> شريف الشافعي:
ملخص: صدر حديثًا كتاب "سرديات الحروب والنزاعات - تحولات الرؤية والتقنية" للناقدة المصرية أماني فؤاد. ويبدو توقيت صدوره فارقًا، فالكتاب يتناول تطورات الحروب والصراعات الدائرة في المنطقة من خلال روايات عربية تشتبك مع هذه الأحداث العصيبة. ويتقصى الكتاب تغيرات الرواية العربية ذاتها من جهة طبيعتها وعوالمها وشخصياتها وبنيتها وتقنياتها، جراء تأثرها بالأوضاع المشتعلة على الأرض.
تنطوي سرديات الواقع العربي في الفترة الحالية، وفي السنوات القليلة الماضية، على سلسلة من الحروب المحتدمة والنزاعات العاصفة. وهذه الأرضية المضطربة تعد سمة عامة للمنطقة في ما بعد مرحلة الثورات العربية. وقد امتدت بتأثيراتها القوية إلى حقول الآداب والفنون المتنوعة، وعلى رأسها الرواية، بوصفها الأقرب إلى قراءة الحياة ومستجداتها واستكشاف الوجود وتأصيل الوعي الإنساني بالذات.
من هنا يكتسب كتاب "سرديات الحروب والنزاعات - تحولات الرؤية والتقنية" الصادر عن الدار المصرية اللبنانية (2024) أهميته المضاعفة، إذ تجمع الأكاديمية المصرية أماني فؤاد بين دفتيه في آن واحد، بين الإطلال على سرديات الفعل الواقعي، متمثلة في الحروب والثورات والانتفاضات وأزمة إعادة تقييم الوجود وتغيير أنظمة الحكم العربية، والإطلال أيضًا على سرديات الفعل الروائي، متجسدة في أكثر من 50 رواية عربية تنخرط في هذه الوقائع بصورة مباشرة. وهذه الروايات البارزة أنتجها مبدعون معروفون من أجيال مختلفة، من مصر ولبنان وسوريا وفلسطين والأردن والسعودية والعراق والكويت والبحرين واليمن وتونس والمغرب والجزائر وليبيا وغيرها.
مثلما تأتي الحروب والنزاعات على رأس المؤثرات والاهتمامات في المنطقة، فإن الروايات المنفتحة على الحروب والثورات وما تحمله من اضطرابات وحالات مأسوية هي الروايات التي تتصدر قائمة الاهتمام النقدي والجماهيري في اللحظة الراهنة. ومثلما تتغير استراتيجيات الحروب والنزاعات وتتبدل أهدافها وتتجدد مظاهرها وتجلياتها، فإن سرديات الحروب تتغير بدورها من جهة الرؤية والمعالجة والتقنية والانعطافات الفكرية والأيديولوجية وملامح الشخصيات الاجتماعية والنفسية واللغة الفنية وطبيعة الزمان والمكان وغيرها.
لماذا تعد الرواية دون غيرها أفضل الأشكال الأدبية التي تتجسد فيها الحروب وآثارها في البشر؟ تجيب أماني فؤاد عن هذا التساؤل في كتابها بأن الرواية أكثر الأنواع الأدبية قدرة على رصد التحولات والأوضاع المعاصرة وتجسيدها فنيًا، ذلك أن من شأنها، حجمًا وتقنية، أن تستوعب تداخل المواقف وتشابكاتها، التي تسبب الحروب، وتنتج من الحروب.
هكذا، تأتي الرواية العربية المعاصرة في "سرديات الحروب والنزاعات" لتكون ببساطة هي نص الحياة، بمعنى أنها "تنصهر في سرديتها كل العلاقات، التي تعني البشر وتشكل حياتهم، قضايا الوجود المتشابكة، بداية من ذات المبدع، إلى رؤيته وإدراكه للعالم من حوله، قضاياه التي تشغله على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي". ولا يكاد يخلو نص روائي من قضايا السياسة وتشعباتها "الحرب والسلطة والصراعات حولها والسيطرة والخضوع والتحزب والطائفية والعرقيات والهرب من الأوطان الطاردة والاستمرار في خطوط المواجهة، إلى آخره".
وتتجلى قدرة رواية الحروب على حكي الأبعاد المتشابكة، التي تنتج الحروب وآثار تلك الحروب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية على البشر، من خلال أمور عدة، من أهمها "حيز الحجم الكتابي للسردية الروائية وتعدد شخصيات النص الروائي واختلاف النماذج الشاسع وتنوع طرق بنى السرديات وتنوع تقنياتها".
وتشكل مجموعة الروايات المختارة روح اللحظة الاستثنائية الحالية، التي تصفها الباحثة بأنها "لحظة تصاعد الصراعات، الحروب المعلنة، المعروفة أطرافها، أو الحروب الباردة، إذ الصراعات الكامنة، التي تفصح عن نفسها بصور جديدة، فيما يطلق عليها حروب الجيلين الرابع والخامس، والحروب بالوكالات، لمصلحة قوى عظمى تتغول السيطرة على ثروات المنطقة، وهدم كل الحقائق والقيم والتشكيك فيها، وآخر تجلياتها ما يحدث في فلسطين واليمن والسودان وليبيا".
تنطوي سرديات الواقع العربي في الفترة الحالية، وفي السنوات القليلة الماضية، على سلسلة من الحروب المحتدمة والنزاعات العاصفة. وهذه الأرضية المضطربة تعد سمة عامة للمنطقة في ما بعد مرحلة الثورات العربية. وقد امتدت بتأثيراتها القوية إلى حقول الآداب والفنون المتنوعة، وعلى رأسها الرواية، بوصفها الأقرب إلى قراءة الحياة ومستجداتها واستكشاف الوجود وتأصيل الوعي الإنساني بالذات.
من هنا يكتسب كتاب "سرديات الحروب والنزاعات - تحولات الرؤية والتقنية" الصادر عن الدار المصرية اللبنانية (2024) أهميته المضاعفة، إذ تجمع الأكاديمية المصرية أماني فؤاد بين دفتيه في آن واحد، بين الإطلال على سرديات الفعل الواقعي، متمثلة في الحروب والثورات والانتفاضات وأزمة إعادة تقييم الوجود وتغيير أنظمة الحكم العربية، والإطلال أيضًا على سرديات الفعل الروائي، متجسدة في أكثر من 50 رواية عربية تنخرط في هذه الوقائع بصورة مباشرة. وهذه الروايات البارزة أنتجها مبدعون معروفون من أجيال مختلفة، من مصر ولبنان وسوريا وفلسطين والأردن والسعودية والعراق والكويت والبحرين واليمن وتونس والمغرب والجزائر وليبيا وغيرها.
- كتابة الجحيم والحياة
مثلما تأتي الحروب والنزاعات على رأس المؤثرات والاهتمامات في المنطقة، فإن الروايات المنفتحة على الحروب والثورات وما تحمله من اضطرابات وحالات مأسوية هي الروايات التي تتصدر قائمة الاهتمام النقدي والجماهيري في اللحظة الراهنة. ومثلما تتغير استراتيجيات الحروب والنزاعات وتتبدل أهدافها وتتجدد مظاهرها وتجلياتها، فإن سرديات الحروب تتغير بدورها من جهة الرؤية والمعالجة والتقنية والانعطافات الفكرية والأيديولوجية وملامح الشخصيات الاجتماعية والنفسية واللغة الفنية وطبيعة الزمان والمكان وغيرها.
لماذا تعد الرواية دون غيرها أفضل الأشكال الأدبية التي تتجسد فيها الحروب وآثارها في البشر؟ تجيب أماني فؤاد عن هذا التساؤل في كتابها بأن الرواية أكثر الأنواع الأدبية قدرة على رصد التحولات والأوضاع المعاصرة وتجسيدها فنيًا، ذلك أن من شأنها، حجمًا وتقنية، أن تستوعب تداخل المواقف وتشابكاتها، التي تسبب الحروب، وتنتج من الحروب.
هكذا، تأتي الرواية العربية المعاصرة في "سرديات الحروب والنزاعات" لتكون ببساطة هي نص الحياة، بمعنى أنها "تنصهر في سرديتها كل العلاقات، التي تعني البشر وتشكل حياتهم، قضايا الوجود المتشابكة، بداية من ذات المبدع، إلى رؤيته وإدراكه للعالم من حوله، قضاياه التي تشغله على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي". ولا يكاد يخلو نص روائي من قضايا السياسة وتشعباتها "الحرب والسلطة والصراعات حولها والسيطرة والخضوع والتحزب والطائفية والعرقيات والهرب من الأوطان الطاردة والاستمرار في خطوط المواجهة، إلى آخره".
- الأدب الفاعل
وتتجلى قدرة رواية الحروب على حكي الأبعاد المتشابكة، التي تنتج الحروب وآثار تلك الحروب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية على البشر، من خلال أمور عدة، من أهمها "حيز الحجم الكتابي للسردية الروائية وتعدد شخصيات النص الروائي واختلاف النماذج الشاسع وتنوع طرق بنى السرديات وتنوع تقنياتها".
- الصراع الظاهر والكامن
وتشكل مجموعة الروايات المختارة روح اللحظة الاستثنائية الحالية، التي تصفها الباحثة بأنها "لحظة تصاعد الصراعات، الحروب المعلنة، المعروفة أطرافها، أو الحروب الباردة، إذ الصراعات الكامنة، التي تفصح عن نفسها بصور جديدة، فيما يطلق عليها حروب الجيلين الرابع والخامس، والحروب بالوكالات، لمصلحة قوى عظمى تتغول السيطرة على ثروات المنطقة، وهدم كل الحقائق والقيم والتشكيك فيها، وآخر تجلياتها ما يحدث في فلسطين واليمن والسودان وليبيا".
- ظواهر سردية
تتناول الباحثة الآلية الأصعب، فهي لا تدرس كل رواية من روايات الحروب على حدة مفردة لها مبحثًا مستقلًا، وإنما تضع في فصولها المحاور الخمسة ونقاطًا فرعية لتكون بمثابة ظواهر وملامح ومحددات لسرديات الحروب، وتتحرك في تتبعها هذه الخصائص والسمات السردية بين عشرات الروايات العربية، لتحيل إلى التمثلات والشواهد التطبيقية. وفق هذه المنهجية، القائمة على النظرة الشاملة في استيعاب أدبيات الحروب عبر تاريخها العالمي والعربي الطويل، والانسيابية في الأفكار والتدفق اللغوي والحرية في التنقل بخفة بين سردية وأخرى، تضع أماني فؤاد يدها على كثير من القفزات الفنية لروايات الحروب، التي تتسع بدورها للتطورات والمتغيرات المتلاحقة في المنطقة العربية المنغمسة في الانفجارات. وتقود دراسة الروايات المنشغلة بتصوير الصراع العربي - الإسرائيلي على وجه الخصوص إلى حقائق مفجعة.
اندبندنت عربية