> سالم العبد:

سالم العبد
سالم العبد
لم تبق سوى أيام قليلة ويلملم بعدها العام السادس من الألفية الميلادية الثالثة، مفسحاً الفضاء الكوني لعام ميلادي جديد، العام 2007م.. ونتذكر في مثل هذا اللحظات الفاصلة، الحكمة البليغة لسيدنا علي كرم الله وجههه:(ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها) أي أن الحاضر حصاد الماضي وهو أيضاً غرس المستقبل!!

وبعد عام 1994م لم نشهد عاماً امتاز بالحراك والأحداث المثيرة والفارقة مثل العام 2006م.. ففيه تفاقمت الجرعات ومؤشرات الغلاء المنذر بالويل والثبور وتداعيات ما يسمى باستراتيجية الأجور، المتفرد في تناقضاته وعديد ثغراته التي كان وما يزال تأثيرها يمحق بمخالبه آلاف الموظفين الصغار وآلاف المرحّلين إلى التقاعد، يجرجرون معهم أرزاء الأجلين معاً.. ولم يسلم من هذه المخالب القاتلة حتى كوادر ونخب الجامعات.. ناهيك عن الحيف المضاعف الواقع على فئة المتقاعدين، وحكاية فارق الزيادة المقدرة بأربعين ريالاً التي وردت كشاهد على هذه الاستراتيجية في إحدى مقالات الزميل نجيب يابلي تغني عن المزيد على وصلنا إليه من ترد سحيق طال أرزاق الناس وأقواتهم ودواءهم هم وتعليم أبناءهم، وقس عليه.

وفي العام 2006م المنتهي.. شهدنا تراجعاً مخيفاً في الحقوق والحريات في ظل تنام بلغ حدّ الصلف لرموز الأستقواء بالفساد والنفوذ العسكري والقبلي.. وأضحى وضع الصحافة ووسائل التعبير والصحفيين عرضة لمزيد من وسائل القمع والترهيب.. وبمراجعة بسيطة لسجل نيابة ومحاكم الصحافة والصحفيين وما صدر عنها من ممارسات قمعية وأحكام توقيف للصحف.. وقضايا معلقة كثيرة.. تطال هذا المفصل الحيوي في مستقبل ديمقراطية هذا البلد ومن ثم مصداقيته في الإصلاح ومحاربة غول الفساد.. وما حدث ويحدث في دار سعد والعريش وغيرها ممن ممتلكات وحقوق المواطنين المستثمرين جهاراً نهاراً في عدن، ليس إلا شاهداً من آلاف الشواهد التي تمارس في العديد من المحافظات سيما المحافظات الجنوبية والشرقية.

وحفل العام 2006م بإجراء الانتخابات المحلية والرئاسية، وهي الأولى بالإجماع التي جرت ولو نسبياً بمشاركة منافسة، كاسرة حاجز التفرد والسيناريوهات الهزلية، ورافقها تبعاً لذلك حراك سياسي أكد وبيقين لا يقبل المهادنة أو التسويف الرغبة الجامعة والجامحة بضرورة التغيير كحل وخيار وحيد يجنب البلاد مغبة ومساوئ الانهيار التام والفوضى الشاملة.

وازدادت في العام 2006م حالات الانفلات الأمني والتواطؤ الأمني مما نتج عنه تشكل المزيد من عصابات التقطع والسلب والقتل المسلحة وحوادث خطف الأطفال والاتجار بهم والاغتصابات.. وخطف السياح الأجانب وتفاقم النزاعات والثارات بين أفراد وعشائر المجتمع.. وأيضاً حوادث استهداف استقرار ونجاح أعمال الشركات الأجنبية.

وشهدنا فيما شهدنا في نهايات العام 2006م - نوفمبر- انعقاد مؤتمر المانحين وما أسفر عنه من تحقيق دعم مالي كبير سينقل البلاد والعباد إلى عتبات الألفية الثالثة فيما لو أحسنت إدارته والتخطيط له بحسب الأولويات الإنمائية بعد معالجة أوضاع الفساد التي نخرت المؤسسات والوزارات الرسمية بمختلف وظائفها.. أما الخطب والوعود فما أكثرها وأجملها.. ولكن!!

وأخيراً روى شيخ حكيم لي ذات يوم قريب رواية غريبة.. أنه رأى أحدهم يشم ذيل سمكة أراد شراءها.. فنصحه بأن السمك يعطب من الرأس .. فأجابه المواطن بهدوء وابتسامة ذات مغزى: أعرف ذلك، ولكن خشيتي أن يكون العطب قد وصل إلى الذيل.

كل عام وأنتم بخير.. وأهلاً بالعام الجديد 2007م.