> «الأيام» روسيا اليوم:
كشف الصحفي المصري الكبير عبده مباشر عن كواليس علاقاته برؤساء مصر الراحلين جمال عبد الناصر، أنور السادت وحسني مبارك، وباح بأسرار وقائع كبرى دونها التاريخ.
ويقول "عميد المحررين العسكريين" كما يلقبونه في الحلقة الثانية ضمن سلسلة "ذكريات شيوخ صاحبة الجلالة" والتي تنشرها صحيفة "المصري اليوم": "إن السادات خطط للوصول إلى منصب رئيس مصر بدهاء عبر إيهام عبد الناصر أنه زاهد في المناصب، بينما كان حسني مبارك يعلن أنه يحب وظيفة سفير تفاديا لصراعات السلطة".
وروى عبده مباشر كيف استطاع أن "يقلب دماغ" عايزر وايزمان القائد العسكري اليهودي المحنك بعشاء سمك وسهرة كباريه ويعرف ما يفكر فيه.
وذكر في تصريحاته أن السادات طلب منه سبر أغوار الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
وفي الحوار المطول مع "المصري اليوم"، صرح الصحفي المصري الكبير بأن أول لقاء له مع الرئيس الراحل عبد الناصر كان بعد أن أجرى حوارا مع العاهل السعودي آنذاك الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، حيث قال: "وقتها، عندما تواجدت في الرياض لتغطية أحداث ما بعد اتفاق جدة عام 1965 لإنهاء الحرب فى اليمن، جاءتني فكرة إجراء الحوار وتوجهت إلى مكتبه أكثر من مرة، وأخيرا التقيت الأمير عبد الله الفيصل نجل الملك.. وحينما علم أنني مصري بادرني قائلا: "سندفع كل ما لدينا حتى يركع عبد الناصر"، وأثنى على كلامه كمال أدهم رئيس المخابرات السعودية، الذي تواجد بجواره في تلك اللحظة.
ورددت عليهم: "لن يركع عبد الناصر أبدا لأنه رئيس مصر وبلدنا دائما شامخة". عندها، تحرك أحد السكرتارية ليخبر الملك بالأمر، وبعد دقائق طلب مني السير معه إلى مقر الملك حيث وجدته جالسا مشغولا بالحديث مع آخرين، فانتظرت لأكثر من ساعة بعدها نادى وقال: "الصحفي المصر" يقترب مني"، فتحركت ناحيته".
ويقول عبده مباشر إن الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود قال له بود شديد: "أهلا بك يا ولدي، ماذا ترغب؟"، فعاتبته على ما قاله ابنه وزوج ابنته، فأجابني بأنهم لا دخل لهم بالسياسة وأنه يقدر عبد الناصر ويعلم جيدا أن كل ما يصرح به الرئيس من سبيل الكلام الإعلامي للاستهلاك المحلي، مؤكدا تقديره واحترامه له".
ويتابع قائلا: "بعدها، سألني "ماذا ترغب تحديدًا؟"، فأخبرته بأنني جئت إليه من أجل إجراء حوار خاص، فوافق وطلب إخلاء المكان من أجلي وأجاب على كل أسئلتي".
ومضى قائلا: "قبل أن أنصرف قال لي استأذنك أن تأخذ الهدية الخاصة بضيوفنا، وهي عباءة وبعض إكسسوار الملابس، فرفضتها".
وذكر "عميد المحررين العسكريين" أنه سارع إلى الأستاذ مصطفى أمين بالصيد الثمين وأخبره بالحوار، فقال لي "لازم الرئيس يعرف"، وبعد أقل من ساعة وجدته يبلغني بأن سيارة من الرئاسة تنتظرني أسفل الجريدة.
وقبل أن ألملم أوراقي وأشيائي الخاصة بالعمل وجدت شخصين يخبراني بأنهما جاءا لاصطحابه إلى مكتب الرئاسة بمنشية البكري، وفور وصولنا استقبلني سكرتارية مكتب رئيس الجمهورية بالتوبيخ وقال لي أحدهم: "أنت خاين! إزاي تعمل حوارا مع فيصل؟"، ولم أنطق ببنت شفة، وفضلت الصمت بدلا من الدخول معهم في مناكفة" ليس لها فائدة.
ويردف الصحفي المصري الكبير بالقول: "قال لي اتفضل يا سيدي معايا، ودخلنا على الرئيس، وبمجرد أن رآني، قال لي أهلا يا عبده وكان جالسا، ثم نهض من على مقعده وجاء ناحيتي ووضع يده فوق كتفي وقال احكي لي بالتفصيل قصة الحوار مع الملك فيصل".
وسردت عليه الحكاية من أولها لآخرها وهو يسمعني في صمت، لم يقل سوى كلمة: "آه" التي كررها كثيرا، بعد أن انتهيت طلب مني إعادتها مرة ثانية، وفعلت ما أراد، وعندها سألني: "أين شريط التسجيل؟"، فقدمته له، فنظر لي قائلا: "نسمعه سوا"، وعند جملة "عبد الناصر لن يركع أبدا" التي عاتبت بها الملك فيصل وجدت الرئيس يبتسم، وهو ما أثلج صدري وأزال بعض قلقي.
ويفيد الصحفي المصري بأنه شعر وقتها فقط بشيء من الاطمئنان حتى انتهى التسجيل، مضيفا: "عندها قال لي الرئيس أنت صحفي وطني ومخلص، وأنا عارف أن الحوار ده مهم بالنسبة لك، لكن أنا شايف عدم نشره من أجل المصلحة العامة"، وما كان مني إلا أن أجيبه: اللي تشوفه يا أفندم، ثم قال لي: "اتفضل يا عبده"، فتوترت وقلت له "على فين يا أفندم؟"، فضحك وقال لي: "اطمئن، أنت هتروح بيتك".
ويقول إن كلام عبد الناصر شجعه بأن أصارحه بما اتهمه به سكرتارية مكتبه بأنه صحفى خائن بسبب حواره مع الملك فيصل، فإذا به يخرج عليهم ويشبعهم توبيخا ويقول لهم: "يا ولاد.. يا ريت عندنا 10 مخلصين زى عبده مباشر، وحضنني وودعني، وانصرفت من المكان، وكان هذا أول لقاء يجمعني بالرئيس عبد الناصر".
فاستشطت غيظا وقلت: "سأجمع تبرعات من أجل مصر والعرب.. وذهبت إلى أعضاء في السياسة الألمانية والحزب الشيوعي وأبلغتهم أنني أرغب في جمع تبرعات لبلدي وأحتاج مساعدتهم ورحبوا بالفكرة، وبدأت جمع التبرعات حتى وصلت إلى 2 مليون مارك، وعندها، تناقشت مع الألمان في أفضل شيء يمكن أن نفعله بهذه المبالغ، فاقترحوا شراء معدات وأجهزة طبية بتلك التبرعات وإرسالها إلى مصر. وسارعت للاتصال بمكتب الرئيس وأبلغتهم بما فعلت فطلبوا مني الانتظار، وبعد ساعات أخبروني بأن طائرة مصر للطيران ستنتظرنا في قبرص لنقل الأجهزة الطبية إلى القاهرة".
وفى اليوم التالي، وجدت الرئيس عبد الناصر يتصل بي هاتفيا ليشكرني، ويقول لي: "أنت ابن مصر البار، ربنا يحفظك يا ابني"، وشعرت أن العلاقة أخذت جانبا إنسانيا وتوطدت فيما بعد حيث كثيرا ما طلبني للسفر معه.
وأكد في تصريحاته أنه لم يهجر مهنة الصحافة بل كان يقوم بأعمال فدائية مع بعض الزملاء على فترات زمنية مختلفة، حيث يقومون في غضون يوم وليلة فقط بعملية فدائية، وبعدها يعود مرة أخرى لمنزلي وعملي ويمارس حياته العادية. واستمر هذا العمل 3 سنوات من أواخر 1967 إلى عام 1970.
وصرح بأنه شارك في أعمال فدائية ضد اليهود وشارك في أسر جنود وضرب كمائن ودبابات وتدمير قواعد عسكرية إسرائيلية ومهاجمة مطارات وغيرها من تلك الأعمال، وهي تدخل تحت نطاق عمليات الاستنزاف.
ووصف عبده مباشر السادات بالداهية وأنه لا يمكن أن يصف الذكاء اللامحدود والدهاء الكبير، مضيفا: "لن تقابل خلال مشوار حياتك مثله، ويمكن أن تمنحك الأقدار كما حدث معي فرصة وحيدة للالتقاء بمثله فهو شخص لديه قدرات ذهنية خارقة لم أراها في إنسان طيلة حياتي، وهو يستحق أن يكون رئيسا لمصر لعبقريته، والتركيز الكبير جدا الذي اتسم به، وكلنا نعلم أنه الرئيس الوحيد الذي استطاع ضرب إسرائيل واستعادة الأرض وفي نفس الوقت تحقيق السلام، ولك أن تتخيل أن السادات كان يستطيع قراءة الأشخاص وما يفكرون به، فقد كان قادرا على اكتشاف كل ما يدور برأسك بمجرد النظر إليك، وهو ما سهل له تنفيذ أشياء خطيرة فعلها بكل بساطة، ووصل إلى ما تمناه وخطط له، كما كان ودودا يدخل القلوب بسرعة، ومنظما، ومثقفا، وقارئا، وهذه الأمور شكلت شخصيته المختلفة وجعلت منه كاريزما جبارة يقف أمامها التاريخ كثيرا".
وأكد في حديثه أن "السادات خطط لأشياء عديدة الوصول إليها قد يكلف المرء العمر لكنه استطاع تحقيقها، وأنا شخصيا على قناعة أنه تمنى حكم مصر والجلوس على مقعد رئيس الجمهورية ورأيت ذلك في عينيه ولم أصارحه أبدا بهذا الأمر، ومن خلال اقترابي منه استشعرت هذه الرغبة لديه وبكل أمانة هو استحق المنصب الرفيع بجدارة لأنه كفء، وشخصية مبدعة، ومن أعظم الحكام فى تاريخ مصر والعرب بل والعالم".
وظل الاثنان يؤكدان على صدق ما يقولان حتى أصبح عبد الناصر مطمئنا من ناحيته واقتنع أن السادات يكره مقعد الرئيس، وفي تلك الأثناء كان السادات حريصا على تغيير نمط حياته، ودائما ما كان يذهب إلى النادي الأهلي ويقضي أوقاتا طويلة مع أشخاص لا علاقة لهم بالسياسة حتى تيقن الجميع أنه محب لحياته الجديدة، وبتلك الطريقة استطاع أن يخدع وينوم عبد الناصر تنويما مغناطيسيا ونجا من هاجس إمكانية التخلص منه حال انكشاف أمره ورغبته في الوصول لمقعد الحكم، وبالفعل نجا بدهاء منقطع النظير.
ويوضح أن السادات كان شخصا حريصا لأبعد الحدود وهو يفعل ذلك في كل أمور حياته البسيطة قبل الجسيمة وهذه من صفات الإنسان الناجح، ألا يدع شيئا للمصادفة أو الظروف، حيث يؤمن نفسه وأفكاره وطموحاته ما يسهل له التنفيذ بعيدا عن العقبات.
ووفق ما جاء على لسانه، قال مباشر "هناك واقعة أخرى كان بطلها عيزر وايزمان قائد سلاح الجو الإسرائيلي الذي أصبح فيما بعد رئيسا لإسرائيل، وقد كان وقت حضوره القاهرة مفاوضا في اتفاقيات فض الاشتباك، حيث طلبني الرئيس وعندما التقيته قال لي: "عايزك تعرف الراجل اليهودي ده بيفكر في إيه ودماغه ماشية إزاي؟"، واهتم السادات جدا بمعرفة كل أفكاره وشخصيته، ولذلك أعطى الأوامر بتسهيل مهمتي، وبالفعل قررت التوجه به إلى الإسكندرية بسيارة كنا قد تحركنا بها وسط شوارع القاهرة حتى وصلنا هناك، وعزمته على "أكلة سمك".
وفي المساء، أخذته وذهبنا إلى كباريه بهدف قضاء وقت سعيد، وفي نهاية الرحلة جمعت منه معلومات قيمة فحواها أنهم يرغبون في السلام ويخشون من مصر وما يعلنونه غير ما يخفونه، وأخبرت بها الرئيس السادات ففرح وانفرجت أساريره، وارتسمت على ملامحه البهجة وقال لي: "برافو".. بعدها وطد السادات علاقته بالرجل من أجل تحقيق السلام.
"المصري اليوم"
ويقول "عميد المحررين العسكريين" كما يلقبونه في الحلقة الثانية ضمن سلسلة "ذكريات شيوخ صاحبة الجلالة" والتي تنشرها صحيفة "المصري اليوم": "إن السادات خطط للوصول إلى منصب رئيس مصر بدهاء عبر إيهام عبد الناصر أنه زاهد في المناصب، بينما كان حسني مبارك يعلن أنه يحب وظيفة سفير تفاديا لصراعات السلطة".
وروى عبده مباشر كيف استطاع أن "يقلب دماغ" عايزر وايزمان القائد العسكري اليهودي المحنك بعشاء سمك وسهرة كباريه ويعرف ما يفكر فيه.
وذكر في تصريحاته أن السادات طلب منه سبر أغوار الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
وفي الحوار المطول مع "المصري اليوم"، صرح الصحفي المصري الكبير بأن أول لقاء له مع الرئيس الراحل عبد الناصر كان بعد أن أجرى حوارا مع العاهل السعودي آنذاك الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، حيث قال: "وقتها، عندما تواجدت في الرياض لتغطية أحداث ما بعد اتفاق جدة عام 1965 لإنهاء الحرب فى اليمن، جاءتني فكرة إجراء الحوار وتوجهت إلى مكتبه أكثر من مرة، وأخيرا التقيت الأمير عبد الله الفيصل نجل الملك.. وحينما علم أنني مصري بادرني قائلا: "سندفع كل ما لدينا حتى يركع عبد الناصر"، وأثنى على كلامه كمال أدهم رئيس المخابرات السعودية، الذي تواجد بجواره في تلك اللحظة.
ورددت عليهم: "لن يركع عبد الناصر أبدا لأنه رئيس مصر وبلدنا دائما شامخة". عندها، تحرك أحد السكرتارية ليخبر الملك بالأمر، وبعد دقائق طلب مني السير معه إلى مقر الملك حيث وجدته جالسا مشغولا بالحديث مع آخرين، فانتظرت لأكثر من ساعة بعدها نادى وقال: "الصحفي المصر" يقترب مني"، فتحركت ناحيته".
ويقول عبده مباشر إن الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود قال له بود شديد: "أهلا بك يا ولدي، ماذا ترغب؟"، فعاتبته على ما قاله ابنه وزوج ابنته، فأجابني بأنهم لا دخل لهم بالسياسة وأنه يقدر عبد الناصر ويعلم جيدا أن كل ما يصرح به الرئيس من سبيل الكلام الإعلامي للاستهلاك المحلي، مؤكدا تقديره واحترامه له".
ويتابع قائلا: "بعدها، سألني "ماذا ترغب تحديدًا؟"، فأخبرته بأنني جئت إليه من أجل إجراء حوار خاص، فوافق وطلب إخلاء المكان من أجلي وأجاب على كل أسئلتي".
ومضى قائلا: "قبل أن أنصرف قال لي استأذنك أن تأخذ الهدية الخاصة بضيوفنا، وهي عباءة وبعض إكسسوار الملابس، فرفضتها".
وذكر "عميد المحررين العسكريين" أنه سارع إلى الأستاذ مصطفى أمين بالصيد الثمين وأخبره بالحوار، فقال لي "لازم الرئيس يعرف"، وبعد أقل من ساعة وجدته يبلغني بأن سيارة من الرئاسة تنتظرني أسفل الجريدة.
وقبل أن ألملم أوراقي وأشيائي الخاصة بالعمل وجدت شخصين يخبراني بأنهما جاءا لاصطحابه إلى مكتب الرئاسة بمنشية البكري، وفور وصولنا استقبلني سكرتارية مكتب رئيس الجمهورية بالتوبيخ وقال لي أحدهم: "أنت خاين! إزاي تعمل حوارا مع فيصل؟"، ولم أنطق ببنت شفة، وفضلت الصمت بدلا من الدخول معهم في مناكفة" ليس لها فائدة.
ويردف الصحفي المصري الكبير بالقول: "قال لي اتفضل يا سيدي معايا، ودخلنا على الرئيس، وبمجرد أن رآني، قال لي أهلا يا عبده وكان جالسا، ثم نهض من على مقعده وجاء ناحيتي ووضع يده فوق كتفي وقال احكي لي بالتفصيل قصة الحوار مع الملك فيصل".
وسردت عليه الحكاية من أولها لآخرها وهو يسمعني في صمت، لم يقل سوى كلمة: "آه" التي كررها كثيرا، بعد أن انتهيت طلب مني إعادتها مرة ثانية، وفعلت ما أراد، وعندها سألني: "أين شريط التسجيل؟"، فقدمته له، فنظر لي قائلا: "نسمعه سوا"، وعند جملة "عبد الناصر لن يركع أبدا" التي عاتبت بها الملك فيصل وجدت الرئيس يبتسم، وهو ما أثلج صدري وأزال بعض قلقي.
ويفيد الصحفي المصري بأنه شعر وقتها فقط بشيء من الاطمئنان حتى انتهى التسجيل، مضيفا: "عندها قال لي الرئيس أنت صحفي وطني ومخلص، وأنا عارف أن الحوار ده مهم بالنسبة لك، لكن أنا شايف عدم نشره من أجل المصلحة العامة"، وما كان مني إلا أن أجيبه: اللي تشوفه يا أفندم، ثم قال لي: "اتفضل يا عبده"، فتوترت وقلت له "على فين يا أفندم؟"، فضحك وقال لي: "اطمئن، أنت هتروح بيتك".
ويقول إن كلام عبد الناصر شجعه بأن أصارحه بما اتهمه به سكرتارية مكتبه بأنه صحفى خائن بسبب حواره مع الملك فيصل، فإذا به يخرج عليهم ويشبعهم توبيخا ويقول لهم: "يا ولاد.. يا ريت عندنا 10 مخلصين زى عبده مباشر، وحضنني وودعني، وانصرفت من المكان، وكان هذا أول لقاء يجمعني بالرئيس عبد الناصر".
- علاقته بالرئيس بعد الحوار مع الملك فيصل
فاستشطت غيظا وقلت: "سأجمع تبرعات من أجل مصر والعرب.. وذهبت إلى أعضاء في السياسة الألمانية والحزب الشيوعي وأبلغتهم أنني أرغب في جمع تبرعات لبلدي وأحتاج مساعدتهم ورحبوا بالفكرة، وبدأت جمع التبرعات حتى وصلت إلى 2 مليون مارك، وعندها، تناقشت مع الألمان في أفضل شيء يمكن أن نفعله بهذه المبالغ، فاقترحوا شراء معدات وأجهزة طبية بتلك التبرعات وإرسالها إلى مصر. وسارعت للاتصال بمكتب الرئيس وأبلغتهم بما فعلت فطلبوا مني الانتظار، وبعد ساعات أخبروني بأن طائرة مصر للطيران ستنتظرنا في قبرص لنقل الأجهزة الطبية إلى القاهرة".
وفى اليوم التالي، وجدت الرئيس عبد الناصر يتصل بي هاتفيا ليشكرني، ويقول لي: "أنت ابن مصر البار، ربنا يحفظك يا ابني"، وشعرت أن العلاقة أخذت جانبا إنسانيا وتوطدت فيما بعد حيث كثيرا ما طلبني للسفر معه.
- التطوع للأعمال الفدائية
وأكد في تصريحاته أنه لم يهجر مهنة الصحافة بل كان يقوم بأعمال فدائية مع بعض الزملاء على فترات زمنية مختلفة، حيث يقومون في غضون يوم وليلة فقط بعملية فدائية، وبعدها يعود مرة أخرى لمنزلي وعملي ويمارس حياته العادية. واستمر هذا العمل 3 سنوات من أواخر 1967 إلى عام 1970.
وصرح بأنه شارك في أعمال فدائية ضد اليهود وشارك في أسر جنود وضرب كمائن ودبابات وتدمير قواعد عسكرية إسرائيلية ومهاجمة مطارات وغيرها من تلك الأعمال، وهي تدخل تحت نطاق عمليات الاستنزاف.
- القرب من السادات
ووصف عبده مباشر السادات بالداهية وأنه لا يمكن أن يصف الذكاء اللامحدود والدهاء الكبير، مضيفا: "لن تقابل خلال مشوار حياتك مثله، ويمكن أن تمنحك الأقدار كما حدث معي فرصة وحيدة للالتقاء بمثله فهو شخص لديه قدرات ذهنية خارقة لم أراها في إنسان طيلة حياتي، وهو يستحق أن يكون رئيسا لمصر لعبقريته، والتركيز الكبير جدا الذي اتسم به، وكلنا نعلم أنه الرئيس الوحيد الذي استطاع ضرب إسرائيل واستعادة الأرض وفي نفس الوقت تحقيق السلام، ولك أن تتخيل أن السادات كان يستطيع قراءة الأشخاص وما يفكرون به، فقد كان قادرا على اكتشاف كل ما يدور برأسك بمجرد النظر إليك، وهو ما سهل له تنفيذ أشياء خطيرة فعلها بكل بساطة، ووصل إلى ما تمناه وخطط له، كما كان ودودا يدخل القلوب بسرعة، ومنظما، ومثقفا، وقارئا، وهذه الأمور شكلت شخصيته المختلفة وجعلت منه كاريزما جبارة يقف أمامها التاريخ كثيرا".
وأكد في حديثه أن "السادات خطط لأشياء عديدة الوصول إليها قد يكلف المرء العمر لكنه استطاع تحقيقها، وأنا شخصيا على قناعة أنه تمنى حكم مصر والجلوس على مقعد رئيس الجمهورية ورأيت ذلك في عينيه ولم أصارحه أبدا بهذا الأمر، ومن خلال اقترابي منه استشعرت هذه الرغبة لديه وبكل أمانة هو استحق المنصب الرفيع بجدارة لأنه كفء، وشخصية مبدعة، ومن أعظم الحكام فى تاريخ مصر والعرب بل والعالم".
- كيف خطط السادات لحكم مصر؟
وظل الاثنان يؤكدان على صدق ما يقولان حتى أصبح عبد الناصر مطمئنا من ناحيته واقتنع أن السادات يكره مقعد الرئيس، وفي تلك الأثناء كان السادات حريصا على تغيير نمط حياته، ودائما ما كان يذهب إلى النادي الأهلي ويقضي أوقاتا طويلة مع أشخاص لا علاقة لهم بالسياسة حتى تيقن الجميع أنه محب لحياته الجديدة، وبتلك الطريقة استطاع أن يخدع وينوم عبد الناصر تنويما مغناطيسيا ونجا من هاجس إمكانية التخلص منه حال انكشاف أمره ورغبته في الوصول لمقعد الحكم، وبالفعل نجا بدهاء منقطع النظير.
ويوضح أن السادات كان شخصا حريصا لأبعد الحدود وهو يفعل ذلك في كل أمور حياته البسيطة قبل الجسيمة وهذه من صفات الإنسان الناجح، ألا يدع شيئا للمصادفة أو الظروف، حيث يؤمن نفسه وأفكاره وطموحاته ما يسهل له التنفيذ بعيدا عن العقبات.
- ذكريات مع السادات
ووفق ما جاء على لسانه، قال مباشر "هناك واقعة أخرى كان بطلها عيزر وايزمان قائد سلاح الجو الإسرائيلي الذي أصبح فيما بعد رئيسا لإسرائيل، وقد كان وقت حضوره القاهرة مفاوضا في اتفاقيات فض الاشتباك، حيث طلبني الرئيس وعندما التقيته قال لي: "عايزك تعرف الراجل اليهودي ده بيفكر في إيه ودماغه ماشية إزاي؟"، واهتم السادات جدا بمعرفة كل أفكاره وشخصيته، ولذلك أعطى الأوامر بتسهيل مهمتي، وبالفعل قررت التوجه به إلى الإسكندرية بسيارة كنا قد تحركنا بها وسط شوارع القاهرة حتى وصلنا هناك، وعزمته على "أكلة سمك".
وفي المساء، أخذته وذهبنا إلى كباريه بهدف قضاء وقت سعيد، وفي نهاية الرحلة جمعت منه معلومات قيمة فحواها أنهم يرغبون في السلام ويخشون من مصر وما يعلنونه غير ما يخفونه، وأخبرت بها الرئيس السادات ففرح وانفرجت أساريره، وارتسمت على ملامحه البهجة وقال لي: "برافو".. بعدها وطد السادات علاقته بالرجل من أجل تحقيق السلام.
- حرب أكتوبر.. عبد الناصر خطط والسادات نفذ
- علاقته بالرئيس الراحل مبارك
- رئيسا لمصر
"المصري اليوم"