أخر تحديث للموقع
الاثنين, 17 فبراير 2025 - 12:39 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • ​تصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية: مسألة تتعلق بأمن الولايات المتحدة والاستقرار العالمي

    معمر الأرياني




    ​تشكل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في اليمن تهديدًا عالميًا متزايدًا، حيث تستهدف التجارة وإمدادات الطاقة والأمن الدولي. وبتسليح من إيران، تستغل هذه الميليشيا الممرات المائية الاستراتيجية، وتعطل الشحن، وتزيد من حدة الفوضى الإقليمية. ومن الضروري اتخاذ إجراءات عالمية فورية، بما في ذلك تصنيفها كمنظمة إرهابية.

    يواجه العالم تحديًا إرهابيًا متزايدًا تفرضه ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران. وتسعى هذه المجموعة إلى توسيع نفوذها السياسي والعسكري من خلال استهداف التجارة العالمية وإمدادات الطاقة ومصالح القوى الكبرى ونشر الفوضى في المنطقة نيابة عن إيران.

    حذرت الحكومة اليمنية ودول المنطقة مراراً وتكراراً من خطورة مليشيا الحوثي على الأمن والسلم في اليمن والمنطقة والعالم منذ انقلابها في العام 2014، إلا أن هذه التحذيرات تم تجاهلها، مما سمح لخطر هذه المليشيا بالتصاعد والتأثير على الأمن والتجارة العالمية، خاصة بعد موجة الهجمات الإرهابية التي استهدفت السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، منذ نوفمبر 2023؛ مرتكبة جرائم حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، وفي انتهاك صارخ للقانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
    • الممرات المائية تحت الحصار
    إن الهجمات الحوثية على البحر الأحمر ليست ظاهرة حديثة. في عام 2016، أطلق الحوثيون صواريخ على سفينة تابعة للبحرية الأمريكية بالقرب من باب المندب، وهاجموا مدينة المخا بزوارق مفخخة موجهة عن بعد في البحر الأحمر في عام 2017، وهاجموا سفنًا سعودية في ميناء الحديدة في عام 2018، وهاجموا موانئ النشيمة بمحافظة شبوة والضبة بمحافظة حضرموت، واستهدفوا ناقلة نفط في محطة قنا النفطية في شبوة منتصف نوفمبر 2022، وزرعوا مئات الألغام البحرية عشوائياً في المياه الإقليمية، ومنذ يوليو 2023، وسعوا عملياتهم العسكرية ضد السفن التجارية وناقلات النفط باستخدام الزوارق المفخخة والطائرات بدون طيار، مما دفع شركات الشحن العالمية إلى اتخاذ تدابير احترازية مكلفة.

    وبحسب تقرير حديث لوكالة أسوشيتد برس، نفذ الحوثيون منذ نوفمبر 2023 أكثر من 90 هجوماً على سفن تجارية وناقلات نفط في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن. وتسببت الهجمات في تعطيل كبير للملاحة الدولية وزيادة رسوم التأمين والشحن، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث يعيش أكثر من 60% من السكان تحت خط الفقر، ويحتاج نحو 80% منهم إلى مساعدات إنسانية طارئة للبقاء على قيد الحياة، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.

    لقد أصبح تهديد مليشيا الحوثي تهديداً مستمراً لخطوط الملاحة الدولية وتهديداً مباشراً للسلم والأمن العالميين، خاصة في ظل الموقع الجغرافي الاستراتيجي ودوره في مساعدة طهران على زعزعة استقرار المنطقة وتهديد الأمن الدولي. إن سيطرة الحوثيين على مواقع استراتيجية مثل باب المندب، الشريان الحيوي للاقتصاد الدولي الذي يمر عبره أكثر من 12% من التجارة العالمية، يمنح إيران ميزة غير مسبوقة في السيطرة على مضيقين حيويين.

    إيران التي تهدد بالفعل مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، ستسيطر على 32% من التجارة العالمية والنفط إذا استمر الحوثيون في السيطرة على باب المندب، وهو ما سيزيد من رسوم التأمين على الشحن وأسعار النفط ويعطل التجارة بين آسيا وأوروبا ويهدد سلاسل التوريد العالمية ويزيد من التوترات السياسية والعسكرية في المنطقة.

    لم تتحول ميليشيا الحوثي إلى تهديد عالمي من العدم، بل بدعم مباشر من إيران التي زودتها بالتكنولوجيا العسكرية المتقدمة والصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار والغواصات غير المأهولة، حيث يمتلك الحوثيون الآن ترسانة من الصواريخ الباليستية بمدى يصل إلى دول المنطقة، كما استخدموا طائرات بدون طيار إيرانية الصنع وغواصات غير مأهولة لتنفيذ هجمات دقيقة على ممرات الشحن الدولية.
    من جماعة مسلحة إلى منظمة عسكرية

    أشار تقرير حديث صادر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة إلى أن الحوثيين تحولوا إلى منظمة حربية بفضل الدعم العسكري غير المسبوق من إيران وحزب الله، وأنهم تحولوا "من جماعة مسلحة محلية ذات قدرات محدودة إلى منظمة عسكرية، حيث يتوسع نطاق قدراتهم العملياتية إلى ما هو أبعد من حدود الأراضي الخاضعة لسيطرتهم".

    كما أكدت تقارير الأمم المتحدة ودول مثل الولايات المتحدة تورط إيران في تسليح الحوثيين في انتهاك لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك القرار 2216، الذي يحظر تسليح الحوثيين ويعطي الدول الإطار القانوني لتصنيفهم كجماعة إرهابية.

    التساهل مع  مليشيات الحوثيين على مدى السنوات الماضية سمحت لها بالتطور كجماعة ارهابية عالمية وتهديد خطير يشبه "السرطان" الذي بدأ ينتشر في جسد النظام الاقليمي والدولي نتيجة سوء التقدير والتعامل معه بالمسكنات والفشل في مواجهة خطره قبل استفحاله.

    وليس من المبالغة هنا تشبيه هذه الميليشيا بـ"السرطان" الذي اذا استمر تجاهله وعدم التعامل معه بحزم وعاجلة وحاسمة الان وانتشر في الجسد وتقدم فسيكون من الصعب السيطرة عليه والوصول الى مرحلة نهائية يصبح فيها استئصاله شبه مستحيل ولن تقتصر التكلفة على المنطقة بل ستمتد الى اوروبا والولايات المتحدة التي تعتمد على استقرار خطوط الملاحة الدولية وسيواجه العالم أزمات اقتصادية وامنية كبرى في المستقبل وسيدفع الجميع الثمن.
    • التصنيف كمنظمة إرهابية
    لقد حان الوقت لتبني استراتيجية دولية شاملة لمواجهة أنشطة الحوثيين وضمان أمن وسلامة الممرات المائية الحيوية ودعم استقرار المنطقة والتحرك بحزم للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين من خلال البدء فوراً بتصنيفها "منظمة إرهابية عالمية" وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية وفرض القيود على التجارة والعلاقات الدولية التي تقيمها بعض الدول معها وسن القوانين التي تفرض عقوبات على قياداتها وتجميد أصولهم ومنع سفرهم.

    بالتوازي مع ذلك تكريس الجهود لدعم المجلس الرئاسي اليمني والحكومة المعترف بها دولياً ممثلة لكافة الأطراف اليمنية لفرض سيطرتها وتمكين مؤسساتها خاصة في المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية وتعزيز التنمية في المناطق المحررة. بالإضافة إلى ذلك من الأهمية بمكان متابعة البدائل والوسائل الكافية لتخفيف الأعباء عن اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي وتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب ودعم خفر السواحل وتحسين قدرتها على حماية المياه الإقليمية اليمنية ومكافحة الإرهاب.

    إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يعد خطوة مهمة نحو حماية الأمن العالمي، حيث سيمكن المجتمع الدولي من اتخاذ إجراءات حاسمة لردعهم وتجفيف مصادر تمويلهم وإجبارهم على تسليم أسلحتهم والتخلي عن لغة العنف والإرهاب والعودة إلى طاولة المفاوضات، مع إرسال رسالة قوية لإيران مفادها أن المجتمع الدولي لن يتسامح مع محاولاتها لزعزعة استقرار المنطقة.

    إن قرار إدارة الرئيس جو بايدن في 12 فبراير 2021، بإلغاء تصنيف ميليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية، والذي اتخذته إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في يناير 2012، بحجة تسهيل جهود السلام وتخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن، أدى إلى نتائج عكسية، حيث شجع هذا القرار الحوثيين على تصعيد عدوانهم وتطوير قدراتهم العسكرية لتهديد العالم أجمع.

    إن إعادة تصنيف الحوثيين من قبل إدارة الرئيس بايدن في 17 يناير 2024، عقب الهجمات الإرهابية على خطوط الشحن الدولية، كمجموعة إرهابية محددة بشكل خاص (SDGT)، حرم المجتمع الدولي من أداة ضغط رئيسية كان من الممكن استخدامها لتقييد أنشطة الميليشيا، سواء المالية أو العسكرية. إن تصنيف الحوثيين كمجموعة إرهابية محددة بشكل خاص (SDGT) يعتبر ضئيلاً من الناحية القانونية والمالية والأمنية والسياسية مقارنة بالتصنيف كمنظمة إرهابية أجنبية، والتي تصنف على أنها تهديد للأمن القومي الأمريكي ويتم التعامل معها بجدية أكبر بكثير من التصنيف كمنظمة إرهابية محددة بشكل خاص (SDGT). لقد أعطى تصنيف بايدن الحوثيين مساحة أكبر لتلقي الدعم الإيراني ومواصلة مخططهم التدميري وعزز شعورهم بإمكانية التغاضي عن الجرائم ضد الإنسانية تحت ذرائع سياسية.

    لقد أصبحت ميليشيا الحوثي تهديدًا عالميًا لا يمكن التسامح معه، لذا فإن تصنيفها كجماعة إرهابية عالمية ليس خيارًا بل قرار لا يمكن تأجيله وضرورة لحماية الأمن الدولي وضمان استقرار التجارة العالمية.

    إن العالم اليوم يقف عند مفترق طرق: إما أن نتخذ تدابير حاسمة الآن أو نواجه عواقب كارثية في وقت قريب. لقد حان الوقت للتحرك.

    * وزير الإعلام والثقافة والسياحة
    *عن مركز ويلسون

المزيد من مقالات (معمر الأرياني)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال