هناك من يعتقد أن الحرب على الجنوب توقفت بمجرد صمت المدافع والمسيرات أو بالأحرى تخفيفها؛ إذ ماتزال هناك جبهات مواجهة في الضالع ويافع وشبوة؛ لكن صنوف الحرب كثيرة ومتعددة ومنها حرب الخدمات وتدهور عملة الريال اليمني في الجنوب.

ففي الأولى فشلت حرب الغزو والاجتياح تماما بفضل صمود الجنوبيين الذي أذهل العالم؛ لكن اقتضت الضرورة بفعل أطراف عدة ومنها في الحكومة والرئاسي وأحزاب لها تمثيلها في الشرعية غيرت تكتيكها باللجوء إلى حرب الخدمات وتدهور الريال اليمني المنحوس الذي كانت سلطة الشرعية وقبل شراكة الانتقالي مسؤولة عن طبع عملة الريال (القعيطي) دون غطاء كاف بالعملات الصعبة إضافة إلى منع التحويلات بالعملة الأجنبية إلى بنك عدن المركزي وتحويلها عبر دكاكين الصرافة أو بنوك مشبوهة ماتزال تحت التأسيس.

ويكذب من يقول أن حرب الخدمات وتدهور العملة في الجنوب لا شأن له بالحرب على الجنوب وكل هذه الحروب واختلاق الأزمات تهدف بوضوح لا يقبل التشكيك إلى محاولة ضرب الحاضنة الشعبية للمجلس الانتقالي الجنوبي وتحميله مسؤولية الانهيار، رغم أنه لا يملك القرار المالي أو النقدي الكامل.

جعل الجنوب رهينة للفوضى الاقتصادية وعدم تأهيل القوات الجنوبية تأهيلًا كافيًّا وإعادة هيكلتها لتعمل بعقلية وفكر دولة وتركها أداة حرب فقط وعدم الاستفادة من كوادر الجنوب العسكرية والأمنية السابقة وبالتالي إعطاء رسالة للعالم بأن عدن والجنوب منطقة غير مستقرة أمنيًّا وبالتالي منع تحول عدن والجنوب إلى نموذج دولة ناجح ومستقر، كما يخشاه خصوم المشروع الجنوبي.

توجيه الناس البسطاء من خلال إفقارهم وإجبارهم على الاختيار بين "الفقر أو الوحدة": وجعل التجويع وسيلة سياسية قذرة لمنع الجنوب من تحقيق أهدافه المشروعة وفي مقدمتها استعادة دولته وعاصمتها عدن كل هذا وغيره كافيا لتشويه المشروع الجنوبي أمام الرأي العام الإقليمي والدولي: عبر إظهار عدن كمنطقة عاجزة عن إدارة شؤونها، في حين أنها تمتلك كل مقومات النهوض والحياة الكريمة.

ومقابل ذلك تشغيل آلة الحرب الإعلامية والنفسية بشراسة باتجاه التشكيك والتشويه وبث الإشاعات وتضخيم الهفوات التي تقع هنا أو هناك لإرباك المشهد وهذا ما يدركه حتى أبسط مواطن من ضخامة حجم وأدوات هذه الآلة الإعلامية القذرة وتنوعها بين منصات وقنوات فضائية ومواقع إلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي كلها تستهدف كل ماله علاقة بالجنوب والجنوبيين.