> «الأيام» يمن مونيتور:
أعلن الثوار المناهضون للحكومة السورية أنهم حققوا تقدما مذهلا في حلب ومدن مجاورة، وهو ما يمثل جائزة رمزية واستراتيجية كبرى، في انتكاسة للحكومة في دمشق وحلفائها روسيا وإيران ومحور المقاومة؛ لكن هذا التقدم المفاجئ يدق أجراس الخطر في صنعاء حيث يحكم الحوثيون بقبضة حديدة المناطق الخاضعة لسيطرتهم منذ سيطرتهم على صنعاء عام 2014.
وفيما يراقب الحوثيون عن كثب حليفهم السوري يتهاوى، لم يقدموا أي ردة فعل مباشرة رسمية للأحداث حتى يوم الأحد، عندما وصفت وزارة الخارجية التابعة لهم (غير المعترف بها دولياً) تحركات المعارضة "بالإرهابية" مدفوعة "بمؤامرات الخارجية".
نجا بشار الأسد بأعجوبة من ثورة شعبية أشعلت صراعاً مسلحا ضده في عام 2011. وبمساعدة القوة الجوية الروسية والدعم العسكري من إيران وحلفائها بما في ذلك حركة حزب الله اللبنانية، قمع الانتفاضة باستخدام القصف والأسلحة الكيماوية والاعتقالات الجماعية للمعارضين.
هذا التطور أتى نتيجة لظهور حروب جديدة خارج الحدود السورية، تسببت في تراجع شبكة الدعم التي حظي بها بشار الأسد خلال العقد الماضي، حيث يأتي هجوم المعارضة السورية في وقت يواجه فيه حلفاء الأسد ضغوطا متزايدة: ضخت روسيا موارد عسكرية في غزوها لأوكرانيا، وعانت إيران والميليشيات المتحالفة معها من انتكاسات شديدة خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي في كل من لبنان وسوريا. ووافقت إسرائيل على وقف إطلاق نار هش في لبنان في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ويأتي ذلك أيضًا عشية الإدارة الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي فرض في السابق سياسة الضغط على إيران وشن غارات جوية ضد الأصول العسكرية للحكومة السورية. في وقت تُثار مخاوف من حرب إقليمية واسعة منذ تبادل طهران والاحتلال الإسرائيلي القصف لمرتين هذا العام وهو التحول الأول في حرب الظل بين الطرفين منذ عقود.
قبل الاعتراف الإيراني بسنوات كان النظام السوري هو أول من اعترف بسلطة الحوثيين وسلمهم السفارة اليمنية في دمشق عام 2016، قبل أن يغيّر موقفه بالعودة إلى الجامعة العربية.
وقال الصحافي والباحث مأرب الورد: بالنسبة للحوثيين، لا يقتصر القلق على تطورات حلب وتداعياتها على تماسك النظام السوري، بل يمتد إلى التأثيرات المحتملة على وضعهم الداخلي، والتي من المبكر تقييمها هنا لحين معرفة النتائج النهائية للمعركة عسكريا وسياسيا.
من جهتها قالت ميساء شجاع الدين الباحثة في مركز صنعاء للدراسات إن الحوثيين "أثناء حرب غزة كانوا في حماسه شديدة وصلت حد النشوة أحيانا، عندما بدأت الحرب تتسع لحزب الله بشكل مباشر خاصة اثناء سبتمبر الماضي وما تعرض له حزب الله، بدأ الحوثيون يشعرون بالصدمة والذهول، أما ما يحدث في سوريا فلقد تسبب في حالة هلع بين الحوثيين".
وتظهر مواقف الحوثيين تجاه تطورات حلب توازناً بين الحذر في التعليقات الرسمية والرغبة في استغلال الأحداث لتأكيد موقفهم السياسي، مع تغطية إعلامية محدودة لتفادي التأثير السلبي على قاعدتهم الشعبية.
مع ذلك يبدو قلق الحوثيين واضحاً من خلال مواقف قيادته حيث يرى عبدالملك العجري عضو فريق الحوثيين المفاوض أن التحركات في سوريا مرتبطة بالصراع مع الكيان الإسرائيلي، "الاسد يلعب بالنار.. كانت تلك هي إشارة البدء للأعمال الارهابية في سوريا.. أصبحت القضية أكثر من عارية".
لكن قادة المعارضة السورية يقولون إن تحركهم جاء بعد أشهر من التجهيز والتخطيط للانتقال من أجل استعادة السيطرة على المناطق التي خرجوا منها في 2015 و2016 بفعل العدم الروسي والإيراني.
فيما دعا محمد البخيتي القيادي البارز في الجماعة المسلحة إلى "حقن دماء الشعب السوري"، وقال "لم نحرض طرف على طرف بل كنا ندعو للمصالحة ووقف الحرب وتوحيد الصف لمواجهة إسرائيل خصوصا بعد طوفان الأقصى".
ويرى مأرب الورد في مقاله أن تحليل المواقف الأولية لقادة الحوثيين يشير "إلى متغيرين اثنين ذات دلالة؛ الأول خلو لغة الحوثيين من تشجيع سحق المعارضين وهذا قد يُعزا إلى تأثير المتغيرات الإقليمية على النفوذ الإيراني".
الثاني صياغة سردية جديدة تربط المعارضين بالعمالة للكيان بذريعة توقيت التحرّك مما يشير إلى فشل سردية النظام القديمة التي تبنّوها أيضا والتي تضع كافة المعارضين في خانة "الإرهاب".