> المكلا «الأيام» تحليل خاص:

  • ​اقتصاديين:حضرموت تتعرض لنهب غير مسبوق لثرواتها
  • قرارات غير قانونية تودي بشركات حضرموت إلى الإفلاس
  • سوق سوداء تستنزف أموال الوقود المدعوم..من المسؤول؟
> صعدت محافظة حضرموت سقف مطالبها المعلنة من قبل "حلف قبائل حضرموت" برئاسة عمرو بن حبريش، إلى المطالبة بـ "الحكم الذاتي وإدارة مواردها".

وبحسب محللين اقتصاديين، فإن محاولات "حلف قبائل حضرموت" السيطرة على إدارة الموارد العامة وتوجيهها إلى مشاريع معينة، مثل المطالبة بـ "تخصيص عائدات بيع الديزل لإنشاء مستشفى في قرية بن حبريش، التي لا تمتلك امتياز نفطي بالأصل أو حتى تمتلك تعداد سكاني كبير، تثير مخاوف من احتمال سوء استخدام هذه الأموال لينتفع بها مجموعة محدودة"، منوهين بأن ذلك يدفع إلى تأكيدات متزايدة من أن تكون هذه المطالب "مجرد غطاء للحصول على الأموال دون تنفيذ المشاريع الموعودة، خاصة مع انعدام الشفافية والمساءلة في هذا الكيان غير الرسمي والتفرد بالقرار من مجموعة غير منتخبة رسميا، وكذلك في ظل غياب الصلاحيات القانونية للحلف وعدم تمتعه بأي شرعية رسمية تتيح له إدارة الموارد العامة"، مؤكدين أن تلك الصلاحيات هي من اختصاص السلطات الحكومية، مثل هذه التدخلات غير القانونية تهدد استقرار النظام الإداري وتضعف ثقة المجتمع في مؤسساته الشرعية.

وأضافوا: "ما يزيد من الشكوك حول مشروع المستشفى بالذات هو افتقار المدن الرئيسية لمثل هكذا مستشفى سيخدم مواطني حضرموت بالكامل نظراً لتوافر المواصلات والفنادق لإيواء المرضي وذويهم في المدن وانعدام هذه الخدمات في قرية بن حبريش".

وأكد الخبراء الاقتصاديين أن "تدخل الحلف غير القانوني واستخدام الحصار كوسيلة ضغط لتحقيق مكتسبات خاصة للكيان أو أشخاصهن قد أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الوقود، ما تسبب بزيادة تكلفة نقل الركاب ونقل المواد وتضاعف أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية".

وبينوا أن مع تدهور القدرة الشرائية، وجد المواطنون أنفسهم عاجزين عن تأمين احتياجاتهم اليومية، مما تسبب في "موجة من المجاعة التي طالت المواطنين من ذوي الدخل المحدود، وأثرت على الصحة العامة وأدت إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع في المنطقة".

ووفقا للتحليل الاقتصادي، فإن الشركات المحلية بحضرموت، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، كانت من بين الأكثر تضرراً من التصعيد الأخير لحلف القبائل نتيجة ارتفاع تكاليف النقل والوقود. هذا الارتفاع أثر بشكل مباشر على تكاليف التشغيل، ما دفع العديد من الشركات والمؤسسات والأنشطة الصغيرة كالصيد والحراثة إلى تقليص عملياتها أو إغلاقها بشكل نهائي، وأدى إلى فقدان العديد من الوظائف، وزيادة معدلات البطالة. مثل هذه التداعيات تضع الاقتصاد المحلي على شفا الانهيار وتزيد من حدة الأزمة الاقتصادية في المحافظة، وأدت إلى تزايد المجاعة إلى الضعفين، في وقت قياسي جدا وغير مسبوق.

واستشهد الخبراء بأقدام حلف قبائل حضرموت مؤخرا على تحديد سعر مدعوم للديزل يبلغ 800 ريال للتر الواحد ولكمية محددة، بينما يسمح لبقية الكمية المنتجة من حقول حضرموت بالبيع بالسعر العالمي. هذه الآلية أدت إلى خلق سوق سوداء للديزل المدعوم، حيث يتلاعب بعض التجار بالأسعار ويعيدون بيع الكمية المدعومة لتحقيق أرباح أعلى. وجود سعرين لنفس المنتج يزعزع استقرار الأسعار ويزيد الأعباء المالية على المواطنين، ويؤدي إلى فوضى في السوق، ما يضر بالشركات والمستهلكين على حد سواء، وهذا يدل بشكل قاطع على إفلاس هذا الحلف من الثقافة الاقتصادية والفهم في أدنى الأبجديات الاقتصادية، حد تأكيدهم.

الحالة الراهنة في حضرموت تبرز أهمية التمسك بالشرعية القانونية، وضرورة تمكين السلطات الحكومية من ممارسة صلاحياتها دون تدخلات غير قانونية، ومن حق المجتمع أن يطالب بتفعيل دور المؤسسات الحكومية وتفعيل آليات الرقابة والمساءلة لضمان توجيه الموارد العامة إلى المشاريع الحيوية بشكل يحقق المصلحة العامة ويحافظ على كرامة المواطنين واحتياجاتهم الأساسية.

ودعا الخبراء الاقتصاديون إلى وجوب أن تتخذ الجهات الدولية دوراً في تسليط الضوء على الأزمة الحالية القائمة في حضرموت، وممارسة الضغط الدبلوماسي على السلطات المركزية لمعالجة التدخلات غير القانونية التي تؤدي إلى مجاعة جماعية وأزمة إنسانية كارثيه بالمحافظة، منوهين بوجوب "النظر في إمكانية فرض عقوبات محلية ودولية على الكيانات التي لا تملك صلاحيات رسمية وقانونية وتمارس تجاوزات تسببت في معاناة المواطنين".

وأضاف اقتصاديون ان اقامة صندوق لتنمية حضرموت رفده بنسبة من قيمة مبيعات الديزل كان سيكون خياراً افضل بكثير لضمان الشفافية وضمان حصول كل مديريه في حضرموت على نصيب من اموال المشتقات.

واختتموا بالتأكيد على أن الأحداث الأخيرة في حضرموت تُظهر أن الوسائل غير القانونية للتأثير على القرارات العامة قد تكون لها عواقب وخيمة على حياة الناس ومعيشتهم، لافتين إلى إن تحقيق مطالب المجتمع يجب أن يتم من خلال الحوار والقنوات الشرعية، دون اللجوء إلى تجويع المواطنين وإفقارهم لتحقيق مكاسب سياسية خاصة لأفراد أو كيانات معينة، منوهين بأن تعزيز دور المؤسسات الشرعية ومطالبتها بالشفافية والمساءلة يبقى الحل الأمثل لضمان تحقيق المصالح العامة بشكل عادل ومستدام.