> "الأيام" العرب اللندنية:

​مرت حتى الآن نحو 6 أسابيع منذ استئناف الولايات المتحدة غاراتها على مناطق متفرقة خاضعة لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

وفي منتصف 2025 استأنفت الولايات المتحدة شن غارات مكثفة على عدة محافظات واقعة تحت سيطرة الحوثيين شمال اليمن وغربه، بعد توقف استمر نحو شهرين.

كما أعلن الحوثيون حينذاك استئناف الهجمات البحرية وحظر حركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر “تضامنا مع غزة”، وفق تعبير الجماعة المتحالفة مع إيران.

ويأتي ذلك وسط تساؤلات عن مدى فاعلية الغارات الأميركية في إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين.

وبشأن نتائج هذه الغارات قالت القيادة المركزية الأميركية في 25 أبريل الماضي إن “ضرباتها قتلت المئات من مقاتلي الحوثي وعددا من قادتهم، إذ تجاوز عدد ضحاياهم 650 قتيلا حتى الآن.”

وأضافت أن “إطلاق الجماعة لصواريخ باليستية انخفض بنسبة 87 في المئة، بينما انخفضت الهجمات بمسيرات ذات اتجاه واحد بـ65 في المئة منذ بدء العمليات.”

ونقلت شبكة سي إن إن عن مسؤولين أميركيين قولهم إن “الحملة ضربت منذ منتصف مارس الماضي أكثر من 700 هدف للحوثيين ونفذت 300 غارة جوية، ما أجبرهم على البقاء تحت الأرض وأحدث ارتباكا وفوضى في صفوفهم.”

في المقابل أعلن زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي قبل أيام أن الولايات المتحدة نفذت 1200 غارة منذ منتصف مارس. وقلل الحوثي في خطاب مصور من تأثيرات الغارات الأميركية على قدرات الجماعة، مشيرا إلى أن” الولايات المتحدة فشلت في تحقيق أهدافها.”

وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى في الجماعة مهدي المشاط إن الغارات الأميركية “أثرت في قدراتنا العسكرية بنسبة واحد في المئة فقط”، مهددا باستهداف “شركات النفط والأسلحة الأميركية.”

ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة قد نجحت في تحقيق أهداف متعددة من ضرباتها، لكنها لم تفلح في وقف هجمات الحوثيين.

ويعتقد المحلل السياسي اليمني عبدالواسع الفاتكي أنه لا يمكن الجزم بأن الغارات الأميركية المستمرة قد أضعفت قدرات الحوثيين العسكرية على النحو الذي أعلنت عنه واشنطن.

وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية “الضربات الأميركية على الحوثيين استهدفت أهدافا قصفت سابقا من التحالف العربي، وبالتالي فقصف واشنطن لها مرة أخرى لا يعطي قيمة عسكرية حيث إن الحوثيين قد أفرغوها من أي سلاح أو عناصر بشرية إلا بشكل رمزي.”

ولفت إلى أنه “بعد بدء واشنطن ضرباتها في 15 مارس غير الحوثيون خارطة مواقعهم العسكرية وأفرغوا المواقع التي لم تستهدف في أول يوم من بدء الضربات العسكرية فنقلوا منها المعدات إلى أماكن مدنية أو مناطق نائية بعيدة عن المدن كإجراء احترازي.”

وتابع “كما أن الحوثيين عادة ما يوزعون عناصرهم ومعداتهم على أماكن ومرافق مدنية كدرع بشري يجعل واشنطن في حيرة من أمرها؛ هل تستهدف تلك المرافق فيسقط مدنيون أو تحجم عن استهدافها ويظل الحوثيون متحصنين بها؟”

وأشار الفاتكي إلى أن “آثارا لحقت بالحوثيين عسكرية واقتصادية جراء مئات الضربات التي دمرت مراكز القيادة والسيطرة وبعض مخازن السلاح وبعض منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة وبعض ورش التجميع، وسقوط عدد من قيادات الصف الثاني والثالث وبعض العناصر القتالية؛ لكن كل ذلك لا يرقى إلى الحد الذي ينهي إمكانيات الجماعة بدرجة كبيرة حيث تضمن واشنطن عدم قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ على السفن في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.”

وأفاد الفاتكي بأن” الضربات الجوية عادة تصيب مجاميع قتالية للحوثيين ولا تؤتي ثمارها ولا تحقق نتائج ملموسة لأنها ليست كالجيوش النظامية التي من السهل أن تلحق بها الضربات الجوية أو البحرية خسائر فادحة.”

وذكر الفاتكي أن مسار الصراع مفتوح على أربعة اتجاهات، أولها استمرار واشنطن في ضرباتها مع تغيير خارطة الأهداف بحيث تستهدف أهدافا عسكرية ذات قيمة عالية تلحق أضرارا بالغة بقدرات الحوثيين العسكرية.

أما الاتجاه الثاني فيتمثل في دخول الأمم المتحدة أو سلطنة عمان على خط الصراع من خلال وساطة تفضي إلى التزام الحوثيين بعدم شن عمليات عسكرية على خطوط الملاحة الدولية ومن ثم تكف الولايات المتحدة عن الضربات العسكرية الجوية أو البحرية.

وتوقع الباحث اتجاها ثالثا يتضمن توجيه إيران الحوثيين بأن يكفوا عن تهديد الملاحة الدولية مقابل وقف العمليات العسكرية الأميركية ضدهم، لاسيما وأن طهران وواشنطن تجريان مباحثات بوساطة عمانية، ويعد الملف اليمني من أهم الملفات المطروحة للنقاش بينهما.

وأما الاتجاه الرابع فيرى الفاتكي أنه في حال استمرار تصلب موقف الحوثيين فمن المرجح أن تدعم واشنطن عملية برية لطرد الحوثيين من السواحل اليمنية التي ما زالوا يسيطرون عليها.

ومع استمرار الحوثيين في تنفيذ هجماتهم بالبحر الأحمر وعلى إسرائيل، ثمة من يرى أن الضربات الأميركية لم توقف قوتهم.

ويقول الصحافي حمدان البكاري إن الضربات الأميركية على الحوثيين لم تؤثر على قدراتهم بشكل واسع وإنما أسهمت في تدمير مرافق حيوية تغذي اقتصادهم مثل ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة غربي اليمن.

وأضاف البكاري أن “المقدرات العسكرية للحوثيين مخفية تماما، والانفجارات الناجمة عن الغارات كانت محدودة، ولم تدمر مقدرات عسكرية كالصواريخ والطيران المسير، لاسيما أن أغلب هذه الضربات ربما تأتي في مناطق لا توجد فيها هذه المعدات.”

وتابع” ما زال الحوثي يمتلك معدات عسكرية، وقد هدد باستهداف القواعد العسكرية والمؤسسات النفطية التابعة للولايات المتحدة، والأيام القادمة كفيلة بكشف مسار ذلك.”

وتوقع أن يتجه مسار الصراع في اليمن مستقبلا إلى أحد مسارين؛ أولهما أن تتفق واشنطن مع طهران، خاصة مع استمرار المباحثات بين الطرفين، وبعد ذلك يتم إيقاف ضربات الحوثيين.

وأفاد البكاري بأن المسار الثاني يتمثل في استمرار الصراع لمدة طويلة، وقد تلجأ أميركا إلى تدخل عسكري بري عن طريق اتفاقها مع الحكومة اليمنية، وقد تقضي على الحوثيين.

وبعد مرور هذا الوقت، هناك من يرى أنه لم يتم إضعاف الحوثيين فعليا في الواقع ، وأن الولايات المتحدة لا تنوي حسما عسكريا في اليمن.

ويرى المواطن اليمني ناصر العريقي أن الإدارة الأميركية لم تحقق أهدافها التي جاءت من أجلها وهي القضاء على الحوثيين.

وأضاف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب توعد كثيرا بالقضاء على الحوثيين، وبعد مرور أسابيع من الضربات المكثفة لم يتم تحقيق نصر فعلي على الجماعة المتحالفة مع إيران.

ويرى العريقي أنه لا توجد نية وتوجه فعلي للولايات المتحدة من أجل القضاء على حكم الحوثيين، ولولا ذلك لتحركت عبر مسارات متعددة جوا وبحرا وبرا.
ولفت إلى أن المتضرر الفعلي من الصراع هو المواطن اليمني المغلوب على أمره، والذي يتضرر اقتصاديا ومعيشيا، فضلا عن فقدان الكثير من الناس حياتهم جراء المواجهات بين واشنطن والحوثيين.