> عدن «الأيام» خاص:
- مؤسسة الطرق تزاول أنشطتها بدون مجلس إدارة وبغياب كامل للرقابة
- عشرات المشاريع المسلمة لمؤسسة الطرق أصبحت في حكم المتعثرة
- المؤسسة تضلل الجهات الرسمية وتستحوذ على تمويل مزدوج
- مدراء فروع حولوا مؤسسة الطرق ومعداتها إلى استثمار خاص
- تسيب مالي وإداري يعصف بالمؤسسة العامة للطرق والجسور
> تعتبر المؤسسة العامة للطرق والجسور من المؤسسات الحيوية المسؤولة عن تطوير وصيانة البنية التحتية في اليمن، وهي تلعب دورا أساسيا في إعادة إعمار شبكة الطرق والجسور التي دمرتها الحرب المستمرة، وتعد المؤسسة العامة للطرق والجسور (كمقاول حكومي) هي اليد اليمنى لوزارة الأشغال العامة والطرق في تنفيذ أعمال صيانة وإنشاء الطرق والجسور وسلاحها في كبح طمع مقاولي القطاع الخاص يرفع أسعار عطاء الهم في المناقصات فهي المقاول الأول في الجمهورية من حيث أسطول الآليات والمعدات والخبرة المكتسبة في هذا المجال.
هذا التقرير يستعرض التباينات القانونية والإدارية التي تم رصدها داخل المؤسسة ويستند إلى القوانين النافذة وتقارير صادرة عن مدراء للفروع ولجان أخرى، بالإضافة إلى شكاوى من العاملين في المؤسسة، مع تقديم توصيات إصلاحية لتعزيز الشفافية والمساءلة.
- وضع المؤسسة العامة للطرق والجسور
- مشكلات وتحديات قانونية
ويعد عدم تشكيل مجلس إدارة فعّال وفقًا للقانون أحد التحديات الكبرى، حيث يتم اتخاذ قرارات مالية وإدارية دون وجود هيئة إشرافية تضمن الشفافية والنزاهة، غياب مجلس الإدارة يتيح بيئة خصبة للانفراد بالقرار وسوء الإدارة.
وفيما ينص قانون إنشاء المؤسسة على وجوب وجود مجلس إدارة لضمان رقابة فعالة وتوجيه المؤسسة وفق الأهداف المحددة لها، إلا أنه لم يتم تشكيل مجلس إدارة حقيقي منذ نقل الإدارة إلى عدن، مما أدى إلى غياب الرقابة الحقيقية على الأنشطة الإدارية والمالية، ما سمح بانتشار عشوائية العمل المالي والإداري وفتح المجال لاتخاذ قرارات دون إشراف قانوني واضح.
- مخالفات مالية جسيمة
وخالفت المؤسسة قانون إنشائها الذي نص بحسب المادة 11 بأن تكون للمؤسسة موازنة تقديرية على غرار الميزانيات التجارية وتعتبر أموال المؤسسة مملوكة للدولة ملكية كاملة، وبحسب ما جاء في المادة رقم (44) من قانون الهيئات والمؤسسات (قانون رقم 35 لسنة 1991) يجب على المؤسسة القيام بمسك الحسابات استناداً إلى أسس المحاسبة التجارية والتي تعكس النشاط الاقتصادي وقيد إيراداتها ونفقاتها وأرباحها وخسائرها وفقاً للنظام المحاسبي الموحد، وإعداد الحسابات الختامية وقوائم المركز المالي ورفعها إلى الوزير ووزارة المالية والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والجهاز المركزي للإحصاء، وذلك خلال ثلاثة أشهر من نهاية السنة المالية، ومتابعة المصادقة على حسابها الختامي وفقاً للإجراءات القانونية المقررة بالنسبة للحساب الختامي للميزانية العامة للدولة، لكن على أرض الواقع لا توجد موازنة تقديرية ولم تقم الإدارة العامة للمؤسسة أو الفروع بتقديم أي حسابات ختامية أو تقارير مالية منتظمة، مما أدى إلى غياب الرقابة المركزية وسهل التلاعب بالأموال العامة، الأمر الذي سمح بغياب التقارير المالية بالانفلات المالي وتراكم الأخطاء في إدارة المشاريع.
وفيما يتعلق بتطبيق القانون في توزيع صافي الأرباح، فقد نصت المادة 35 من قانون الهيئات والمؤسسات بأن يوزع الربح الصافي بعد تأدية الضرائب على النحو التالي:
15 % احتياطي عام.
6 % حصة الحكومة من فائض الأرباح.
2 % حوافز للعاملين بحسب مساهماتهم في نشاط المؤسسة وفقاً لتقارير الأداء.
3 % لدعم المنشآت الاجتماعية والثقافية للعاملين.
وخالفت المؤسسة العامة للطرق والجسور هذا النص القانوني حيث تقوم الإدارة العامة بخصم 10 % من إجمالي قيمة المشاريع لصالحها، تحت ذريعة تحسين الأداء، ولكن هذه الخصومات لم تؤد إلى أي تحسينات ملموسة على مستوى العمل أو الكادر، أو في تطوير المعدات والآليات المستخدمة.
ولم تورد حصة الحكومة من صافي الأرباح (رغم تكفلها برواتب الموظفين) ولم تحتفظ بالاحتياطي القانوني والاحتياطي العام اللذين أوجبهما القانون كإجراء احتياطي لمساعدة المؤسسة في تعويض خسائرها في حال تعرضها للتعثر، وشكلت هذه الخصومات عبئا إضافيًا على المشاريع حيث اشتكى العديد من مدراء الفروع من غياب الدعم اللوجستي أو المعدات مقابل هذه الخصومات.
- وثائق مخالفة وتمس السيادة الوطنية
- تضليل صندوق صيانة الطرق والسلطة المحلية
وكشف تقرير صادر من مركز حضرموت، عن قيام المؤسسة العامة للطرق والجسور بتنفيذ مشاريع بتمويل من السلطات المحلية، ثم رفعت طلبات تمويل إضافي إلى صندوق صيانة الطرق لهذه المشاريع نفسها.. هذا الأسلوب يعكس تلاعباً واضحاً في استخدام الموارد، حيث يتم استغلال الصندوق لتمويل مشاريع قد تم تمويلها مسبقا.
وارتكبت فروع المؤسسة مخالفات في تنفيذ مشاريع من المحافظات والقطاع الخاص دون موافقة الإدارة العامة، حيث تقوم الفروع بتنفيذ مشاريع بتمويل من السلطات المحلية بالمحافظات والقطاع الخاص دون التنسيق مع الإدارة العامة أو إخضاع تلك المشاريع لرقابة مالية مركزية.
هذا الوضع يضعف القدرة على مراقبة الأداء ويزيد من فرص التلاعب المالي، حيث هناك أخبار شائعة بأنه تم شراء معدات من أموال المؤسسة وباسم مدراء فروع المؤسسة، ويتم استلام مشاريع وتنفيذها باسم مدراء الفروع أو مكاتبهم الخاصة وبمعدات المؤسسة.
- غياب النظام الإداري
وتدار فروع المؤسسة العامة للطرق والجسور بشكل لا يتناسب مع الأنظمة واللوائح المنظمة للنظام المؤسسي وبدون تفعيل الإدارة المؤسسية القائمة على مبدا تقييم الربح والخسارة من خلال التقييم الشهري للتكلفة والإنتاج، وتفتقر الفروع والإدارة العامة إلى كوادر فنية وإدارية مؤهلة لإدارة المشاريع وتنفيذها بفعالية.
إنه تم تغييب كل الإدارات المختصة وعدم تفعيلها، الأمر الذي أدى إلى ضعف كبير في الرقابة على تنفيذ المشاريع، حيث لم تكن هناك فرق متخصصة لمتابعة العمل، مما أدى إلى تعثر العديد من المشاريع وإهدار الموارد.
- الاعتماد على المقاولين من الباطن
تعتمد المؤسسة بشكل مفرط على تسليم مشاريعها إلى مقاولين من الباطن، حيث يتم تسليم مشاريع كاملة دون إشراف مؤسسي كاف، وأثر ذلك في استمرار ضعف قدرة المؤسسة ومستوى أدائها لتقوم بتنفيذ تلك الأعمال والاستفادة من الأرباح في صيانة المعدات والخلاطات الأسفلتية والكسارات.
- إهمال معدات وآليات المؤسسة
- تنصل من الواجبات الرقابية والإدارية
وبمخالفة لمسؤولياتها عمدت الإدارة العامة في عدن إلى التنصل من واجباتها الرقابية والإدارية تجاه الفروع، مما أدى إلى غياب التنسيق وإهمال متابعة المشاريع، وهو ما أدى إلى تأخير تنفيذ المشاريع وعدم الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة.
- حسابات عبر محلات الصرافة
لا تلزم الإدارة العامة لمؤسسة الطرق والجسور وفروعها بتوريد المبالغ المستحقة لهم عبر البنك المركزي اليمني وتتعامل عبر محلات الصرافة، وكذلك عدم قيامها بتجيير الشيكات الخاصة بقيمة مستخلصات مشاريع المؤسسة إلى الحساب الرئيسي في عدن، بل يتم التحايل بإيداعها في حسابات بعض الفروع في المحافظات (مثل فرع الضالع) التي يسهل من خلالها سحب الأموال، ثم يتم تحويل هذه الأموال عبر محلات الصرافة إلى عدن، في محاولة للتهرب من الرقابة المالية الرسمية.
وتم الكشف عن هذه المخالفة من خلال تقارير داخلية، حيث تم رصد مبالغ كبيرة تم إيداعها في فرع الضالع وتحويلها لاحقا بطرق غير رسمية، ما يفتح بابا للتلاعب المالي والهروب من المحاسبة.
- غياب التدوير الوظيفي
- خطوات مطلوبة لانتشال مؤسسة الطرق
مما سبق نخلص إلى العوامل والخطوات المطلوبة لرفع وتحسين الأداء في المؤسسة، وهي النحو التالي:
- على الإدارة العامة وضع رؤية استراتيجية لتحسين الأداء وإدارة الموارد المالية المتاحة بشكل فعال.
- وضع خطة شاملة لاستغلال الأموال المخصصة لتحسين البنية التحتية أو المعدات، حيث تركز الجهود بشكل أساسي على تنفيذ المشاريع مع التركيز على بناء القدرات المؤسسية.
- كانت المؤسسة تعتمد بشكل كبير على المركز الرئيسي في صنعاء قبل الحرب، ومع انقطاع هذا الاتصال، واجهت الفروع صعوبات كبيرة في التنسيق والتوجيه، مما أثر سلباً على أداء المؤسسة.
- الافتقار إلى مركز إداري موحد أضعف من قدرة الفروع على التنسيق وتنفيذ المشاريع بكفاءة.
- يشكل الانفصال عن المركز الرئيسي في صنعاء تحديا كبيرا، حيث كانت المؤسسة تعتمد على المركز الرئيسي في صنعاء في إدارة وتوجيه الفروع.
- الارتباط الإداري والفني مع المركز الرئيسي كان يوفر دعماً كبيراً للفروع من حيث المعدات والخبرات الإدارية والفنية.
- مع استمرار غياب دور المركز الرئيسي في عدن، فقدت الفروع دعمها السابق وأصبحت تعاني من نقص في الموارد، مما أثر بشكل كبير على جودة وكفاءة تنفيذ المشاريع.
- تطوير قيادة المؤسسة لكي تتمكن من إدارة الموارد والمشاريع بطريقة تعزز من كفاءة الأداء المؤسسي، بحيث أن القرارات الإدارية لا تتسم بالعشوائية.
- تفعيل دور البرامج التدريبية أو الخطط لتطوير كوادر المؤسسة التي تؤثر على الأداء التنفيذي للمشاريع.
- تفعيل القدرة على اتخاذ قرارات فعالة وسريعة، بالإضافة إلى التخطيط طويل الأجل الذي يضمن استمرارية التطوير المؤسسي.
ضعف التنسيق بين الفروع والإدارة العامة للمؤسسة، مما أدى إلى عدم وجود توجيه مركزي واضح فيما يتعلق بتنفيذ المشاريع أو تحسين الأداء المؤسسي من خلال المناورة بالطاقم والمعدات بحسب الاحتياج من خلال برنامج عمل فني وإداري يخضع لرقابة ومتابعة الإدارة العامة غياب دور الإدارة العامة وتنصلها من المهام التي يتوجب على الإدارة العامة القيام بها تجاه الفروع ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
- الالتزام بتوفير المحروقات (ديزل/ بترول) بداية كل شهر بموجب برنامج عمل مقترح مقدم من الجهة.
- الالتزام بتوفير الأسفلت الخام وتوفير الخلطة الأسفلتية من خلاطات المؤسسة أو الخلاطات التجارية للمشاريع البعيدة من الخلاطات.
- الالتزام بتوفير المعدات الناقصة وقطع الغيار والزيوت بحسب الاحتياج بموجب مذكرة طلب من مدير الفرع.
- الرقابة المالية والفنية على الفروع ومستوى أدائها من خلال متابعة التقارير المالية والإدارية والمواقف المالية المرفوعة من الفروع بشكل دوري للإدارة لضمان التزام الفروع بالعمل بحسب لوائح وقوانين العمل المؤسسي وبمبدأ الربح والتكلفة المعمول به في المؤسسة.
- التدوير الوظيفي للمدراء الماليين والإداريين للفروع ومدراء الفروع والمشاريع.
- الالتزام بتوفير ومتابعة رواتب الموظفين نهاية كل شهر مع ساعات العمل الإضافي، وصرف صرفيات مطاعم الفروع والمشاريع نهاية كل شهر.
- الالتزام بتوفير ومتابعة التأمين الصحي للموظفين.
- الالتزام بإصلاح المعدات للأعطال الكبيرة والتي لا تسمح إمكانيات الفرع بإنجازها وذلك اما بإرسال فريق مختص لإصلاحها بالفرع أو سحب المعدة للورشة المركزية التابع للإدارة.
- توفير السيولة النقدية لتنفيذ المشاريع.
- الالتزام بدفع أجور حماية وحراسة أصول ومعدات المؤسسة وأجور السكن حتى خلال فترة توقف الأعمال.
- استعادة المعدات والمنشآت المنهوبة التابعة للمؤسسة.
- توصيات
رغم الدعم المالي الكبير الذي تلقته المؤسسة العامة للطرق والجسور، إلا أن الأداء المؤسسي والتنفيذي لا يزال دون المستوى المطلوب للتغلب على هذه التحديات، يجب على المؤسسة ما يلي:
- تحسين آليات الرقابة على الفروع والإدارة العامة، مع إلزام الفروع بتقديم حسابات ختامية ومواقف مالية دورية للإدارة العامة لمتابعة الانفاق المالي وضمان الشفافية.
- تفعيل دور وزارة المالية في تعيين مدير عام الشؤون المالية والحسابات للإدارة العامة والفروع للمؤسسة ودور الخدمة المدنية في تعيين مدير عام للموارد البشرية لضمان تعيين مدراء ماليين وإداريين مؤهلين للإشراف على كل العمليات المالية والإدارية وتعزيز دور الرقابة على الفروع وضمان الشفافية المالية والإدارية.
- تفعيل دور المناقصات العامة والمنافسة العادلة، بدلاً من الاعتماد على التكليف المباشر، الضمان الشفافية وتحقيق أفضل العروض المالية والفنية.
- يجب تطبيق سياسة تدوير مدراء الفروع بشكل دوري لضمان تحسين الأداء ورفع مستوى الإنجاز بالمشاريع المتعثرة بسبب بقاء مدراء غير أكفاء في مناصبهم لفترات طويلة.
- يجب إيقاف الممارسات غير القانونية المتعلقة بإيداع الشيكات في حسابات الفروع وتحويلها عبر محلات الصرافة، والتأكيد على تجبير الشبكات إلى الحساب الرئيسي للمؤسسة فقط.
- تعزيز الإدارة المؤسسية من خلال إعادة هيكلة القيادة وتعيين كوادر ذات كفاءة عالية القيادة، المؤسسة والفروع لتضم كفاءات قادرة على إدارة المشاريع بشكل فعال، ووضع خطط استراتيجية واضحة تركز على تحسين الأداء المؤسسي وتعزيز القدرات التنفيذية.
- وضع خطط استراتيجية واضحة للتماشي مع احتياجات الوضع الراهن وتحسين الشفافية المالية عبر إنشاء نظام رقابي صارم يضمن استخدام الموارد المالية بالشكل الأمثل ويجب استثمار الخصومات التي تفرضها الإدارة العامة لصالح تحسين المعدات وتطوير البنية التحتية للمؤسسة، بدلاً من استخدامها بشكل غير واضح.
- يجب على الإدارة العامة تعزيز التنسيق مع الفروع، وتقديم دعم ملموس من حيث المعدات والخدمات اللوجستية مثل توفير القطع الغيار والمحروقات.
- تطوير البنية التحتية والمعدات حيث يجب توجيه جزء من الميزانية لتحديث المعدات والآليات الخاصة بتنفيذ المشاريع بحلاً من الاعتماد الكلي على المقاولين من الباطن.
- خلاصة
على الرغم من أن المؤسسة العامة للطرق والجسور تلعب دوراً حيويا في إعادة إعمار البنية التحتية لليمن، فإن قيادتها الحالية لم تتمكن من النهوض بمسؤولياتها بالشكل المطلوب تعكس التباينات والتحديات التي تم توثيقها في هذا التقرير وجود سوء أداء إداري ومالي داخل المؤسسة العامة للطرق والجسور.