خرج شعب الجنوب في حراك شعبي لم يسبق له مثيل وعندما نقول لم يسبق له مثيل نضع تحته خطوط حمراء كثيرة لأننا عشنا تفاصيل مراحل ثورة 14 أكتوبر لم يخرج في المسيرات المناهضة للاستعمار إلا عدد محدود لا يتجاوز بضعة مئات عدى مسيرتين الأولى أثناء تشييع الشهداء أبناء المكاوي والثانية يوم اعتزال عبدالناصر فقط. السؤال لماذا خرج شعب الجنوب بهذا الحراك الشعبي العظيم وهل كان نزهة أو رغبة نفر من الناس أم لأن هناك ظلم وإقصاء وإهانة للكرامة الجنوبية من قبل تحالف 7/7.
كان النزول إلى الميادين والساحات من أهم القرارات الحاسمة الذي اتخذها شعب الجنوب لتغيير المعادلة السياسة وكان يعرف مسبقًا بأنه سيواجه آلة القمع اليمنية بصدور عارية ومن منا لا يتذكر قنص نشطاء الحراك في الساحات من قبل قوات النظام ومن منا لا يتذكر أثناء تشييع الشهداء إلى مثواهم الأخير يسقط شهداء آخرين ومن أفضل كوادر الجنوب ومن منا لا يتذكر اغتيال الطيارين والمهندسين والقادة العسكريين وهل سيتم نسيان كل ذلك لمجرد أن البعض حصل على وظيفة في شرعية مهترئة عبر تلك الأحزاب.
تعرض شعب الجنوب بكامله للقمع دون تمييز حتى وصف عند خروجه للساحات سلميًّا بأن من يقوده أصحاب المشاريع الصغيرة وعملاء للخارج لكن أن فتش هؤلاء حول كيفية وصولهم للسلطة سيجدون الحقيقة التي لا يستطيعون تغطيتها بمنخل.
وفي الأخير انحنى عفاش وحلفاؤه للعاصفة وقام بتغيير محافظي المحافظات في الجنوب مع قادة المناطق العسكرية (الجنوبية والشرقية) مع مدراء الأمن من شماليين إلى جنوبيين وعينوا من بين أعضاء المؤتمر والإصلاح الجنوبيين لعل وعسى يقضي على هذا الحراك الشعبي عبر هذه الآلية الجديدة ضرب الجنوبيين ببعضهم البعض وكانت المفاجئة غير المتوقعة بأن القمع لم ينته وأن هؤلاء واصلوا آلة القمع بوتيرة أقوى وتعرض أبناء الجنوب للقتل والسجون بل في عهد هؤلاء المحافظين والقادة الجنوبيين الآخرين جرت ثلاث مجازر الأولى في زنجبار أبين والثانية في سناح الضالع والثالثة في عدن أثناء الانتخابات الرئاسية.
وبالنتيجة كان التغيير لا معنى له غير أنه ورط هؤلاء المحافظين الجنوبيين وقادة الأمن في صدام دامٍ مع أهلهم وكانت تجربة مريرة عاشها شعب الجنوب في تلك المرحلة الحرجة.
اليوم كل محافظي المحافظات الجنوبية من أبنائها مع قادة الأمن وحتى تواجد قوات جنوبية بمختلف تشكيلاتها على أرض الجنوب لكن الوضع المعيشي لشعب الجنوب مع الأسف أسوأ مما كان عليه في سنوات الحراك الشعبي السلمي ما الذي جرى ويجري اليوم ما هي مواقف هؤلاء هل سيتكرر ما حصل في السنوات الماضية.
السؤال: هل هناك من يجبرنا على البقاء في هذا الوضع البائس معلقين منتظرين نتائج حرب لا يريد أصحابها أن يقاتلوا ويحرروا أرضهم؟! بل يريدون أن يفرضوا سيطرتهم على الجنوب.
وهل هناك من يجبر شعب الجنوب أن يظل يعيش في فقر مدقع وخدمات متدنية بل تحت الصفر وخيرات بلادنا توزع على آخرين عبر الاستحواذ بالباطل على موقع القرار عبر الشرعية التي تتصرف بتعجرف وتعالٍ على شعب الجنوب.
وهل هناك من يجبر شعب الجنوب أن يظل يعيش بدون خدمات كهربائية ولا خدمات صحية ولا تعليم ولا أي شيء صالح للحياة في الجنوب بسبب إدارة الشرعية الفاشلة وفي ظل قيادات جنوبية تقود المحافظات الجنوبية ولم يسمح للجنوب أن يدير ذاته تحت حجج واهية بينما يسمح لآخرين بإدارة مناطقهم في مأرب وتعز والمخا.
السؤال: طالما كل قيادات الجنوب من الجنوبيين وكذا مشاركين في الحكومة وفي مجلس الرئاسة والوضع أسوأ مما كان عليه ما الذي يمنعهم أن يجتمعوا تحت سقف الجنوب ويحموا شعب الجنوب ويقدموا له خدمات يستحقها لكي يعيش حياة كريمة؟، أو أن ولاءهم الحزبي مقدم على ولائهم لأهلهم ووطنهم الجنوب وهل لا زالت بيعتهم لأحزابهم مقدمة على بيعتهم لشعبهم في الجنوب والسؤال هل لا زالوا ملتزمين بتنفيذ أجندات أحزابهم الشمالية المؤتمر والإصلاح بعد كل الذي حصل وبعد أن أضاعوا الدولة في صنعاء وتسابقوا لإرضاء الحوثي وتسليمه صنعاء وكأنه مالكها ويأتون ليحكموا الجنوب.
الجنوب أخذ شرعيته عبر مقاومته السلمية ضد تحالف المؤتمر والإصلاح الحاكم في صنعاء وقدم قوافل من الشهداء وعمدها بالمقاومة البطولية ضد جحافل الغزاة الجدد للجنوب 2015 م القادمين أيضًا من صنعاء وتم تحرير الجنوب وتلك أعظم شرعية يمتلكها شعب الجنوب فلا يجب أن يضيع هذا الإنجاز الكبير لمجرد أن البعض حصل على وظيفة في سلطة زائلة مهترئة لا تمثل شعب الجنوب.
آن الأوان لوضع مصلحة الجنوب في مقدمة المصالح وكذا الوفاء لدماء الشهداء الذين سقطوا في ميادين التحرير من احتلال غاشم متخلف لا زال يعيش بأوهام العصور الوسطى وثقافة الجاهلية الأولى.