> «الأيام» غرفة الاخبار:

تواجه الهند اختبارًا كبيرًا لطموحاتها كقوة دبلوماسية صاعدة بعد عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوسط في النزاع مع باكستان حول إقليم كشمير.

فبينما ساهم التدخل الأميركي في تجنب حرب شاملة، إلا أن قبول الهند الهدنة السريعة تحت الضغط الأميركي أثار تساؤلات داخلية حول مدى استقلالية قرارها السياسي.

شهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا عسكريًا بين الجارتين النوويتين، شمل تبادل إطلاق صواريخ وغارات جوية، ما أودى بحياة العشرات. ورغم التهدئة، تبقى الهدنة هشة، وسط اتهامات متبادلة بارتكاب انتهاكات. ترامب أعلن عزمه تعزيز التجارة مع البلدين، لكن موقف نيودلهي ظل متحفظًا، معتبرة كشمير شأناً داخليًا لا يقبل وساطة خارجية.

الصراع القديم - الجديد حول كشمير يعود إلى عقود من التوتر منذ انفصال الهند وباكستان عام 1947، حيث تطالب الدولتان بالسيادة الكاملة على الإقليم. وتشير الهند إلى أن الأزمة الأخيرة سببها"تمرد مدعوم من باكستان"، فيما تنفي إسلام آباد ذلك.

يرى محللون أن قبول الهند التهدئة بعد ثلاثة أيام من إطلاقها صواريخ على باكستان، قلّص من فاعلية استراتيجيتها القائمة على "الردع الاستباقي"، التي تبنّاها رئيس الوزراء مودي منذ سنوات. فقد بدت الهند كأنها رضخت للضغوط الأميركية، وهو ما اعتبره البعض إخفاقًا في إيصال رسالتها بشأن "الإرهاب العابر للحدود".

داخليًا، أثار تدخل ترامب انتقادات واسعة، خاصة من المعارضة التي تساءلت عما إذا كانت نيودلهي فتحت بابًا غير معلن للوساطة الخارجية. ويخشى القوميون في الهند أن تؤدي مثل هذه المبادرات إلى إضفاء طابع دولي على قضية تراها البلاد داخلية بامتياز.

ورغم أن وساطة واشنطن ليست جديدة، كما في حرب كارجيل عام 1999، إلا أن الجديد هو توقيتها في ظل مساعي الهند لإثبات نفسها كقوة مستقلة عالميًا. كما أن الهند جزء من تكتلات كبرى مثل "كواد" مع الولايات المتحدة وأستراليا واليابان، مما يفرض عليها حسابات دقيقة، خاصة في ظل التوتر مع الصين، الداعم التقليدي لباكستان.

من جهة أخرى، ترى باكستان أن أي اتفاق لن يكون مجديًا دون معالجة جذرية، خاصة ما يتعلق باتفاقية مياه نهر السند، التي أوقفتها الهند مؤخرًا. وتعتبر إسلام آباد أن تدخل ترامب منحها ضمانات بحوار أوسع.

أما الولايات المتحدة، فاهتمامها لا يقتصر على منع تصعيد نووي، بل ينبع أيضًا من تنافسها مع الصين على النفوذ في جنوب آسيا. فاستمرار التوتر قد يدفع باكستان إلى مزيد من التقارب مع بكين، ويضعف موقع الهند كحليف إستراتيجي لواشنطن.

وفي النهاية، تبقى قضية كشمير رهينة موازين القوى الإقليمية والدولية، في ظل غياب فعّال للوساطات متعددة الأطراف، وتآكل دور الأمم المتحدة. أما الهند، فتواجه تحديًا صعبًا: الحفاظ على صورتها كقوة مستقلة، دون خسارة الدعم الدولي أو زعزعة استقرارها الداخلي.