> تعز «الأيام» خاص:

في مأساة تعكس الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها اليمنيون، توفي مالك أمين الحداد، وهو شاب في الثلاثينيات من عمره من مديرية خدير جنوب شرق مدينة تعز، متأثرًا بحروق شديدة أصيب بها بعد أن أضرم النار في نفسه احتجاجًا على تردي الأحوال الاقتصادية وتوقف مصدر رزقه.

وفقًا لشهادات محلية ومقاطع مصورة نشرها ناشطون، أقدم الحداد على صب البنزين على جسده وإشعال النار بعد أن ضاقت به سبل العيش، وسط حالة من الجمود الاقتصادي والانهيار المالي في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين، وعلى الرغم من محاولات بعض المواطنين لإنقاذه ونقله إلى المستشفى، إلا أنه فارق الحياة بعد يومين من معاناته مع الحروق البالغة.

يعمل مالك الحداد ميكانيكي سيارات منذ سنوات، لكنه مثل آلاف اليمنيين، فقد مصدر دخله نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي وتوقف الأعمال في مناطق سيطرة الحوثيين، ويواجه السكان في هذه المناطق أوضاعًا معيشية خانقة في ظل توقف صرف الرواتب، مما يجعل تلبية الاحتياجات الأساسية تحديًا يوميًا.

وفقًا لتقارير برنامج الأغذية العالمي، فإن أكثر من نصف السكان في مناطق سيطرة الحوثيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعتمد 53 % منهم على الاقتراض لتأمين الغذاء، وتعاني الأسر من عدم القدرة على تغطية تكاليف الحياة مع استمرار انهيار العملة المحلية، حيث فقد الريال اليمني أكثر من ثلثي قيمته خلال السنوات الأخيرة.

تسبب توقف صرف المرتبات وتعطل النشاط الاقتصادي بإفقار ملايين اليمنيين، ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يحتاج أكثر من 18.2 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وتواجه القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة شللاً شبه تامًا، بينما تفتقر الأسواق إلى ديناميكيتها المعتادة.

يتجلى تأثير الأزمة الاقتصادية بشكل صارخ في محافظة تعز، التي تعاني من حصار خانق منذ سنوات، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية والوقود، ويجد الكثيرون أنفسهم عاجزين عن توفير لقمة العيش لعائلاتهم، وهو ما يخلق بيئة قاسية تدفع البعض إلى قرارات يائسة.

وتتزايد المطالبات الدولية بضرورة التدخل لإنقاذ الشعب اليمني من المعاناة المتفاقمة؛ إذ أطلقت الأمم المتحدة في وقت سابق نداءً دوليًا لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية، حيث تقدر الاحتياجات التمويلية بمليارات الدولارات، ورغم ذلك، لا تزال الاستجابة أقل من المطلوب بكثير، مما يعمق من معاناة المواطنين في ظل استمرار الحرب والنزاع.

تعد مأساة مالك الحداد تذكيرًا مؤلمًا بالعواقب القاتلة للأزمة الاقتصادية في اليمن، حيث أصبح البحث عن لقمة العيش تحديًا قاتلاً، مما يستدعي وقفة إنسانية جادة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الكارثة الإنسانية المتصاعدة.