> حسن عبد الرحمن*
مع انطلاق معركة الساحل الغربي في اليمن، والتي أطلقتها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية مطلع عام 2017، ظهر اسم ألوية العمالقة بقوة كبيرة.
وكلما اقتربت هذه القوات من مدينة الحديدة ومينائها، لمع أكثر هذا الاسم، باعتباره القوة الأساسية في القوات التي تسعى إلى السيطرة على ثاني مدينة يمنية من حيث الكثافة السكانية، والمدينة الأكبر على الساحل الغربي.
أصبح اسم ألوية العمالقة يتردّد كثيراً ليس فقط في سياق الحديث عن انتزاع الحديدة من الحوثيين، بل في سياق الحديث عن استعادة السيطرة على العاصمة اليمنية أيضاً، خصوصاً بعد فشل مقاتلي حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) في اقتحام صنعاء من بوابتها الشرقية حيث يقفون منذ سنوات دون إحراز أي تقدم.
لم يستطع الحوثيون السيطرة على كامل عدن، بعد مقاومة شرسة من القوات المتواجدة هناك ومن المقاومة الجنوبية التي تشكلت من مختلف المحافظات، وكان على رأسها مجموعة من المقاتلين الذين ينتمون إلى التيار السلفي.
ومع بداية عملية عاصفة الحزم التي شنها التحالف العربي بقيادة السعودية في 26 مارس 2015، تلقت هذه القوات دعماً كبيراً، وتحديداً من الإمارات التي دخلت بشكل مباشر وبقوات عسكرية إلى عدن.
لم تكن قوى «التحالف العربي»، وخاصةً الإمارات والسعودية، تثق كثيراً بالإخوان المسلمين (حزب التجمع اليمني للإصلاح) كي تدعمهم بالسلاح والمال وتدفع بهم نحو الساحل الغربي للسيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي.
هذا ما رأت أبوظبي أنه يحقق مصالحها الاستراتيجية في ما خصّ تأمين خط الساحل الغربي في اليمن، الذي يمثل ممراً دولياً هاماً للتجارة العالمية وخصوصاً تجارة النفط، والذي تعتمد عليه السعودية والإمارات في إرسال صادراتها إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
ممّن تتكوّن ألوية العمالقة؟
تتشكل ألوية العمالقة من أكثر من خمسة ألوية عسكرية، بقوة بشرية تتجاوز 12 ألف مقاتل ينتمي غالبيتهم إلى التيار السلفي. وجميعهم جنوبيون.
وربما يتساءل كثيرون عن طبيعة هذه التركيبة، في ظل واقع تصاعد مطالبات الجنوبيين بالانفصال عن الشمال.
ويشير الصحافي صلاح الحسني إلى أن الفكر السلفي لألوية العمالقة هو الأساس في تكوينها، بعيداً عن أية تجاذبات سياسية أو مناطقية، ما يضعها خارج إشكالية شمال-جنوب، ويضيف «أن عناصرها يقاتلون حالياً في عمق شمال اليمن ولا يفكرون بذلك على طريقة غيرهم».
ويقول «إن قتالها في شمال اليمن هو جزء من معركة تأمين حدود الدولة الجنوبية من أي تقدم حوثي في المستقبل باتجاه الجنوب».
ويعتبر أن الحوثيين لا يزالون يحلمون كل يوم بالعودة إلى الجنوب وإلى عاصمته عدن بعد أن طردتهم قوات المقاومة الجنوبية منها، ولهذا فإن «ألوية العمالقة تقاتل في الشمال لأسباب لا تتعلّق بالوحدة اليمنية التي انتهت منذ زمن بعيد».
قيادات سلفية
في ظهور تلفزيوني نادر على قناة «سكاي نيوز عربية»، تحدث قائد ألوية العمالقة عبد الرحمن المحرمي، الشهير بـ «أبو زرعة المحرمي»، عن انطلاق معركة الحديدة، مطلع يونيو الماضي، واعتبر المحرمي أن معركة الحديدة مستمرة حتى «تحريرها من الحوثيين» وحتى الوصول إلى العاصمة صنعاء.
تخرّج المحرمي، ككثيرين غيره من قيادات قوات العمالقة، من مركز دار الحديث السلفي في دماج، في محافظة صعدة، وهو مركز أسسه الداعية السلفي الشهير الشيخ مقبل الوادعي، وعمل في التجارة والمقاولات في الشيخ عثمان في عدن حتى عام 2015، قبل أن يقتحم الحوثيون عدن.
وإلى جانب أبو زرعة المحرمي، يُعتبر القيادي السلفي العميد حمدي شكري الصبيحي، قائد اللواء الثاني عمالقة، أحد أهم قيادات الألوية. وبدوره، درس في دار الحديث وعمل مدرساً للتربية الإسلامية في منطقة طور الباحة في محافظة لحج، جنوب اليمن.
معركة الثأر
عندما اندلعت احتجاجات اليمنيين الشعبية عام 2011، للمطالبة برحيل الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، استغل الحوثيون المشاكل في العاصمة صنعاء والفراغ الحاصل في بعض المحافظات وخصوصاً في محافظة صعدة، معقلهم الرئيسي في أقصى شمال اليمن، وحاصروا مركز دار الحديث في دماج.
استمر هذا الحصار حتى جرى ترحيل سكان دماج وطلاب الدار، بعد اتفاق بين حكومة الرئيس هادي والحوثيين والسلفيين عام 2014، إثر معارك عنيفة استمرت سنوات وقُتل فيها الكثيرون من الطرفين دون أن ينجح الحوثيون في استئصال السلفيين وطردهم من المنطقة.
غادر السلفيون دماج بطريقة جعلت جميع اليمنيين يتعاطفون معهم وينتقدون الرئيس هادي الذي عجز عن الدفاع عنهم بل وتماهى مع الحوثيين في قبوله بإخراجهم من منازلهم ومنطقتهم.
يروي المحلل ناجي عبد الرؤوف أنه وبمجرد أن بدأ الحوثيون بالهجوم على عدن بدأ السلفيون بالتجمع من جديد.
ويلفت إلى أن تشكيل ألوية العمالقة من مقاتلين سلفيين لديهم الخبرة في قتال الحوثيين لسنوات في صعدة يجعل من انتصارهم في الحرب وارداً وبنسبة كبيرة خصوصاً في ظل الدعم العسكري والجوي الذي يقدمه لهم التحالف العربي، ولأنهم يؤمنون بأن عقيدة الحوثيين مختلة ما يجعل قتالهم جهاداً، من وجهة نظرهم.
* عن موقع (رصيف)