> واشنطن "الأيام" العرب:
تستمر الصراعات في مختلف أنحاء العالم في التفاقم، مما يقوض الاستقرار لاسيما في المناطق الحرجة. ويبدو أن نافذة الدبلوماسية تضيق، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة، لكن الوقت ينفد منها.
وسلط تقرير لإيريك آلتر ونيكولاي ملادينوف بعنوان “هل الدبلوماسية محكوم عليها بالفشل؟” نشره معهد واشنطن، الضوء على حالة العجز التي تعانيها الدبلوماسية الدولية.
وقال التقرير إن النداءات المتكررة من أجل السلام، مهما كانت مستمرة، لم تكن كافية لاختراق التعقيدات المترسخة للأزمات الحالية. فما كان يُروَّج له ذات يوم باعتباره صفقة “منجزة بنسبة 90 في المئة” في غزة يبدو الآن حقيقة بعيدة.
وقبل أسبوعين فقط، فشل الاقتراح الذي تدعمه الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً، والذي صُمم لتسهيل المشاركة الدبلوماسية بين إسرائيل وحزب الله على طول الخط الأزرق، في اكتساب الزخم، وتبعه تصعيد كبير.
والآن أصبحت جهود الوساطة في السودان الرامية إلى وقف إطلاق النار تحت الحصار، مع شن القوات المسلحة السودانية، هجوماً جديداً.
والواقع أن نجاح الصين في التوسط في التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية يشكل مثالا واضحا على ذلك. وقد كان من الممكن عقد مفاوضات ذات مغزى في مؤتمر المناخ الثامن والعشرين، حيث أدت التنازلات الصعبة في نهاية المطاف إلى الإجماع. كما تم اعتماد معاهدة جديدة رائدة بشأن الملكية الفكرية والموارد الوراثية والمعرفة التقليدية المرتبطة بها بالإجماع من قبل أعضاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وحتى في الآونة الأخيرة، أشار المسؤولون الإيرانيون إلى استعدادهم للدخول في محادثات مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الجهود، كثيرا ما أضاعت الدبلوماسية الغربية فرصا حاسمة.
وأصبحت الاختراقات الدبلوماسية نادرة على نحو متزايد، مع استثناءات قليلة. ويبرز تيسير الإمارات العربية المتحدة لتبادل السجناء بين روسيا وأوكرانيا باعتباره نجاحا. كما أحرزت تركيا وأرمينيا تقدما جيدا في تطبيع العلاقات بعد فترة هدوء دامت عامين.
ولكن النجاح لا يمكن قياسه بالاتفاقيات والمعاهدات الجديدة وحدها. الواقع أن الإنجاز الدبلوماسي الرئيسي لهذا العام ــ ميثاق المستقبل، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ــ يواجه شكوكا جدية حول قدرته على الوفاء بوعوده. فبعيدا عن مسألة المعاهدات الجديدة، يثير الميثاق مخاوف أكبر بشأن ما إذا كانت المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة لا تزال قادرة على التعامل مع تعقيد الصراعات الحديثة. ولابد أن تظل الدبلوماسية محورية، سواء في سياق الحرب الشاملة، أو التوترات المتصاعدة، أو الجمود المطول. فكيف نبدأ إذن في تفسير الركود في الدبلوماسية العالمية؟.
وهذا يقوض التركيز الطويل الأجل والجهد المستدام الذي تتطلبه الدبلوماسية. على سبيل المثال، قد تؤدي الانتخابات الأميركية المقبلة والانتخابات الإسرائيلية المحتملة إلى تحول جذري في نبرة ومحتوى الجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط. وبعد الانتخابات الرئاسية في تايوان، لا تزال مخاطر الديناميكيات التصعيدية التي أطلقتها السياسة الداخلية التايوانية غير مؤكدة.
إن القادة المتورطين في صراعات من روسيا والسودان إلى وسط أفريقيا إما يعززون سلطتهم أو يكافحون من أجل البقاء. ودون مشاركتهم المباشرة، يصبح تأمين الاتفاقيات الدبلوماسية صعبا بشكل متزايد.
وفي الكثير من الحالات، تعكس السياسة الخارجية الأجندات السياسية الداخلية، مما يجعل الدبلوماسيين الكبار مجرد امتدادات لوجهات نظر قادتهم، وليسوا ممثلين محترفين قادرين على التعبير عن وجهات نظر دولية أوسع.
وحتى وزراء الخارجية غالبا ما يجدون أنفسهم مقيدين، وغير قادرين على تقديم مواقف تختلف عن مواقف رؤساء دولهم. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه القيود، يظل الدبلوماسيون المشاركون في الوساطة في النزاعات ملتزمين – سواء رسميا أو غير رسمي – بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
على الأرض، طغى السعي إلى تحقيق النصر بأي ثمن على الاستعداد للتسوية، حيث حلت الإنذارات النهائية محل الحوار. وخارج ساحة المعركة، تهيمن المصالح الاقتصادية، والتواصل، والمنافسة الجيوسياسية على المناقشات، مما دفع الدبلوماسية إلى الخلفية. وتحول التركيز من فن الدبلوماسية إلى السباق على النفوذ والقوة. ولدى كل الدول، مهما كانت صغيرة أو كبيرة، كل الأسباب للاستمرار في الاستثمار في الدبلوماسية. ويمكن للدول التي تواجه انحدارا اقتصاديا أو عسكريا أن تستخدمها لإعادة تأهيل مكانتها، في حين يمكن للقوى المتوسطة الصاعدة الاستفادة منها لنحت دور أكثر بروزًا على الساحة العالمية.
لا تزال الدبلوماسية لا غنى عنها للجميع. لقد وضعت دول مثل تركيا والهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نفسها بالفعل ضمن اللاعبين الدبلوماسيين الرئيسيين، مستغلة نفوذها الاقتصادي والعسكري لتأكيد نفوذها. ويمكن لهذه القوى المتوسطة أن تعمل كوسطاء مطلوبين بشدة في المفاوضات المستقبلية.
وبمجرد أن تهدأ سنة الانتخابات، سوف تحتاج الحكومات المنتخبة حديثا إلى إظهار الشجاعة السياسية والإبداع لإحياء دور الدبلوماسية في الحوكمة العالمية.
ومع تفاقم الإرهاق الناجم عن الصراعات الإقليمية المتواصلة، سوف تنشأ فرص لإعادة تنشيط الجهود الدبلوماسية ــ إذا كانت هذه الجهود شاملة حقا. ولابد من دمج القوى المتوسطة والمنظمات الإقليمية وجماعات المجتمع المدني في الأطر الدبلوماسية المستقبلية من أجل خلق حلول أكثر استدامة.
ولعل الوقت قد حان أيضا لإعادة النظر في بعض الصيغ الدبلوماسية المبتكرة في الماضي والتي ساعدت في سد الفجوات: المائدة الماسية الشكل لاتفاق الجمعة العظيمة، حيث كان حتى الخصوم الشرسين مثل إيان بيزلي وجيري آدامز قادرين على الجلوس جنبا إلى جنب وفي مواجهة بعضهم البعض؛ أو الدبلوماسية على غرار المجلس التي تمارس غالبا في الخليج، والتي تعزز الحوار المحترم وبناء الإجماع.
ومن الممكن أن توفر هذه الصيغ وغيرها الكثير إطارا قيما لمعالجة الصراعات الإقليمية، وتعزيز الثقة والاستقرار الطويل الأجل في عالم متزايد الاستقطاب؛ وإثبات قيمتها في الساحة الدبلوماسية.
وسلط تقرير لإيريك آلتر ونيكولاي ملادينوف بعنوان “هل الدبلوماسية محكوم عليها بالفشل؟” نشره معهد واشنطن، الضوء على حالة العجز التي تعانيها الدبلوماسية الدولية.
وقال التقرير إن النداءات المتكررة من أجل السلام، مهما كانت مستمرة، لم تكن كافية لاختراق التعقيدات المترسخة للأزمات الحالية. فما كان يُروَّج له ذات يوم باعتباره صفقة “منجزة بنسبة 90 في المئة” في غزة يبدو الآن حقيقة بعيدة.
وقبل أسبوعين فقط، فشل الاقتراح الذي تدعمه الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً، والذي صُمم لتسهيل المشاركة الدبلوماسية بين إسرائيل وحزب الله على طول الخط الأزرق، في اكتساب الزخم، وتبعه تصعيد كبير.
والآن أصبحت جهود الوساطة في السودان الرامية إلى وقف إطلاق النار تحت الحصار، مع شن القوات المسلحة السودانية، هجوماً جديداً.
- اختراقات دبلوماسية نادرة
والواقع أن نجاح الصين في التوسط في التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية يشكل مثالا واضحا على ذلك. وقد كان من الممكن عقد مفاوضات ذات مغزى في مؤتمر المناخ الثامن والعشرين، حيث أدت التنازلات الصعبة في نهاية المطاف إلى الإجماع. كما تم اعتماد معاهدة جديدة رائدة بشأن الملكية الفكرية والموارد الوراثية والمعرفة التقليدية المرتبطة بها بالإجماع من قبل أعضاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وحتى في الآونة الأخيرة، أشار المسؤولون الإيرانيون إلى استعدادهم للدخول في محادثات مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الجهود، كثيرا ما أضاعت الدبلوماسية الغربية فرصا حاسمة.
وأصبحت الاختراقات الدبلوماسية نادرة على نحو متزايد، مع استثناءات قليلة. ويبرز تيسير الإمارات العربية المتحدة لتبادل السجناء بين روسيا وأوكرانيا باعتباره نجاحا. كما أحرزت تركيا وأرمينيا تقدما جيدا في تطبيع العلاقات بعد فترة هدوء دامت عامين.
ولكن النجاح لا يمكن قياسه بالاتفاقيات والمعاهدات الجديدة وحدها. الواقع أن الإنجاز الدبلوماسي الرئيسي لهذا العام ــ ميثاق المستقبل، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ــ يواجه شكوكا جدية حول قدرته على الوفاء بوعوده. فبعيدا عن مسألة المعاهدات الجديدة، يثير الميثاق مخاوف أكبر بشأن ما إذا كانت المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة لا تزال قادرة على التعامل مع تعقيد الصراعات الحديثة. ولابد أن تظل الدبلوماسية محورية، سواء في سياق الحرب الشاملة، أو التوترات المتصاعدة، أو الجمود المطول. فكيف نبدأ إذن في تفسير الركود في الدبلوماسية العالمية؟.
- تأثير الانتخابات
وهذا يقوض التركيز الطويل الأجل والجهد المستدام الذي تتطلبه الدبلوماسية. على سبيل المثال، قد تؤدي الانتخابات الأميركية المقبلة والانتخابات الإسرائيلية المحتملة إلى تحول جذري في نبرة ومحتوى الجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط. وبعد الانتخابات الرئاسية في تايوان، لا تزال مخاطر الديناميكيات التصعيدية التي أطلقتها السياسة الداخلية التايوانية غير مؤكدة.
إن القادة المتورطين في صراعات من روسيا والسودان إلى وسط أفريقيا إما يعززون سلطتهم أو يكافحون من أجل البقاء. ودون مشاركتهم المباشرة، يصبح تأمين الاتفاقيات الدبلوماسية صعبا بشكل متزايد.
وفي الكثير من الحالات، تعكس السياسة الخارجية الأجندات السياسية الداخلية، مما يجعل الدبلوماسيين الكبار مجرد امتدادات لوجهات نظر قادتهم، وليسوا ممثلين محترفين قادرين على التعبير عن وجهات نظر دولية أوسع.
وحتى وزراء الخارجية غالبا ما يجدون أنفسهم مقيدين، وغير قادرين على تقديم مواقف تختلف عن مواقف رؤساء دولهم. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه القيود، يظل الدبلوماسيون المشاركون في الوساطة في النزاعات ملتزمين – سواء رسميا أو غير رسمي – بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
على الأرض، طغى السعي إلى تحقيق النصر بأي ثمن على الاستعداد للتسوية، حيث حلت الإنذارات النهائية محل الحوار. وخارج ساحة المعركة، تهيمن المصالح الاقتصادية، والتواصل، والمنافسة الجيوسياسية على المناقشات، مما دفع الدبلوماسية إلى الخلفية. وتحول التركيز من فن الدبلوماسية إلى السباق على النفوذ والقوة. ولدى كل الدول، مهما كانت صغيرة أو كبيرة، كل الأسباب للاستمرار في الاستثمار في الدبلوماسية. ويمكن للدول التي تواجه انحدارا اقتصاديا أو عسكريا أن تستخدمها لإعادة تأهيل مكانتها، في حين يمكن للقوى المتوسطة الصاعدة الاستفادة منها لنحت دور أكثر بروزًا على الساحة العالمية.
لا تزال الدبلوماسية لا غنى عنها للجميع. لقد وضعت دول مثل تركيا والهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نفسها بالفعل ضمن اللاعبين الدبلوماسيين الرئيسيين، مستغلة نفوذها الاقتصادي والعسكري لتأكيد نفوذها. ويمكن لهذه القوى المتوسطة أن تعمل كوسطاء مطلوبين بشدة في المفاوضات المستقبلية.
وبمجرد أن تهدأ سنة الانتخابات، سوف تحتاج الحكومات المنتخبة حديثا إلى إظهار الشجاعة السياسية والإبداع لإحياء دور الدبلوماسية في الحوكمة العالمية.
ومع تفاقم الإرهاق الناجم عن الصراعات الإقليمية المتواصلة، سوف تنشأ فرص لإعادة تنشيط الجهود الدبلوماسية ــ إذا كانت هذه الجهود شاملة حقا. ولابد من دمج القوى المتوسطة والمنظمات الإقليمية وجماعات المجتمع المدني في الأطر الدبلوماسية المستقبلية من أجل خلق حلول أكثر استدامة.
ولعل الوقت قد حان أيضا لإعادة النظر في بعض الصيغ الدبلوماسية المبتكرة في الماضي والتي ساعدت في سد الفجوات: المائدة الماسية الشكل لاتفاق الجمعة العظيمة، حيث كان حتى الخصوم الشرسين مثل إيان بيزلي وجيري آدامز قادرين على الجلوس جنبا إلى جنب وفي مواجهة بعضهم البعض؛ أو الدبلوماسية على غرار المجلس التي تمارس غالبا في الخليج، والتي تعزز الحوار المحترم وبناء الإجماع.
ومن الممكن أن توفر هذه الصيغ وغيرها الكثير إطارا قيما لمعالجة الصراعات الإقليمية، وتعزيز الثقة والاستقرار الطويل الأجل في عالم متزايد الاستقطاب؛ وإثبات قيمتها في الساحة الدبلوماسية.