> توفيق الشنواح:

في وقت سقط الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه في دمشق والعواصم التي ظلت تمده بعوامل القوة والبقاء، ما زالت صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين ترى أن ما حدث "مؤامرة صهيونية"، من دون التعليق على ما خلفه الرئيس الهارب إلى موسكو من قتل وفقر وتشريد أكثر من نصف شعبه.

وهو الموقف الذي عده مراقبون واحدًا من مفارقات عدة للميليشيات التي تجبر اليمنيين على اتباعها والانصياع لـ"حقها الإلهي في الحكم"، تحت لواء "محور المقاومة" الذي يتهاوى كأحجار الدومينو واحدًا تلو الآخر لم تخفها لغة الخوف والارتباك لتهرب كما جرت العادة إلى التصعيد والتهديد الذي جاء على قادة الجماعة.

ومع المفارقة بين تخلي إيران زعيمة المحور عن النظام السوري وانتقاده، حتى من جانب المرشد علي خامنئي، سارع الحوثيون إلى المناورة خشية مواجهة المصير ذاته، وإن استبعدت تكرار السيناريو في اليمن، معللة ذلك بالاختلافات الكثيرة.

فيما انبرى المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام في تصريحات إلى قناة "المسيرة"، لكيل التهديدات في كل اتجاه في تعبير ضمني على الخوف الذي تشعر به جماعة الحوثي من أي تحرك للقوات الحكومية ضدهم، متوعدًا بأن لديهم "أعلى معايير الجاهزية والاستعداد".

وتعبيرًا عن قلقه من انتقال السيناريو السوري إلى محافظات شمال البلاد التي يسيطرون على معظمها، قال زعيم الحوثيين، لقد "دربنا مئات آلاف المقاتلين ومستعدون لمحاربة أميركا وإسرائيل وكل من سيهاجمنا"، مما اعتبره مراقبون هروبًا معتادًا نحو التهديد النابع من الخوف الذي يعتري الجماعة.

ويقول الباحث السياسي عبدالوهاب بحيبح إن نظام الأسد كان ضالعًا في دعم الحوثيين منذ وقت مبكر مع نشأة الحركة، إذ "كانت سوريا بمثابة مركز تدريب وتأهيل لعناصر الميليشيات، كما أنها شكلت محطة عبور لعناصر الحركة في رحلاتهم إلى إيران للتدريب والتأهيل العقائدي"، ولهذا تشعر الجماعة بأنها "خسرت دولة عربية ظلت تمدها بعوامل عدة للقوة والبقاء".

ويضيف بحيبح أن "المئات من قيادات الحركة منذ البداية اعتمدوا على سوريا كمعبر آمن نحو العالم باعتبار سوريا الأسد جزءًا من المحور الإيراني، فمن الطبيعي أن تشعر الجماعة بالانكشاف والقلق والخوف من انهيار حاجز جديد يحميها وسط محيط محلي وعربي يرفضها".

علاوة على ذلك، تخشى جماعة الحوثي، وفقًا لبحيبح من "مواجهة مصير مشابه لما تعرض له نظام الأسد في سوريا، بخاصة في ظل التوجه الدولي الواضح لقطع أوصال النفوذ الإيراني في المنطقة، أو ما يعرف بـ"وحدة الساحات"، مما يعزز لديهم الشعور بوحدة المصير مع بقية الأطراف التابعة للمحور الإيراني في المنطقة، فما بعد لبنان وسوريا بالتأكيد العراق واليمن".

وأنعش انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الجاري، آمال اليمنيين المشردين بالعودة لديارهم صنعاء كما فعل أهل دمشق، على المستويين الشعبي والرسمي.

النظرة الأممية استشعرت أبعاد هذه التطورات على الملف اليمني، وعلق المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج أن المضي بخريطة الطريق في اليمن أصبح غير ممكن حاليًا، محذرًا من أن استمرار الانتظار قد يعيد البلاد لدوامة الحرب، وفقًا لتصريحات نشرتها الوكالة الفرنسية.

ومع ذلك، قال جروندبرج في وقت لاحق في كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي إن "إنهاء الحرب هو خيار متاح وهو خيار لا يزال في متناول الأطراف".

"إندبندنت عربية"