> «الأيام» الجريدة الكويتية:

تحاول إيران استيعاب الخسارة الاستراتيجية الكبيرة التي تلقتها بسقوط نظام حليفها الوثيق بشار الأسد في سورية، عبر فتح قنوات تواصل مع بعض فصائل المعارضة السورية التي سيطرت على السلطة، والإشارة إلى أنها كانت على تباعد مع الأسد.

ووسط حالة ارتباك في طهران بانتظار كلمة للمرشد الأعلى علي خامنئي، شرح وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، أمس، خلال جلسة مغلقة لأعضاء مجلس الشورى (البرلمان) ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين اللذين أديا إلى سقوط الأسد، وذلك وسط انتقادات من الأصوليين للحكومة، بسبب ما اعتبروه خسارة مكاسب إيران والحرس الثوري في سورية، حسبما كشف مصدر في لجنة الأمن والسياسة الخارجية للمجلس.

ووفق المصدر، قال عراقجي للنواب إن الأسد لم يكن يحظى بأي شعبية في الشارع السوري، حتى بين أجهزة القرار، وأنه لم يكن يستمع إلى النصائح الإيرانية ويعول أكثر على موسكو، مضيفًا أن إيران واجهته بأدلة حول وجود اختراقات داخل صفوف أجهزته الأمنية بعد أن نجحت إسرائيل في اغتيال قادة بارزين بالحرس الثوري خلال اجتماعات سرية في سورية. وقال المصدر إن الوزير الإيراني ذكر أن طهران كانت على علم بمحاولات الأسد لتحجيم نفوذها وسعيه الحثيث لإعادة العلاقات مع الغرب بأي ثمن حتى لو كان توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، وأنه رفض دعم محور المقاومة بأي شكل منذ 7 أكتوبر 2023، متذرعًا بموقف حركة حماس المؤيد للثورة السورية في بداية الاحتجاجات عام 2011. وبحسب المصدر، أشار عراقجي إلى أن الأسد تجاهل معلومات إيرانية عن تحضير المعارضة لهجوم كبير، واتهم روسيا بأنها كانت على علم بالهجوم، إذ سحبت قواتها قبل يوم من استيلاء المعارضة على حلب، ووجهت وحدات الجيش السوري المحسوبة عليها بالانسحاب وعدم مواجهة المعارضة.

ولفت إلى أن الأسد في بداية الهجوم كان مصرًا على المقاومة، ويعول على أن إيران وحلفاءها سوف يهرعون لنجدته لكن الحكومة الإيرانية اعتبرت أنه لا طائل من ذلك، خصوصًا أن الإمدادات الإيرانية كانت مكشوفة تمامًا أمام إسرائيل.

وحسب المصدر، أكد الوزير الإيراني للنواب أنه يعتقد أن سورية سوف تواجه فترة طويلة من عدم الاستقرار، وأنه لا قدرة لإيران للدخول في صراع نفوذ بين تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة وروسيا، وبالتالي من الأفضل تقليص الخسائر والانسحاب، كاشفًا أن الروس ما زالوا محتفظين بألوية من حلفائهم في الجيش السوري مجهزة ومسلحة بشكل كامل وهم يعولون عليها لضمان مصالحها.

وتوقع الوزير الإيراني أن تواجه المعارضة السورية مشاكل عدة وانقسامات بين فصائلها، خصوصًا تلك المتشددة، وأن يحصل صراع عربي ـ تركي في حال سعت أنقرة إلى توسيع نفوذها بشكل كبير.

وأضاف المصدر أن عراقجي أكد للمجتمعين أن ما حصل في سورية يجب أن يكون درسًا لإيران بالنسبة لعلاقاتها مع روسيا، وأن تقوم بمفاوضة الغرب وحل خلافاتها معه بأسرع ما يمكن، نظرًا لأن الروس من الممكن أن يبيعوها لأجل مصالحهم في أي لحظة.

وكان مسؤول إيراني كبير قال لـ «رويترز» إن طهران فتحت قناة مباشرة للتواصل مع فصائل في القيادة الجديدة في سورية بعد الإطاحة بالأسد، مضيفًا أن هذا يمثل محاولة «لمنع مسار عدائي» بين البلدين. وذكر المسؤول أن «القلق الرئيسي بالنسبة لإيران هو ما إذا كان خليفة الأسد سيدفع سورية للدوران بعيدًا عن فلك طهران، وهو السيناريو الذي تحرص إيران على تجنبه».