> هشام عطيري:

​الطبيب البيطري عياش أحمد سعد رغم بلوغه العقد السابع من عمره يواصل تقديم خدماته المتميزة للمزارعين والمواطنين في مختلف أنحاء لحج، حيث يعتني بعلاج ماشيتهم وأبقارهم بكل إخلاص وحب.

لطبيب البيطري عياش أحمد سعد
لطبيب البيطري عياش أحمد سعد

حبّه العميق للمهنة وشغفه برعاية الحيوانات يمنحانه طاقة متجددة، مما يجعله مثالاً ملهماً للوفاء والتفاني في خدمة المجتمع.

يذكر الطبيب البيطري عياش أحمد سعد، بحماس واسترجاع دافئ لذكرياته، أنه انخرط في مهنته منذ أكثر من 47 عاماً بعد تخرجه من المعهد البيطري في العام 1976، حاملاً شهادة الدبلوم، ليبدأ مسيرة طويلة في خدمة المزارعين ومربي الماشية.

عمل عياش في مزارع الدولة بجنوب اليمن، حيث كانت تلك المزارع تشكل دعامة اقتصادية للبلاد وتضم تنوعاً واسعاً من الماشية والأبقار، وكان له دور بارز في تقديم الرعاية الصحية الحيوانية وتعزيز إنتاجية الماشية، متحلياً بشغف كبير والتزام راسخ بخدمة المجتمع، لكن مع الوحدة اليمنية، انتهت مزارع الدولة التي شهدت أوج نشاطها في تلك الحقبة، مما أجبر عياش على التكيف مع الظروف الجديدة.


وبإصرار على متابعة رسالته، قرر تأسيس عيادة بيطرية صغيرة بإمكانات متواضعة ومن معاشه الشخصي في منطقة بئر عمر بمديرية تبن، ورغم بساطة الموارد استمر عياش في تقديم خدماته البيطرية للمزارعين والمواطنين، عازماً على أن تظل مهنته أداة لخدمة الناس وحماية الثروة الحيوانية.

يجسد عياش، في هذا الجهد الدؤوب، مثالاً رائعاً للعطاء والتفاني في خدمة الآخرين، ويظل حبّه للعمل البيطري هو الدافع الأساسي الذي يمنحه القوة للاستمرار، غير آبه بالعمر أو المتاعب.


الطبيب البيطري عياش أحمد سعد، الذي قضى عقوداً من عمره في خدمة الثروة الحيوانية والمجتمع، لم يكتفِ بتقديم خدماته البيطرية في محافظة لحج فقط، بل تجول بين معظم المديريات والمحافظات الجنوبية، وصولاً إلى أرخبيل سقطرى، حيث عالج مختلف الحيوانات وقدم خدماته للمزارعين هناك، يؤكد عياش أنه يشعر بشغف لا يضاهى تجاه مهنته التي يصفها بأنها "رسالة"، حب عميق دفعه ليخصص جزءاً من راتبه الشهري لشراء الأدوية والعلاجات التي يحتاجها في الحالات المستعجلة.


يوضح عياش، الذي يدير عيادته البيطرية الخاصة، أنه يبدأ عمله منذ الصباح الباكر حتى ساعات المساء، كما أنه يقوم بزيارات ميدانية في الحالات الحرجة التي تتطلب تدخله السريع. يؤكد أن التزامه بالتنقل بين الحقول والمزارع، مهما كانت بعيدة، هو جزء من واجبه المهني تجاه المجتمع، وهو أمر يقوم به بفرح وشغف، متحملاً كل الصعاب لضمان صحة الثروة الحيوانية في المنطقة.

لا يقتصر دور الطبيب البيطري عياش أحمد سعد على علاج الحيوانات فقط، بل يمتد إلى تدريب المزارعين والمهندسين الزراعيين في مجال البيطرة، حيث يسعى لنقل خبراته إلى الأجيال الشابة لضمان استمرارية هذا المجال الحيوي.


ويشدد عياش على أهمية إنشاء معهد بيطري تخصصي لتأهيل كوادر جديدة، خاصة في ظل قلة الأطباء البيطريين المعتمدين الذين أصبح معظمهم من كبار السن، ويشير إلى أن البرامج التدريبية التي تقدمها بعض المنظمات لفترات قصيرة لا تمنح المتدربين الخبرة الكافية اللازمة لمواجهة التحديات البيطرية.

يأمل عياش في إنشاء مبنى صغير لعيادته البيطرية، حيث إن المبنى الحالي غير مؤهل بشكل مناسب لتلبية متطلبات العناية البيطرية، مما يجعله مضطراً للعمل بموارد وإمكانيات محدودة.

ورغم ذلك، يظهر عياش تفانياً استثنائياً في عمله، مستجيباً لنداء المواطنين في أي وقت للمساعدة في حالات الطوارئ، ويكشف عن تلقيه دعماً بسيطاً من الصندوق الاجتماعي للتنمية، والذي وفر له بعض المعدات البيطرية اللازمة من خلال برنامج المنشآت الصغيرة والأصغر.


ويظل الطبيب عياش مثالاً للشغف المهني، ملتزماً بخدمة المجتمع والعمل الدؤوب من أجل صحة الثروة الحيوانية، معبراً عن أمله في أن تتلقى مهنته الدعم الذي تستحقه من الجهات المعنية.

يحظى الطبيب البيطري عياش أحمد سعد بحب وتقدير واسع من جميع أبناء مديرية تبن، حيث بات معروفاً لدى الصغير قبل الكبير بفضل تفانيه وإتقانه لمجال البيطرة، مما جعله شخصية مميزة في مجتمعه. ويُعتبر عياش الآن آخر من تبقى من جيل الأطباء البيطريين المخضرمين في المحافظة، الذين قدموا خدماتهم بإخلاص لعقود طويلة.


ويشير الفني البيطري علي سالم إلى الدور الهام الذي كانت تلعبه مزارع الدولة سابقاً، حيث كانت تمتلئ بالثروة الحيوانية وتشكل مختبراً عملياً للتدريب البيطري. ويصف علي سالم تلك الفترة قائلاً إن الحصول على شهادة في البيطرة حينها كان بمثابة الحصول على درجة الدكتوراه، مؤكداً أن معظم البيطريين حينها عملوا بجهود ذاتية وتفانٍ استثنائي.

ويلفت سالم إلى الصعوبة الكبيرة التي تتسم بها مهنة البيطرة، خاصةً مع تراجع عدد البيطريين وتقدمهم في السن، حيث فارق بعضهم الحياة، وبقي القليل لمواصلة هذا العمل الشاق، ويأتي الطبيب البيطري عياش على رأس هؤلاء القلة المتبقية ليشكل رمزاً للتاريخ البيطري في لحج وجنوب اليمن بشكل عام، وشاهداً حياً على الإنجازات الزراعية التي تراجعت بعد الوحدة اليمنية، تاركة فراغاً كبيراً في هذا المجال الحيوي.