> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

يقول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم:«المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ولايحقره، ولا يخذله، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» رواه مسلم عن ابن عمر.

هذه النصيحة الذهبية الثمينة يقدمها نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله منهجا للتعامل، وأسلوبا للتآخي.. وبتعبير موجز مختصر يحدد علاقة المسلم بالمسلم بأنها حب ووفاء وإخاء في الشدة والرخاء، وفي أسلوب يعتمد الجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبات «المسلم أخو المسلم».. وفي القرآن نفسه آية بهذا المعنى الصياغة والدلالة والمضمون {إنما المؤمنون أخوة} الحجرات 10، التي جعلت الإخاء رديف الإيمان وسببه ووسيلته وغايته، بل يجعل القرآن نعمة الأخوة منحة ربانية تستوجب الذكر والشكر فيقول {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} آل عمران 103.. بل يمن على نبيه الكريم بنعمة الأخوة الدائمة القائمة إلى الأبد فيقول:{هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنينü لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم} الأنفال 62-63.

ونلاحظ أن الآيتين قد أكدتا وركزتا على (التأليف بين القلوب) التي هي محل نظر علام الغيوب، وهذه القلوب هي محل الإيمان، ومقر المشاعر، وحضن العواطف، وحصن المبادئ وإليها -وإلى الأعمال- يكون نظر الله تعالى.. ولأجل ذلك عرف النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم : «من شهد شهادتنا وصلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم، له ذمة الله، فلا تحفروا الله في ذمته».. وفي حديث آخر يقول:«المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».. فإذا ما تآلف القلب مع المسلمين من خلال ما وقر فيه من إقرار بالشهادة، ويقين بالوحدانية، وأداء للصلوات، ومشاركة اجتماعية (أكل ذبيحتنا).. هنا تكون لهذا الشخص (ذمة الله)، ولكن لابد من خفارة هذه الذمة وحراستها وحمايتها وصيانتها بسلامة اليد واللسان، وقبلها طهارة القلب من (داء الأمم) أعني: الحقد والحسد والبغضاء والشحناء والكراهية، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إنها الحالقة، لا تحلق الشعر ولكن تحلق الدين» رواه أحمد والترمذي.

ومعنى الأخوة هو أن يعيش المسلمون المؤمنون متحابين متوادين مترابطين متناصرين يجمعهم شعور الأسرة وإحساس العائلة وعاطفة الانتماء والتشابك والتآزر. ولهذا جاء في الحديث «إن أربى الربا استطالة الرجل على عرض أخيه المسلم» «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» ويقابل ذلك:«والله في عون العيد مادام العبد في عون أخيه و«من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته».. وغيرها كثير كثير.

وهذا يعني أن الأخوة في الله ليست منحصرة في (جماعة) أو( فئة) أو(تيار) لأشخاص معدودين ومشائخ محدودين.. كل ..بل الأخوة رحاب واسعة مثل رحمة الله التي وسعت كل شيء، وطريق مستقيم واضح مثل صراط الله.

ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا ولا حقدا ولا حسدا ولا كراهية ولا بغضاً للذين آمنوا.. واحشرنا إخوانا متحابين على سرر متقابلين.. آمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.