> لندن "الأيام" «القدس العربي»:

​كشف كتاب جديد للصحافي الاستقصائي الأمريكي بوب وودوارد معلومات حصرية عن محادثة بين السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والرئيس الأمريكي جو بايدن، حثّ فيها غراهام الرئيس الأمريكي على دعم تصويت ديمقراطي لتأييد معاهدة دفاع أمريكية سعودية.

وتشير مجلة «فورين بوليسي»، نقلا عن الكتاب، أن السيناتور الجمهوري قال لبايدن إن «الأمر يتطلب رئيسًا ديمقراطيًا» لإرسال القوات الأمريكية للدفاع عن المملكة العربية السعودية.

وفقًا لما ورد في الكتاب وعرضته «فورين بوليسي»، قال غراهام إن بايدن هو الوحيد القادر على تأمين معاهدة دفاع أمريكية سعودية، لأنه «يتطلب رئيسًا ديمقراطيًا لإقناع الديمقراطيين بالتصويت للدخول في حرب من أجل السعودية».

ورد بايدن قائلاً: «لنقم بذلك»، وفقًا لوودوارد.وذكرت المجلة أن المحادثة جاءت في سياق محاولات بايدن التفاوض على «صفقة ضخمة» بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل.

وأشارت إلى أن غراهام عقد اجتماعًا علنيًا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدعم الصفقة في أبريل 2023، و»كانت الفكرة، التي يدعمها أيضًا مرشح نائب الرئيس الجمهوري السيناتور جاي دي فانس، هي إنشاء تحالف أمني دائم بقيادة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط». و«في ذلك الوقت، كانت إدارة بايدن تقلل من مستوى الالتزام الذي كانت مستعدة لتقديمه للسعودية»، حسب تقرير المجلة.

وحسب مسؤولين لم تذكر أسماؤهم، فإن الاتفاقية المقترحة كانت ستكون أقل من التزام كامل بالذهاب إلى الحرب، و»كاختبار لذلك، وقعت الإدارة اتفاقية دفاع مبهمة مع حليف السعودية البحرين دون طلب موافقة الكونغرس»، وأصرت على أنها «لا تصل إلى مستوى المعاهدة».

وأضاف الكتاب أنه «خلف الأبواب المغلقة، كانت الإدارة وحلفاؤها صريحين للغاية حول ما يريدون من الأمريكيين القيام به»، ونقل عن غراهام قوله لبايدن في البيت الأبيض إن بن سلمان «مستعد للقيام بالصفقة لأنه يدخل تحت مظلتنا النووية ولن يحتاج إلى القلق بشأن بناء مجموعة من القنابل».

وتشير مجلة «فورين بوليسي» إلى أن الكتاب لم يحدّد بدقّة متى حدث الاجتماع، باستثناء أنه كان قبل عدة أشهر من هجمات 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل. وفي المحادثة نفسها، قال غراهام إن الإدارة الجمهورية لن تكون قادرة على تأمين مثل هذه الصفقة.

وقال غراهام لبايدن: «الديمقراطيون لن يصوتوا لها إذا قدمها (الرئيس السابق دونالد) ترامب لأنهم يكرهون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويكرهون ترامب».

وأضاف: «سيصوت الجمهوريون على الاتفاقية الدفاعية مع السعودية إذا شجعتنا إسرائيل على ذلك. يمكننا الحصول على 45 صوتًا جمهوريًا».

وطمأن بايدن غراهام بأنه يمكنه الحصول على باقي الأصوات من أصوات الديمقراطيين، وفقًا لما ورد في الكتاب. وبعد ذلك، اعترف غراهام بأن ترامب يجب أن يحصل على «حصته العادلة من الفضل»، في أي صفقة بين الولايات المتحدة والسعودية بفضل اتفاقيات أبراهام، وهي معاهدة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين توسط فيها ترامب.

وعندها قال غراهام الجملة الشهيرة حول «إقناع الديمقراطيين بالتصويت للذهاب إلى الحرب من أجل السعودية»، ووافق بايدن.

ويكشف وودوارد في كتابه أن غراهام شجع بن سلمان أيضًا على عدم المخاطرة بالتعامل مع إدارة ترامب المستقبلية.

وقال غراهام للأمير السعودي في مارس 2024، وفقًا للكتاب: «إذا كنت ترغب في الاعتراف بإسرائيل، فعليك القيام بذلك في عهد بايدن. لا توجد طريقة ستجعل الديمقراطيين يصوتون على اتفاقية دفاع للذهاب إلى الحرب مع السعودية يقدمها دونالد ترامب.»

وترى «فورين بوليسي» أنه «على الرغم من أن التعليقات المنسوبة إليه كانت قاسية، فمن المحتمل أن غراهام لم يكن مخطئًا. كان الكونغرس أكثر صرامة بشأن صلاحيات الحرب – ودعم الولايات المتحدة للسعودية على وجه التحديد – خلال عهد ترامب مما كان عليه منذ تولي بايدن منصبه».

ويذكّر تقرير المجلة أنه «في عام 2019، صوت كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ لإنهاء المشاركة الأمريكية في جهود الحرب السعودية في اليمن، لكن ترامب نقض قرارهم. وفي عام 2022، أقنعت إدارة بايدن السناتور بيرني ساندرز (المستقل – فيرمونت) بسحب قرار مماثل، بحجة أن الرئيس يحتاج إلى المرونة لتأمين اتفاقية سلام في اليمن».

وتضيف المجلّة «ومع ذلك، كانت معاهدة الدفاع الرسمية أمرًا أكثر صعوبة بكثير. وقع ساندرز و19 سيناتورًا ديمقراطيًا آخر رسالة في 3 أكتوبر 2023، يعربون فيها عن «قلقهم» بشأن فكرة التزام القوات الأمريكية بالدفاع عن «نظام استبدادي يقوض بانتظام مصالح الولايات المتحدة في المنطقة».

وترى ان «ما قضى أخيرًا على الصفقة – أو على الأقل وضعها في حالة تعليق – كان تردد بن سلمان نفسه. بعد أن وضعت هجمات 7 أكتوبر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في صدارة السياسة العربية، بدأ الزعيم السعودي في رؤية الصفقة كمسؤولية خطيرة».

فـ»في أوائل عام 2024، حاول المفاوضون السعوديون استبعاد إسرائيل من الصفقة الضخمة، وهي فكرة رفضتها إدارة بايدن، حتى أن بن سلمان بدأ يخبر المسؤولين الأمريكيين بأنه يخشى الاغتيال إذا لم يقف للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وفقًا لتقارير من «بوليتيكو» و»أتلانتيك». وحسب «اتلانتيك» قال بن سلمان لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في يناير 2024: «هل أهتم شخصيًا بالقضية الفلسطينية؟ لا، لكن شعبي يهتم».

وأضاف: «نصف مستشاريّ يقولون إن الصفقة لا تستحق المخاطرة. قد ينتهي بي الأمر مقتولاً بسبب هذه الصفقة».