> عدن / صنعاء "الأيام" خاص:

  • السرية والعمل.. على أرض الواقع وفي العالم الافتراضي
تواجه الأطراف الفاعلة في المشهد اليمني والإقليمي تحديات كبيرة في كيفية اتخاذ القرارات وإقرار الخطط، لا سيما في ظل تعقيدات الحرب والانقسامات الداخلية والصراعات الدولية.

وتظهر ثلاثة نماذج مختلفة في التعامل مع القرارات الحساسة، تتمثل في حكومة الشرعية اليمنية، وإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وجماعة الحوثي، وفي هذا التقرير التحليلي، سنقارن بين الأساليب التي يعتمدها كل طرف في إدارة عمله بين العلنية والسرية، والافتراضية والواقعية.

أولًا: حكومة الشرعية اليمنية – اتخاذ القرار في فضاء مفتوح ومنقسم

تعكس أزمة البرلمان اليمني حالة التشرذم والضعف التي تعاني منها الشرعية اليمنية، حيث أصبحت المناقشات والقرارات تُتخذ في مجموعات التواصل الاجتماعي بدلًا من القاعات الرسمية، حيث وتحولت منصة "واتساب" إلى ساحة للصراعات السياسية بين أعضاء البرلمان، في مشهد يوضح مدى ضعف المؤسسات الشرعية وعدم قدرتها على الاجتماع الفعلي لممارسة مهامها.
  • طبيعة القرار واتخاذه:
يعتمد البرلمان اليمني على وسائل التواصل الاجتماعي كبديل عن الجلسات الفعلية.

القرارات تخضع لخلافات داخلية متزايدة بسبب الاستقطابات السياسية.

تغيب السرية عن مناقشات البرلمان، ما يجعل المعلومات متاحة للرأي العام ويضعف من قوة القرار السياسي.
  • النتائج:
ضعف شرعية للمؤسسات وفقدانها لمصداقيتها أمام الشعب.

تعميق الانقسامات الداخلية بدلًا من معالجتها.

عدم القدرة على تنفيذ القرارات بشكل فعال على الأرض.


ثانيًا: إدارة ترامب – اتخاذ القرار عبر تطبيق مشفر أدى إلى فضيحة أمنية

على عكس الحكومة اليمنية، اعتمدت إدارة ترامب على وسيلة مشفرة لاتخاذ قراراتها العسكرية، حيث لجأت إلى تطبيق "سيجنال" لمناقشة خطط عسكرية حساسة تتعلق باستهداف الحوثيين، لكن خطأ بسيطًا، هو إضافة صحفي عن طريق الخطأ، أدى إلى تسريب معلومات بالغة الحساسية.
  • طبيعة القرار واتخاذه:
القرارات تُناقش بين مسؤولين رفيعي المستوى عبر وسيلة إلكترونية مشفرة.

رغم السرية، أدى خطأ تقني إلى كشف معلومات خطيرة.

التسريب تسبب في أزمة سياسية وأمنية داخل الولايات المتحدة.
  • النتائج:
فضيحة أمنية كشفت هشاشة إجراءات الحماية للمعلومات السرية.

استغلال الصحافة للخطأ أدى إلى ضغوط سياسية على الإدارة الأمريكية.

الحاجة إلى إعادة تقييم آليات اتخاذ القرار في المؤسسات الأمنية.

ثالثًا: جماعة الحوثي – استراتيجية سرية تحصنها من الاختراق

على العكس من الطرفين السابقين، تتبع جماعة الحوثي استراتيجية صارمة في السرية والتخفي، حيث لا يستخدم قادتها أي وسائل إلكترونية في اتخاذ قراراتهم، بل يعتمدون على الاجتماعات الميدانية في الجبال والكهوف وفي أماكنَ محصنةٍ بعيدًا عن الاختراقات الأمنية.
  • طبيعة القرار واتخاذه:
الاجتماعات تُعقد في أماكن آمنة ومحصنة، بعيدًا عن التكنولوجيا.

لا يتم استخدام الهواتف أو تطبيقات التواصل الاجتماعي.

القرارات تُتخذ في سياق ميداني عملي، مما يضمن تنفيذها مباشرة.
  • النتائج:
حصانة كبيرة ضد الاختراقات الأمنية والاستخباراتية.

قدرة أعلى على تنفيذ القرارات بشكل فعال على الأرض.

استمرارية العمليات العسكرية دون تسريبات أو انكشاف خططهم.

توضح هذه المقارنة كيف تختلف أساليب اتخاذ القرار بين الأطراف الثلاثة. ففي حين تعاني الحكومة اليمنية من الفوضى والتسريبات بسبب اعتمادها على وسائل غير رسمية، كشفت إدارة ترامب عن ضعف أمني رغم استخدامها وسائل تشفير متقدمة، في حين أن جماعة الحوثي استطاعت تجنب هذه الإشكاليات عبر تبني استراتيجية سرية صارمة، مما منحها حصانة ضد الاختراقات.

يعكس هذا التحليل كيف أن طريقة اتخاذ القرار تلعب دورًا حاسمًا في نجاح أو فشل السياسات والخطط، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مدى أهمية الأمن المعلوماتي في عصر التكنولوجيا الحديثة، وحول قدرة المؤسسات الرسمية على التكيف مع التحديات الأمنية والرقمية.