> عدن "الأيام" محمد رائد محمد:

التربوي جمال مسعود: لا يمكن للمعلم القيام بدوره وهو جائع البطن وشارد الفكر وعصبي المزاج
> قال لـ "الأيام" رئيس دائرة الثقافة والإعلام لنقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين في العاصمة عدن التربوي جمال مسعود علي "إن التعليم في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب وبكل صراحة مهمل وتم التفريط به وتعليق مصيره بالتسوية السياسية وحل الأزمة اليمنية، فأصبحت العملية التعليمية متوقفة، وتعطل دور مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي وتوقفت عن العمل".

جمال مسعود
جمال مسعود
وأضاف جمال مسعود أن التعليم بات يعرض في السوق الخاص والمفتوح لمن سيدفع أكثر، وأُهْـمِـلَـت مطالب المعلمين، وَضَـعُـفَ الأداء الوظيفي في المدارس والثانويات، وَتَـسَـرَّب الدعم المادي وتم تذويبه في برامج الاستنزاف العبثي الذي لم يدعم معلمًا أو يبني مدرسة أو يؤسس مكتبة أو معملاً ولا مختبرًا أو حتى يطبع كتابًا مدرسيًا إلا فيما ندر.

وأكد المسؤول عن إعلام نقابة المعلمين الجنوبيين أن هذا العام 2024م سيستكمل أول جيل دراسي جنوبي تعليمه من خلال 13 عامًا دراسيًّا مضت من الروضة إلى الصف الثاني عشر تعليمًا غير اعتيادي في تاريخ الجنوب بسبب الأزمة السياسية اليمنية والتي لم تنتهي بعد.

وأضاف مسعود أن التعليم في الجنوب ما يزال مضطربًا، مردفًا بقوله "علينا الإقرار والاعتراف بالتفريط بجيل دراسي ضحينا به جراء استمرار ارتباطنا التعليمي بالأزمة اليمنية التي لم ولن تنتهي، ولذلك فإنه قد حان الوقت لإنقاذ التعليم في الجنوب وتحريره من الفشل العام والعودة به إلى سابق عهده إن لم يكن أفضل منه".

ويقول النقابي مسعود "إنه وبينما التعليم الجنوبي ما يزال تائهًا خلال العشر السنوات التي مضت من عُـمْـر الانقلاب الحوثي على الشرعية وخطفه لوزارة التربية والتعليم اليمنية إلا أن المليشيات الحوثية سيطرت على سياستها التعليمية وعملت على حرفها نحو الطائفية وتشويهها للمناهج الدراسية اليمنية"، مضيفًا أن صنعاء كانت صريحة وواضحة في سياستها التعليمية في المناطق التي يسيطرون عليها وتوجيهها بفرض الأمر الواقع نحو منهجها العقائدي الطائفي مستغلة الدعم الدولي لصالحها، وضاربة بعرض الحائط شكاوى حكومة عدن واتهامها للحوثيين بتغيير المناهج الدراسية، ولم يتحرَّج نظام التعليم في صنعاء من ممارساته الطائفية بل يصدح طلاب وطالبات المدارس في كل المناطق الواقعة تحت سيطرتهم بالصرخات في الطوابير المدرسية عامًا بعد عام.


ومضى رئيس دائرة الثقافة والإعلام قائلًا "إن الوضع التربوي في الجنوب يضطرب والتقويم المدرسي يهتز، وأصبح الانقطاع والتوقف والتقديم والتأخير والتلاعب في التقويم المدرسي مألوفًا لدى المجتمع، وأحيانًا تصدر عن وزارة التربية والتعليم في العاصمة عدن تقويمات مدرسية سنوية بنسخ متعددة ما يُـسبب إرباكًا للخطط الدراسية العامة وكذا الخطط التفصيلية للمدرسين في المدارس والثانويات، وهي وقائع لها شواهد وإثباتات على أرض الواقع ويعلمها الجميع".

وبيَّـن مسعود أن أبرز معوقات استقرار العملية التعليمية هي احتجاج المعلمين السنوي والذي صار اليوم أكبر وأخطر مما سبق حيث لم تعد مطالب المعلمين بعلاوات وتحسين أجور بل سقطت إلى الأدنى والمطالبة بصرف الرواتب، مشيرًا إلى أن هذا بحد ذاته يُـعد سقوط وانهيار وظيفي للحكومة تجاه المعلمين، وخطر يهدد العملية التعليمية، بل ويتجاوزها بكثير، لأن انقطاع رواتب المعلمين يُـشكِّـل تهديدًا يستحيل معه أن تسمح الظروف المعيشية الصعبة للمعلم بالتفكير السليم في أداء حصة دراسية متزنة، ففي الأول والأخير المعلمون بشر يتعرضون للتفاعلات الإنسانية مع الظروف المعيشية المتدهورة وكونهم يتعاملون مع عقول ونفسيات مختلفة تحتاج لقدر كبير من التوازن النفسي والهدوء والسكينة وراحة البال، ولا يمكن أن تتوفر عند معلم جائع البطن، شارد الفكر، عصبي المزاج.


وحول الأزمة السياسية اليمنية وتأثيراتها على القطاع التربوي قال النقابي جمال مسعود علي "إن الأزمة ضربت قطاع التربية في الجنوب بمعظم أركانه وتعرضت للمعلمين في محور الارتكاز بالعملية التعليمية من خلال إقحام رواتبهم الشهرية في دائرة الابتزاز والمناكفة"، مؤكدًا أنها لن تزول بمجرد التوجيه بإعادة صرف الرواتب بانتظام مجددًا ولن تنتهي عند هذا الحد، فهي تطور خطير تجاوز الخطوط الحُـمْـر، وكشف الغطاء عن مشروع يدفع نحو التعطيل المُـمنهج إزاء استقرار واستمرار العملية التعليمية، وقطع أواصر الارتباط المنهجي، وتشتيت المواد والموضوعات الدراسية، والعبث بالتقويم المدرسي، والذي يُـفضي إلى استنزاف للسنوات الدراسية وضياع التعليم، وهذا يتطلَّـب إجراء غير اعتيادي وخطوات جبارة حاسمة وحازمة وتدخل سريع لإيقاف حالة التدهور والسقوط القِـيَـمي لمكانة التعليم وأهمية دوره في المجتمع، فهل نكتفي بما تم التضحية به والتفريط بجيل دراسي من أبناء الجنوب ونأخذ منه الدروس والعبر ثم نفكر بعقلانية وحزم في الخروج من هذا المأزق، أم نخوض تجربة السقوط بجيل آخر؟

وطالب رئيس دائرة الثقافة والإعلام لنقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين في العاصمة عدن بشق الطريق نحو الاستقلالية لقرار وسيادة التعليم في الجنوب وإنقاذ ما يُـمكن إنقاذه وأن لا ينتظر النقابيون التربويون والمعلمون كذلك على مخرجات التسوية التي لم تُـسوَّى، وذلك من أجل الإمساك بزمام التعليم في الجنوب وتوجيهه بشكل قويم بعيدًا عن الأزمة وتوفير وسائل ضمان استمراره واستقراره، واعتماد حسابات الموازنة العامة للدولة بابًا واسعًا له حتى يتمكَّـن الحقل التربوي من تغطية احتياجاته واستعادة مكانته التي عُـرِفَـت في الدولة الجنوبية.