> علي صالح عبدالله
نعم توفيت زوجتي السيدة ماجدة ياسين- حب حياتي وأيقونة عمري كله، وهي مسجاة على السرير في أحد مستشفيات القاهرة، فارقتني وأنا أغالب دمعة عنيدة تحاول الفرار من مقلة عيني الجافة المكسورة حزناً وحباً.. اختفت صاحبة تلك البسمة والضحكة التي عادة ما تطلقها وهي تدخل بيت العائلة أو تلتقي صاحباتها من نسوة عدن أو صنعاء.. قلب يصافح كل تنهيدة وكل ألم وأمل، فيلتف حولها الجميع بسلسبيل من المحبة والفرح والعطاء.. فاجأتني بقولها مرة وهي على فراش المرض هل تعرف يا علي أنني طيلة فترة مرضي لم أشعر بأية آلام أو أحاسيس موجعة.. هذا مرض غريب يتسلل بخبث فينتشر في الجسم في غفلة من صاحبه فلا تجد وسيلة لمواجهته، لأنك لا تعرف متى وأين وكيف تسلسل إلى داخلك فتستسلم للأطباء والممرضات والأدوية الدريبات وقوائم الطعام الممنوعة والمسموحة.
وقالت أيضاً: لقد كنت دائماً أحلم بأن أنقل لأحبائي المصابين به أسرار هذا المرض ليتسلحوا بالمنعة والقوة في مواجهته وليكونوا في حال أفضل مني.. قلت لها: أتفهم هذا الكلام الصادر من قلبك وعقلك، ابشري إن شاء الله النتائج الإيجابية ستظهر قريباً وستعرفين كل الأمور الغامضة حول هذا المرض وكنه العلاج الذي تأخذينه، خصوصاً وأنك قد أظهرت الشجاعة الكافية للتعاطي معه، فالكيماوي هو العلاج الوحيد المقرر وهو العدو الذي ما من صداقته بد.. يقول الأطباء أنه يجرف كل شيء في طريقه، الخلايا الضارة والخلايا الحية.. لست أدري كيف مرت بنا الأيام السبعون ونحن بجانبها نقرأ في وجهها معاني التعب وتعابير الفراق القادم بكل حسراته ونيرانه، وبالمقابل كانت عيناها تنظران بقلق وكأنها تقول لنا متى ينتهي هذا وأعود إليكم؟