> «الأيام» وكالات
في ما يشبه الانفتاح العربي على سوريا، شهدت الساحة العربية عددا من الخطوات «غير المتوقعة» بذرائع شتى، لإعادة العلاقات بين عدد من الدول العربية والحكومة السورية.
بداية من المهم الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن يعكس الموقف الرسمي العربي واقع الحراك السياسي الهادف إلى عودة العلاقات مع سوريا عبر زيارات لمسؤولين سوريين، أو إعادة فتح سفارات عدد من الدول العربية، أو زيارات لمسؤولين عرب إلى دمشق، مثل زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق في 16 ديسمبر الماضي، وهي أول زيارة لرئيس عربي منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011.
كانت المملكة العربية السعودية من بين أوائل الدول التي اتخذت إجراءات عقابية ضد النظام السوري ردا على قمع قوات النظام للمحتجين واستخدام القوة العسكرية ضدهم.
راهنت الدول العربية على إمكانية إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد الثورة السورية، وقدمت لفصائل المعارضة المسلحة مختلف أنواع الدعم العسكري والمالي والسياسي؛ إلا أن عوامل عدة، منها التدخل الروسي صيف عام 2015 إلى جانب قوات النظام والدعم الإيراني متعدد الجوانب، حالت دون إسقاط النظام واستعادته السيطرة على الأراضي التي خرجت عن سيطرته منذ عام 2012 بشكل تدريجي، ضمن إستراتيجية استعادة كامل الأراضي السورية قبل إنجاز التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.
وهناك مقاربة عربية أو خليجية حالية تتمحور حول أن أي انضمام عربي، بما في ذلك سوريا، إلى الجهد العربي المشترك سيؤدي حتما إلى الحد من النفوذ الإيراني والتهديدات المفترضة على دول المنطقة، الخليجية تحديدا؛ إلا أن السعودية لا تزال رسميا خارج نطاق الدول التي أعادت أو تنوي إعادة علاقاتها مع سوريا.
ينظر مراقبون إلى أن إعادة الإمارات العربية المتحدة فتح سفارتها في دمشق جاءت بالتنسيق أو بالتشاور مع السعودية، نظرا لطبيعة علاقات البلدين وموقفهما من التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة، والذي يعتقد أن الإستراتيجية الخليجية الجديدة تشدد على أن إعادة العلاقات مع سوريا يمكن أن تحولها بعيدا عن دائرة النفوذ الإيراني بعد فشل الرهان على المعارضة المسلحة في إسقاط النظام.
وفي أكتوبر 2018 تحدث الرئيس السوري إلى إحدى الصحف الكويتية عن توصل بلاده إلى «تفاهمات» مع عدد من الدول العربية بعد سنوات من القطيعة والعداء.
وفي ذات السياق، أيد البرلمان العربي في ديسمبر 2018 عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وإعادة فتح السفارات العربية في دمشق.
دفعت الحرب الأهلية السورية إلى تدخل أطراف إقليمية ودولية متنافسة خاضت حروبها على الأراضي السورية طيلة سنوات دون نجاح أي طرف بحسم الصراع لصالحه، في حين بدت الحرب الأهلية في مراحلها النهائية مع وقائع ميدانية تؤكد على نجاح قوات النظام عسكريا في استعادة المزيد من الأراضي التي سبق أن خسرتها لصالح فصائل المعارضة المسلحة أو الجماعات الإسلامية المتشددة.
سيكون على الكثير من الدول العربية المترددة في إعادة علاقاتها مع سوريا انتظار انعقاد القمة العربية التي ستستضيفها تونس في مارس المقبل، والتي من المرجح أن تخرج بقرار توافقي لإعادة سوريا ثانية إلى جامعة الدول العربية، وربما كان الرئيس السوري ضمن المدعوين لحضورها في حال صحت التقارير الإعلامية التي تتحدث عن احتمالات تبني جامعة الدول العربية قرارا بعودة سوريا قبل موعد انعقاد القمة.
على صعيد ذي صلة، قد يكون قرار الرئيس الأمريكي في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 بسحب قوات بلاده من سوريا، وفشل الرهان على المعارضة المسلحة في إسقاط النظام السوري من بين أهم العوامل التي دفعت أو ستدفع دولا عربية أو خليجية لإعادة علاقاتها المقطوعة منذ سنوات مع سوريا طالما أن الانسحاب الأمريكي سيؤدي فعلا إلى إضعاف قدرات القوى المعارضة للنظام السوري في مواجهته.
ووفقا لتقارير إعلامية، فإن الولايات المتحدة مارست ضغوطا حالت دون زيارة مسؤولين مصريين بالتنسيق مع السعودية للعاصمة السورية تماشيا مع جهود البلدين لاستعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية، ونتيجة لذلك زار الرئيس السوداني دمشق في 16 ديسمبر/كانون الأول 2018 لذات المهمة.
ثمة إجماع يمكن استخلاصه من تصريحات لمسؤولين عرب في دول عدة، أن أي عودة لعلاقات طبيعية مع سوريا لابد أن تقترن زمنيا بإنهاء الصراع المسلح، والذهاب إلى الحل السياسي الذي يكفل تحقيق إرادة الشعب السوري وتطلعاته، قبل عودة سوريا إلى عضويتها الكاملة في الجامعة العربية والمنظمات التابعة لها أو التمثيل الدبلوماسي المتبادل.
وتجمع الدول العربية على وحدة الأراضي السورية وسيادة سوريا واستقلالها وضرورة انهاء الحرب الاهلية وفق مخرجات مؤتمر جنيف الذي تشرف عليه الأمم المتحدة وتتبناه السعودية والأردن ومصر بالإضافة إلى المانيا وفرنسا وبريطانيا برعاية الولايات المتحدة ضمن ما يعرف باسم مجموعة الدول السبع، أو «المجموعة المصغرة».
كما ان السعودية أغلقت سفارتها بدمشق بعد قرار صدر عن جامعة الدول العربية في نوفمبر 2011، وقد لا تعيد فتحها قبل صدور قرار جديد من الجامعة بإعادة عضوية سوريا، وهو ما يعتقد انه بات وشيكا.