> سيفر بلوتسكر:

​هذه السنة طرق المسرح العالمي من ممثل عجوز، مرة يمثل مهرجاً وأخرى شيطاناً واسمه ترامب، رئيس الولايات المتحدة. عقله الثاقب في مراحل الأفول العقلي، ينتج ويعرض على جمهور المشاهدين العالمي أقوالاً وأفكاراً وآراء ومقاطع لعب، وأوصاف واقع وهمية، متضاربة، مشوشة، بلا أساس، وكأن إدارة القوة العظمى الأمريكية هي استعراض لوسائل الإعلام، مسرحية فرد تثير الغثيان والفزع. في ربع السنة الأولى من ولايته الثانية، تمكن ترامب من أن يكون مع بوتين، ومع زيلينسكي، ثم ضد بوتين، وضد زيلينسكي وهلمجرا، إلى أن وصل إلى “إنجاز” رائع: اتفاق مبدئي مع أوكرانيا يمكن للولايات المتحدة بموجبه أن تشتري مواد خام نادرة.

على التقلبات التي تزيغ البصر وغير المفهومة من ترامب في مواضيع سياسية مصيرية أخرى مثل مستقبل قطاع غزة، وموقفه من قطر وإيران، وخطة الجمارك العالمية، كان قد سبق أن سكبت ما يكفي من الكلمات، ولا يزال ترامب يتذبذب فيها ويناقض نفسه.

في الأسبوع الماضي، تدهورت رحلة هذياناته إلى درك آخر. أمام عيون غربية متفاجئة، أعرب عن تأثره بـ “شجاعة” إرهابيين إسلاميين متزمتين في أقصى اليمن، وأعلن بأنه يمكن الثقة بوعودهم. عقب هذه الوعود، أمر الجيش الأمريكي بوقف عمليات القصف على معاقل الإرهاب الحوثية أحادياً. مشكوك أنه كان في العقود الأخيرة استعراضاً أكثر فظاظة لضعف القوة الأمريكية.

كما نسي ترامب بأن الحوثيين هاجموا منشآت النفط السعودية، صديقته الجديدة. في استسلامه للحوثيين، ألقى المصالح الأمنية لإسرائيل إلى سلة المهملات، بل ولعموم الدول العربية المعتدلة.

في الأسبوع إياه، عقد ترامب مؤتمراً صحافياً آخر من جملة عديدة من المؤتمرات ليعلن عن “اتفاق التجارة الأكبر في التاريخ بين الولايات المتحدة وبريطانيا”. نعم؟ بداية، لا يدور الحديث عن اتفاق، بل عن “مذكرة تفاهم” فقط. ثانياً، مدى الاتفاق – المستقبلي كما يذكر، ضيق جداً.

وهكذا يعيد ترامب إلى استخدام السياسة جمارك وسقوف التجارة بين الدول، وسياسة اقتصادية كانت تصفيتها في تسعينيات القرن الماضي أنقذت 500 مليون مواطن من العالم الثالث من الفقر. كل هذا لم يمنع الرئيس ترامب من رفع مسرحية محرجة أخرى عن إنجازاته الوهمية. الوزراء والمستشارون وموظفو الإدارة الكبار الذين عينهم، ساروا أشواطاً بعيدة في التملق عديم الخجل لرئيسهم المحبوب الذي أتيح “الاتفاق التاريخي: بفضل عبقريته وحكمته. هكذا أصبح ترامب صيغة جديدة لشمس الشعوب، فريداً من نوعه.

وسائل الإعلام العالمية الجدية تمتلئ هذه الأيام بتحليلات معمقة لـ “خطوات ترامب” و”سياسة ترامب”. محللون محترمون يوصون به وكأنه سياسي ينصت ويتعلم. أما هو فلا: ترامب الولاية الثانية بدا رجلاً منقطعاً غارقاً في عالم هذيانه. واستمراره على هذا سيجد نفسه في الطريق إلى إعلان عجزه أو تنحيته. الولايات المتحدة والغرب بعمومه لن يسمحوا لأنفسهم بحكم زعيم يفقد “هذا” ويقترب إلى مرحلة “الطفولة الثانية والتنكر التام”، مثلما كتب وليم شكسبير في نهاية المناجاة التي تقتبس من مسرحيته الكئيبة “كما تحبون”.

يديعوت أحرونوت 11/5/2025