> ​الرياض "الأيام" العرب اللندنية:

يحمل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في جولته التي بدأت الثلاثاء رسائل إلى دول الخليج مرتبكة؛ فمن ناحية يرسل إلى جيران بلاده إشارات لوم على عدم إظهار دعم واضح لها، وفي الوقت نفسه يسعى لتحييدهم، كما أنه يبحث عن موقف تظهر فيه دول الخليج إدانتها لما تقوم به إسرائيل في لبنان مقابل وعود إيرانية باستكمال مبادرات المصالحة مع جيرانها.

وتريد القيادة الإيرانية أن يعود عراقجي بموقف يدين إسرائيل لتقدمه إلى المتشددين في الداخل على أنه رفض من دول الخليج لما تفعله إسرائيل في لبنان، أي ما تفعله بحزب الله، ما يعني أنها لا تضع نفسها في خانة العداء ضد طهران، وأنها لا تقبل بالتصعيد الإسرائيلي ضدها وضد حلفائها.

ومقابل ذلك سيعد عراقجي الخليجيين بأن تستكمل بلاده مبادرات المصالحة التي بدأت خاصة بين طهران والرياض في السنتين الأخيرتين، وظلت تراوح مكانها من دون أن تنعكس فعليّا على أرض الواقع، وتحديدا على أداء الميليشيات الحليفة لها كما في اليمن.

وأفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بأن وزير الخارجية الإيراني سيزور السعودية ودولا أخرى في المنطقة لمناقشة القضايا الإقليمية والعمل على وقف “الجرائم” الإسرائيلية في غزة ولبنان.

وأربك عراقجي جولته الخليجية بتصريحات غير محسوبة حين قال إنه سيناقش في لقاءاته “جرائم إسرائيل” و”تكوين حركة جماعية” في المنطقة ضد هجوم إسرائيل على لبنان، وهو كلام يظهر الخليجيين وكأنهم في صف بلاده، في حين أن دول الخليج تريد أن تبقى على الحياد في التصعيد الإقليمي، بما يحافظ لها على علاقة هادئة مع واشنطن، التي لا تخفي انحيازها الكامل إلى إسرائيل، وفي نفسه يترك الباب مفتوحا لتطوير الحوار مع طهران.

وقال عراقجي في لقطات مصورة بثتها وسائل إعلام إيرانية “حوارنا بشأن التطورات في المنطقة يتواصل لمنع الجرائم المخزية التي يرتكبها النظام الصهيوني (إسرائيل) في لبنان استمرارا لجرائمه في غزة”.

وأضاف “اعتبارا من اليوم (الثلاثاء) سأبدأ جولة في المنطقة، تشمل الرياض وعواصم أخرى، وسنسعى جاهدين لتكوين حركة جماعية من دول المنطقة… لوقف الهجمات الوحشية في لبنان”.

وسعت دول الخليج خلال الأيام الأخيرة للتأكيد على أنها تقف على الحياد في الصراع بين إيران وأذرعها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وإن كانت قد عبرت عن معارضتها لتوسيع دائرة الحرب وانتقدت استهداف المدنيين وتحميلهم المسؤولية.

وقالت مصادر لرويترز الأسبوع الماضي إن دول الخليج تسعى لطمأنة إيران بأنها ستقف على الحياد في الصراع الإيراني – الإسرائيلي.

ويوم الخميس كشفت المصادر أن وزراء من دول الخليج وإيران حضروا اجتماعا للدول الآسيوية استضافته قطر، حيث ركزوا محادثاتهم على خفض التصعيد.

وأوضح عراقجي أن اجتماعا بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي عُقد بشكل غير رسمي، “ورغم كون علاقاتنا دائما متقلبة تظل هناك إرادة لأن تقود هذه العلاقات إلى تعاون إقليمي”.

والأحد جدد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي دعوة المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته والتحرك الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي الخطير على قطاع غزة.

وتريد دول مجلس التعاون الخليجي تجنب الهجمات التي يمكن أن تؤثر على إنتاجها النفطي وصادراتها، مثل تلك التي استهدفت منشآت أرامكو على مستوى منشأتي بقيق وهجرة خُرَيص بطائرات مسيرة إيرانية عام 2019.

وفيما تلوّح إيران للخليجيين بالحوار والتقارب، أبدت بعض أذرعها تهديدا مبطنا باستهداف دول الخليج ردا على التصعيد الإسرائيلي.

وكان أبوعلي العسكري، المسؤول الأمني في كتائب حزب الله العراقي، قد هدد بحرق المنشآت النفطية في المنطقة. وقال العسكري عبر حسابه على موقع إكس “إذا بدأت حرب الطاقة سيخسر العالم 12 مليون برميل نفط يوميّا”.

وأضاف “لدينا أسلحة مهمة. نستطيع أن نهدد بملف الطاقة، كما فعلت روسيا حين قلبت سوق الغاز العالمية في حرب أوكرانيا”. وتابع “إذا لم يرتدع هذا الكيان عن القتل فسنذهب بعيدا، وبإمكاننا استهداف القواعد العسكرية في الخليج العربي، وسيكون ملف الطاقة هو الفيصل”.

وشهدت السعودية تقاربا سياسيا مع طهران في السنوات القليلة الماضية، ما ساهم في تخفيف التوترات الإقليمية، وإن كانت العلاقات لا تزال معقدة، كما أن ملف اليمن ظل مفتوحا بالتزامن مع مراهنة الرياض على التقارب مع طهران في المساعدة على إيجاد أرضية حوار مع الحوثيين ينتهي سريعا، لكن ذلك لم يحصل.

ويقول مراقبون إن إيران لم تلجأ إلى الخليجيين إلا بعد أن شعرت بخسارة أوراق قوتها في غزة ولبنان وتراجع هامش المناورة لديها لجر الولايات المتحدة إلى الحوار كما كانت تفعل دائما.

وتعتبر الخسائر التي لحقت بحزب الله، وخاصة بعد مقتل أمينه العام حسن نصرالله، أفدح الخسائر التي تكبدتها إيران.