> تقرير/ هشام عطيري

تشتهر عدد من المحافظات الجنوبية، ومنها محافظة لحج، بزراعة محصول «السمسم» الذي يعد من أفضل الأصناف التي تزرع في تلك المحافظات، ويستخرج من بذرته زيت طبيعي بعد عملية عصره في أماكن تسمى «معاصر السمسم» ذات الإمكانيات البدائية، إلا أن ارتفاع أسعاره وتدني إنتاج المزارعين له دفع العاملين، في تلك المعاصر، إلى تفضيل شراء السمسم الخارجي.
«الأيام» التقت بعدد من العمال في معاصر «السمسم» بلحج، حيث يقول عامل في معصرة للسمسم في سوق الحوطة، فضل ناصر سعد: «إن أسعار السمسم البلدي، والذي يعد أفضل من السمسم الخارجي، ارتفعت بشكل كبيرة حتى وصلت الفراسلة الواحدة إلى 17 ألف ريال، مما دفعهم إلى شراء السمسم الخارجي لتغطية النقص في طلبات زيت السمسم للمواطنين، والتي تعتبر من أفضل الزيوت التي يستخدمها الإنسان في طعامه أو في علاجه أحيانا أخرى».
بذور السمسم الطبيعية
بذور السمسم الطبيعية

وأشار عامل المعصرة إلى أن «تدني زراعة السمسم البلدي المحلي بشكل كبير دفع العديد من التجار إلى التهافت والشراء مباشرة من مزارع السمسم لجودته وتميزه عن السمسم الخارجي، ما أوجد حالة من التقلبات في أسعار المحصول الذي يعد من المحاصيل النقدية».
وكشف فصل سعد أن «أغلب معاصر السمسم لجأت إلى السمسم الأبيض الخارجي والذي يستورد من السودان والحبشة عبر تجار لاستخدمه في معاصرهم إلا أن السمسم الخارجي أيضا ارتفعت أسعاره ضعف السابق، بسبب ارتفاع أسعار الدولار».

وقال «وصل الكيس الواحد من السمسم الخارجي إلى ما يقارب 70 ألف ريال يمني، الأمر الذي دفع التجار إلى رفع أسعاره رغم وجود مخزون كبير لديهم في مخازنهم».

خسارة المحصول
من جانبه، يقول عامل معصرة أخرى، يدعى مهدي محمد قادري إن «الطلبات على السمسم زادت مما أوجد حالة من الخلل في كمية الطلب وقلة المعروض، حيث يعد السمسم البلدي المرغوب لدى المواطنين، وهناك من يقوم بعملية شرائه ونقله إلى محافظات أخرى نتيجة لجودته».
وأضاف لـ «الأيام»: «السمسم الذي يزرع في لحج يُعد من أفضل الأصناف، حيث ينتج زيتا صافيا نقيا يستخدمه كل الناس، إضافة إلى ارتفاع أسعاره هذا الموسم».
مواطن أثناء شراءه زيت من المعصرة
مواطن أثناء شراءه زيت من المعصرة

وتطرق مهدي إلى أحد الأمثال التي يستخدمها كثير من المزارعين، وهو «أخوك لا خانك با يخرجك من مكانك»، بمعنى أن «زراعة السمسم رغم فوائدها إلا أن هناك خسائر قد يتعرض لها المزارع تسبب في فقدان المحصول وخسارته له».

تقلص الرقعة الزراعية
بدوره، قال المهندس الزراعي خالد النوبي إن «الرقعة الزراعية لإنتاج السمسم تقلصت إلى مستويات متدنية في دلتا تبن أسوة بالمواسم الزراعية السابقة».
وأرجع المسؤلية إلى «دور الإرشاد الزراعي ووقاية النباتات»، مشيرا إلى أن تعرض بذور السمسم إلى مرض مكروبي فتاك يسمى بـ «تصمق المجموع الخضري» للسمسم الذي نتج عنه تراجع كبير وملحوظ في الإنتاجية للفدان أو الهكتار بعموم دلتا تبن في السنوات الأخيرة».
معصرة زيت السمسم البدائية
معصرة زيت السمسم البدائية

وطالب النوبي الجهات الزراعية المختصة بضرورة إيجاد آلية تسهم في إعادة النظر في هذا المحصول الاقتصادي وتحسين إنتاجه، والذي كانت تتميز به المحافظة بإنتاجها له كل موسم عن باقي المحافظات الساحلية.

أهمية محصول «السمسم»
م. أحمد طيرم
م. أحمد طيرم
أما مدير التخطيط في مكتب الزراعة بلحج، المهندس أحمد بن أحمد طيرم، فيشير إلى أهمية محصول السمسم الذي يعد من أقدم المحاصيل الزيتية التي تزرع في السهل الساحلي (لحج، أبين، حجة والحديدة)، حيث يستخدم السمسم لاستخراج الزيوت الطبيعية حيث تحتوي بذوره على نسبة عالية من البروتينيات والكالسيوم والكثير من الفيتامينات.
وقال لـ «الأيام» إن «زيت السمسم (السليط) يستخدم في الطباخة، وصناعة الحلويات والفطائر، كما يستخرج من السمسم، بعد عصره، مادة بيضاء أو سمراء اللون تعرف بالطحينية».
السمسم
السمسم

وعدد المهندس طيرم الأهمية الاقتصادية للسمسم من خلال العائد الاقتصادي المجزي للمزارعين.
وتابع «زيت السمسم في اليمن يستمد شهرته من كونه طبيعيا، وتتمثل أهميته الاجتماعية في توفير الغذاء للإنسان والحيوان، ويساهم في دعم الاقتصاد عبر عملية التصدير حيث تزيد مساحته عن 35 ألف هكتار، وإنتاجه يزيد عن 120 ألف طن سنويا».

واستطرد طيرم «أسباب انخفاض إنتاج السمسم في دلتا تبن وارتفاع أسعاره يعد طبيعيا بعد انخفاض إنتاج السمسم حيث يعود السبب إلى زيادة استيراد السمسم الأبيض، حيث أصحبت معاصر السمسم تعتمد عليه لانخفاض سعره مقارنة بالمنتج المحلي، وهو السمسم الأحمر، كما أن سعر السمسم الأبيض أقل من النصف من قيمة السمسم المحلي».
أثناء تصفية السمسم قبل العصر
أثناء تصفية السمسم قبل العصر

«التصمغ» وتأثيره على الإنتاج
من جانبه، قال اختصاصي محاصيل الإرشاد الزراعي المهندس عبد محمد علي إن «أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار السمسم هذا العام هو تأخر موعد السيول عن موعد زراعة السمسم، وبالتالي قلة المساحة المزروعة».
وأضاف لـ «الأيام»: «هناك العديد من التدخلات من قبل بعض المنظمات ومنها (ميرس كور) في نشر الصنف المحسن من بذور السمسم وهو كود 94،
م. عبد محمد
م. عبد محمد
وهو من الصنف البلدي الذي دخل في عملية انتخاب قبل مركز الأبحاث، والذي بدأ في عام 2013م، وتوقف بسبب الحرب، بالإضافة إلى العديد من البرامج التي ساهمت في تدريب المزارعين من قبل مرشدين من إدارة الإرشاد الزراعي».

وحول مرض «التصمغ»، الذي يصيب بذرة السمسم، يوضح علي أنه «في عمر معين للنبات تظهر بعض الإفرازات الصمغية على بعض النبات، وخاصة طرف الحقل ثم تنتشر إلى باقي الحقل وتؤثر على نبات السمسم وعلى كمية الإنتاج».
واختتم حديثه: «خلال البحث عن هذا المرض، خصوصا أنه سبق لفريق من مركز أبحاث الكود أن عمل بحث حول هذا المرض الذي يصيب السمسم، اتضح أنه لازال قيد البحث والدراسة من قبل المختصين الزراعيين، حيث لا يوجد حتى الآن أي دراسة تبين سبب هذا المرض أو كيفية معالجته».