأوسط، وهو ما يعتبر، بالمصادفة، الهدف الأساسي لإيران.