> دمشق "الأيام" العرب اللندنية:
لا تزال آثار انهيار نظام بشار الأسد السريع في سوريا تتجلى. لكن سقوطه المفاجئ سيهز الشرق الأوسط وما وراءه أيضا.
وكانت الصين متحالفة مع الأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011 وخاصة عبر علاقاتها الوثيقة مع روسيا وإيران اللتين دعمتا الرئيس السوري السابق.
وصوتت بكين في الأمم المتحدة إلى جانب موسكو في الكثير من الأحيان. ومنعت إدانات الأسد والمساعدات عبر الحدود. واعتمدت بكين حق النقض (الفيتو) 8 مرات لدعم الأسد في الأمم المتحدة، وهو نصف إجمالي عدد المرات التي استخدمته فيها.
وخفضت بكين وجودها في سوريا في خضم الصراع. لكنها واصلت بناء علاقات وثيقة مع الأسد، وبلغت ذروتها في نهاية المطاف في زيارته الرسمية للصين في 2023.
وكان الاستثمار الصيني في سوريا نادرا. ولم يُسجل أي تحرك بخلاف اتفاقية الشراكة الإستراتيجية والتعهد بالانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق. ولم تشهد البلاد إبرام عقود كبيرة مع الشركات الصينية منذ سنة 2010.
مساندة الأسد
كانت القضية الأكبر بالنسبة لبكين رمزية وارتبطت بشكلية الاستقرار الذي يمثله الأسد، خاصة لأن انتفاضة شعبية هددته في البداية قبل أن تتسبب في اندلاع الحرب الأهلية السورية. وكان انتشار الثورات في العالم العربي منذ 2011 مقلقا للحزب الشيوعي الصيني.
وكان التذمر الشعبي من الفساد داخل الصين على مختلف مستويات السلطة شائعا حينها. وكان الحزب قلقا من أن تلهم الاحتجاجات في جميع أنحاء الشرق الأوسط المواطنين الصينيين، خاصة في خضم التوترات التي تصاعدت حينها في منطقتي التبت وسنجان.
كما كان صعود تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا تطورا مهما آخر في البلاد. وشهدت الحرب سفر الآلاف من الإيغور، وهي مجموعة ذات أغلبية مسلمة من غرب الصين، إلى سوريا للقتال ضد الحكومة السورية. وقال العديد من المقاتلين إنهم قدموا لتعلم كيفية استخدام الأسلحة ثم العودة إلى الصين.
وبعد تعرضهم لحملة قمع شرسة من قبل قوات الأمن الصينية التي اتهمها الغرب منذ فترة طويلة بقمع الأقلية الأويغورية في البلاد، انضم عدد من المتمردين من الحزب الإسلامي التركستاني إلى الجهاديين الذين يقاتلون الحكومة السورية في حرب أهلية اندلعت لأول مرة في عام 2011.
وبعد أن كانوا محصورين إلى حد كبير في معقل المتشددين في محافظة إدلب الشمالية الغربية وضواحيها، يتجول مقاتلو الفرع السوري للحزب الإسلامي التركستاني، بما في ذلك القائد أبومحمد، الآن في شوارع دمشق وغيرها من المدن الكبرى.
ونشر الأعضاء لقطات يخاطبون فيها مظالمهم في شينجيانغ للجمهور السوري ويهددون باستخدام مخزونات الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من الجيش العربي السوري السابق ضد الصين.
وقال أمير الحزب الإسلامي التركستاني الشيخ عبدالحق التركستاني في بيان وزعته المجموعة الأسبوع الماضي “بإذن الله وقوته وسلطانه، سيذوق الكفار الصينيون قريبا نفس العذاب الذي ذاقه الكفار في بلاد الشام.”
وذكرت مجموعة من الوثائق الحكومية الداخلية المسربة التي حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز أن المخاوف من عودة المقاتلين المتمرسين في القتال إلى سنجان كانت من المبررات التي عبر عنها الرئيس الصيني شي جينبينغ لكبار قادة الحزب لإطلاق نظام القمع والمعسكرات في غرب الصين الذي استهدف سكان الإيغور.
ويعدّ دعم بكين للأسد منطقيا في ضوء هذا السياق. لكنه رهان كبير لم يؤت ثماره. كما مثّل سقوط النظام السوري انعكاسا لضعف قوة إيران وروسيا الإقليمية، وهما من شركائه الرئيسيين.
ويشير عجزهما عن دعم الأسد إلى أن الحروب في غزة ولبنان وأوكرانيا قد استهلكتهما. وقد يكون هذا مصدر قلق لتطلعات بكين.
كما لا ترحب بكين في الداخل بالرسالة التي يبعث بها الانهيار السريع للحكومة السورية. وبرز هذا في الطريقة التي غطت بها وسائل الإعلام الصينية الأحداث للمشاهدين المحليين.
وانتشرت في جميع أنحاء العالم صورالحشود المحتفلة ومشاهد إسقاط التماثيل. لكن تغطية وسائل الإعلام الحكومية الصينية تركزت على كاميرات المراقبة التي صورت زوايا من دمشق تخلو من الحشود. وعلى المستوى الرسمي، كانت الصين متحفظة بشأن اتخاذ موقف بشأن الاتجاه المستقبلي لسوريا منذ انهيار نظام الأسد.
تدخل صيني محتمل
لقد أثارت الإطاحة المفاجئة ببشار الأسد رد فعل مدروسا وحذرا من جانب الصين، مما يعكس تأكيدها على الاستقرار والسيادة وعدم التدخل في الشؤون الدولية. ويؤكد نهج الصين تجاه هذا التطور على أولوياتها المزدوجة المتمثلة في حماية مصالحها في سوريا والحفاظ على مبادئ سياستها الخارجية الأوسع.
وأعربت بكين عن قلقها العميق إزاء الوضع، مؤكدة على الحاجة إلى حل سياسي سريع يحترم سيادة سوريا وسلامة أراضيها. ودعت وزارة الخارجية الصينية جميع الأطراف إلى إعطاء الأولوية للمصالح الأساسية للشعب السوري والعمل نحو تسوية سياسية طويلة الأجل.
وفي هذا السياق المتقلب، تتلخص المصالح الإستراتيجية للصين في سوريا في تأمين استثماراتها في المنطقة والحفاظ على نفوذها على المبادرات الرئيسية، مثل مبادرة الحزام والطريق. وفي حين كان الهدف من مشاركة سوريا في مبادرة الحزام والطريق تعزيز الاتصال بين البنية التحتية والعلاقات الاقتصادية، فإن عدم الاستقرار السياسي والتشرذم الذي أعقب سقوط الأسد أديا إلى تعليق هذه المشاريع. وتواجه الصين الآن تحدي الموازنة بين رغبتها في الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع البلاد والتكيف مع المشهد السياسي المتغير بسرعة.
وكان التركيز المباشر للصين على ضمان سلامة مواطنيها ومنظماتها في سوريا. ولا تزال السفارة الصينية في دمشق تعمل، وتساعد المواطنين الصينيين في ترتيبات المغادرة وإصدار إرشادات السلامة. وعلاوة على ذلك، دعت بكين جميع الأطراف ذات الصلة داخل سوريا إلى ضمان أمن الموظفين الصينيين والبنية التحتية، مما يشير إلى اهتمامها بالحفاظ على وجودها وحماية استثماراتها في البلاد.
وعلاوة على ذلك، فإن الشراكات المتنامية للصين مع دول الخليج العربية، بما في ذلك استثماراتها في الطاقة والتجارة والبنية التحتية، يمكن أن تؤثر على موقفها في إعادة إعمار سوريا بعد الأسد.
وإذا استطاعت الصين أن تعمل جنبا إلى جنب مع دول الخليج التي تتوافق مصالحها مع الاستقرار وإعادة الإعمار، فقد تتمكن من الوصول إلى أسواق جديدة ودعم جهود إعادة الإعمار. وفي هذا الصدد، قد يتماشى تورط الصين في سوريا مع الجهود الإقليمية الأوسع نطاقا الرامية إلى تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وموازنة نفوذ إيران وروسيا.
وإذا ظهرت قيادة سورية براغماتية، راغبة في التغاضي عن دعم بكين السابق لنظام الأسد ورفع العقوبات، فقد تشارك الصين في نهاية المطاف في إعادة إعمار سوريا والوصول إلى سوق تصديرية كبيرة.
ومع ذلك، فإن تباطؤ الاقتصاد الصيني قد يخفف من التزاماتها. ومع تضاؤل نفوذ إيران وروسيا، تفتقر الصين إلى شريك اقتصادي قوي لاستقرار الاقتصاد السوري أو تسهيل إعادة الإعمار. وردا على ذلك، قد تسعى بكين إلى التعاون مع دول الخليج العربية لتشكيل إعادة إعمار سوريا، وضمان استمرار المشاركة.
وكانت الصين متحالفة مع الأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011 وخاصة عبر علاقاتها الوثيقة مع روسيا وإيران اللتين دعمتا الرئيس السوري السابق.
وصوتت بكين في الأمم المتحدة إلى جانب موسكو في الكثير من الأحيان. ومنعت إدانات الأسد والمساعدات عبر الحدود. واعتمدت بكين حق النقض (الفيتو) 8 مرات لدعم الأسد في الأمم المتحدة، وهو نصف إجمالي عدد المرات التي استخدمته فيها.
وخفضت بكين وجودها في سوريا في خضم الصراع. لكنها واصلت بناء علاقات وثيقة مع الأسد، وبلغت ذروتها في نهاية المطاف في زيارته الرسمية للصين في 2023.
وكان الاستثمار الصيني في سوريا نادرا. ولم يُسجل أي تحرك بخلاف اتفاقية الشراكة الإستراتيجية والتعهد بالانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق. ولم تشهد البلاد إبرام عقود كبيرة مع الشركات الصينية منذ سنة 2010.
مساندة الأسد
كانت القضية الأكبر بالنسبة لبكين رمزية وارتبطت بشكلية الاستقرار الذي يمثله الأسد، خاصة لأن انتفاضة شعبية هددته في البداية قبل أن تتسبب في اندلاع الحرب الأهلية السورية. وكان انتشار الثورات في العالم العربي منذ 2011 مقلقا للحزب الشيوعي الصيني.
وكان التذمر الشعبي من الفساد داخل الصين على مختلف مستويات السلطة شائعا حينها. وكان الحزب قلقا من أن تلهم الاحتجاجات في جميع أنحاء الشرق الأوسط المواطنين الصينيين، خاصة في خضم التوترات التي تصاعدت حينها في منطقتي التبت وسنجان.
كما كان صعود تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا تطورا مهما آخر في البلاد. وشهدت الحرب سفر الآلاف من الإيغور، وهي مجموعة ذات أغلبية مسلمة من غرب الصين، إلى سوريا للقتال ضد الحكومة السورية. وقال العديد من المقاتلين إنهم قدموا لتعلم كيفية استخدام الأسلحة ثم العودة إلى الصين.
وبعد تعرضهم لحملة قمع شرسة من قبل قوات الأمن الصينية التي اتهمها الغرب منذ فترة طويلة بقمع الأقلية الأويغورية في البلاد، انضم عدد من المتمردين من الحزب الإسلامي التركستاني إلى الجهاديين الذين يقاتلون الحكومة السورية في حرب أهلية اندلعت لأول مرة في عام 2011.
وبعد أن كانوا محصورين إلى حد كبير في معقل المتشددين في محافظة إدلب الشمالية الغربية وضواحيها، يتجول مقاتلو الفرع السوري للحزب الإسلامي التركستاني، بما في ذلك القائد أبومحمد، الآن في شوارع دمشق وغيرها من المدن الكبرى.
ونشر الأعضاء لقطات يخاطبون فيها مظالمهم في شينجيانغ للجمهور السوري ويهددون باستخدام مخزونات الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من الجيش العربي السوري السابق ضد الصين.
وقال أمير الحزب الإسلامي التركستاني الشيخ عبدالحق التركستاني في بيان وزعته المجموعة الأسبوع الماضي “بإذن الله وقوته وسلطانه، سيذوق الكفار الصينيون قريبا نفس العذاب الذي ذاقه الكفار في بلاد الشام.”
وذكرت مجموعة من الوثائق الحكومية الداخلية المسربة التي حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز أن المخاوف من عودة المقاتلين المتمرسين في القتال إلى سنجان كانت من المبررات التي عبر عنها الرئيس الصيني شي جينبينغ لكبار قادة الحزب لإطلاق نظام القمع والمعسكرات في غرب الصين الذي استهدف سكان الإيغور.
ويعدّ دعم بكين للأسد منطقيا في ضوء هذا السياق. لكنه رهان كبير لم يؤت ثماره. كما مثّل سقوط النظام السوري انعكاسا لضعف قوة إيران وروسيا الإقليمية، وهما من شركائه الرئيسيين.
ويشير عجزهما عن دعم الأسد إلى أن الحروب في غزة ولبنان وأوكرانيا قد استهلكتهما. وقد يكون هذا مصدر قلق لتطلعات بكين.
كما لا ترحب بكين في الداخل بالرسالة التي يبعث بها الانهيار السريع للحكومة السورية. وبرز هذا في الطريقة التي غطت بها وسائل الإعلام الصينية الأحداث للمشاهدين المحليين.
وانتشرت في جميع أنحاء العالم صورالحشود المحتفلة ومشاهد إسقاط التماثيل. لكن تغطية وسائل الإعلام الحكومية الصينية تركزت على كاميرات المراقبة التي صورت زوايا من دمشق تخلو من الحشود. وعلى المستوى الرسمي، كانت الصين متحفظة بشأن اتخاذ موقف بشأن الاتجاه المستقبلي لسوريا منذ انهيار نظام الأسد.
تدخل صيني محتمل
لقد أثارت الإطاحة المفاجئة ببشار الأسد رد فعل مدروسا وحذرا من جانب الصين، مما يعكس تأكيدها على الاستقرار والسيادة وعدم التدخل في الشؤون الدولية. ويؤكد نهج الصين تجاه هذا التطور على أولوياتها المزدوجة المتمثلة في حماية مصالحها في سوريا والحفاظ على مبادئ سياستها الخارجية الأوسع.
وأعربت بكين عن قلقها العميق إزاء الوضع، مؤكدة على الحاجة إلى حل سياسي سريع يحترم سيادة سوريا وسلامة أراضيها. ودعت وزارة الخارجية الصينية جميع الأطراف إلى إعطاء الأولوية للمصالح الأساسية للشعب السوري والعمل نحو تسوية سياسية طويلة الأجل.
وفي هذا السياق المتقلب، تتلخص المصالح الإستراتيجية للصين في سوريا في تأمين استثماراتها في المنطقة والحفاظ على نفوذها على المبادرات الرئيسية، مثل مبادرة الحزام والطريق. وفي حين كان الهدف من مشاركة سوريا في مبادرة الحزام والطريق تعزيز الاتصال بين البنية التحتية والعلاقات الاقتصادية، فإن عدم الاستقرار السياسي والتشرذم الذي أعقب سقوط الأسد أديا إلى تعليق هذه المشاريع. وتواجه الصين الآن تحدي الموازنة بين رغبتها في الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع البلاد والتكيف مع المشهد السياسي المتغير بسرعة.
وكان التركيز المباشر للصين على ضمان سلامة مواطنيها ومنظماتها في سوريا. ولا تزال السفارة الصينية في دمشق تعمل، وتساعد المواطنين الصينيين في ترتيبات المغادرة وإصدار إرشادات السلامة. وعلاوة على ذلك، دعت بكين جميع الأطراف ذات الصلة داخل سوريا إلى ضمان أمن الموظفين الصينيين والبنية التحتية، مما يشير إلى اهتمامها بالحفاظ على وجودها وحماية استثماراتها في البلاد.
وعلاوة على ذلك، فإن الشراكات المتنامية للصين مع دول الخليج العربية، بما في ذلك استثماراتها في الطاقة والتجارة والبنية التحتية، يمكن أن تؤثر على موقفها في إعادة إعمار سوريا بعد الأسد.
وإذا استطاعت الصين أن تعمل جنبا إلى جنب مع دول الخليج التي تتوافق مصالحها مع الاستقرار وإعادة الإعمار، فقد تتمكن من الوصول إلى أسواق جديدة ودعم جهود إعادة الإعمار. وفي هذا الصدد، قد يتماشى تورط الصين في سوريا مع الجهود الإقليمية الأوسع نطاقا الرامية إلى تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وموازنة نفوذ إيران وروسيا.
وإذا ظهرت قيادة سورية براغماتية، راغبة في التغاضي عن دعم بكين السابق لنظام الأسد ورفع العقوبات، فقد تشارك الصين في نهاية المطاف في إعادة إعمار سوريا والوصول إلى سوق تصديرية كبيرة.
ومع ذلك، فإن تباطؤ الاقتصاد الصيني قد يخفف من التزاماتها. ومع تضاؤل نفوذ إيران وروسيا، تفتقر الصين إلى شريك اقتصادي قوي لاستقرار الاقتصاد السوري أو تسهيل إعادة الإعمار. وردا على ذلك، قد تسعى بكين إلى التعاون مع دول الخليج العربية لتشكيل إعادة إعمار سوريا، وضمان استمرار المشاركة.