حياتنا في هذه الدنيا قصيرة، وأن الحزن والفرح ما هما الا مشاعر مؤقتة، وليست دائمة، إلا أننا لم نفكر أحيانا بذلك المنطق، وننسى هذه الحقيقة، ونهرب إلى مخيلة وجداننا، ونتحسس فيها مشاعرنا، وهي تبحر في محيط هذه الحياة، وقد تجرفنا احلامنا ومساعيها، في أمل كاذب وطموح زائف، الا انها تلك هي الحياة..! وحقيقة هذه الحياة ؟ ان كل ما فيها زائف وذاهب؛ إلا اننا لم ندرك ذلك، بوعي منا أو من غير وعي.. وقد لا نتسوعب أننا نسير في خط قد رسم لنا وله نهاية تنتهي فيه كل أحلامنا وكل آمالنا.
قد نحزن كثيرا حين يفارقنا أحد قريب لنا أو عزيز علينا، ويكون مقدار ذلك الحزن أو الألم بمقدار معزة ذلك الشخص لنا، ولكن الألم الأكبر ليس في الفراق إلى المثوى الأخير، لأن القدر والفراق مشيئة الله وحده، إنما الألم الذي يوجعنا هو أن ترى أحدا عزيزا عليك أو قريبا منك مريضا ويتألم، ويحتاج إلى عنايتك ومساعدتك، بينما أنت لا تقدر على فعل ذلك، ليس لأنك لا تريد، بل تتمنى أن تساعده، ولكنك أحيانا قد تواجه تحديا آخر في الحياة أكبر منك يجبرك على أن تقف بعيدا، وتتألم كل يوم مائة مرة لأنك وصلت إلى مرحلة العجز وقلة الحيلة! لأنك لم تستطع فيها كسر تلك الحواجز، وخلق الظروف، لأجل ذلك.
وأحيان قد لا تستطيع طلب المساعدة من أحد اخر، لديه القدرة على المساعدة، تخشى على نفسك من الذل والهوان، أو تخشى أن ترد يدك التي امتدت إليه، فتعز عليك نفسك وأنت مكسور الخاطر وخائب الرجاء، ولا يعني ذلك، انه لا يوجد من يمد يده لمساعدة الاخرين، وقضاء حوائجهم، بل هناك الكثير من الناس ممن يمدون أيديهم للخير ومساعدة الآخرين والمحتاجين إلى المساعدة والعون، ولكن هناك من لا يطلبون الناس الحافا.
انهم خلف جدران بيوتهم مقفلون أبوابهم عليهم يتألمون بصمت، لا تسمع لهم أنينا ولا صياحا، يموتون بصمت بدون نواح، يذهبون عنّا صامتون، ولا نعلم كم من الألم والأوجاع عانوا منها؟ لأنهم لم يشتكوا لأحد غير الله؛ ولم يسألوا أحدا إلا الله.. هؤلاء هم الغالب من الناس، ولكننا لا نعرف عنهم شيئا سوى ما يظهر منهم. إننا لم نقترب منهم أو نتحسسهم، ولم نطرق أبوابهم المغلقة؟