> «الأيام» غرفة الأخبار
رغم تعطيل الحوثيين لتطبيق اتفاقات السويد، عبر إجراءات واضحة وتحرّش مستمرّ بوقف إطلاق النار، إلاّ أنّ المبعوث الأممي مارتن جريفيثس يتفادى التسليم بالفشل حفاظا على المسار الذي يوصف بأنّه فرصة نادرة للسلام.
وقال مكتب جريفيثس عبر موقعه الرسمي على تويتر إنّ الطرفين اتخذا الخطوة الأولى نحو تطبيق اتفاق السويد بشأن الملف، وذلك بإتمام تبادل قوائم الأسرى والمعتقلين والإفادات بشأن هذه القوائم.
وكانت اللجنة التي تضم ممثلين عن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، بالإضافة إلى مكتب المبعوث الخاص واللجنة الدولية للصليب الأحمر قد بحثت في العاصمة الأردنية عمّان مسائل تقنية تتعلّق بتبادل الأسرى.
وأوضح «أنه تم الاتفاق على جداول زمنية لإعادة صياغة الجانب الزمني في اتفاق تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية الشرعية والحوثيين». وبيّن في تصريح لقناة العربية الفضائية أنه تم الاتفاق على أساس إعادة تبادل الملاحظات لمدة ثلاثة أيام، وتحديد مدة أقصاها عشرة أيام للرد على جميع الملاحظات التي أدلى بها الطرفان خلال اجتماع عمّان.
وتبدو هذه الخطوات ذات الطابع التقني المحض ضئيلة في مسار تنفيذ اتفاقات السويد وخصوصا جانبها الأهم المتعلّق بوقف إطلاق النار في الحديدة، وإعادة الانتشار العسكري فيها، وانسحاب الحوثيين من الموانئ الثلاثة؛ الحديدة، والصليف، ورأس عيسى.
وتعتبر البعثة الأممية إلى اليمن تطبيق الاتفاق، جزءا من عملية بناء الثقة بين الفرقاء اليمنيين، لكنّ مراقبين يعتبرون الوقوف إلى حدّ الآن عند هذه المرحلة، مظهرا على المصاعب الكبيرة التي يواجهها جريفيثس للدفع بجهوده قدما. ويعوّل الدبلوماسي البريطاني، كثيرا على الدعم الإقليمي والدولي لجهوده لتجاوز الصعوبات وحلّ الإشكالات المستعصية.
وعبّر الحوثيون على رفضهم للقرار الأممي، وقالوا على لسان القيادي البارز في جماعتهم محمد البخيتي إن القرار الذي صادق عليه مجلس الأمن باقتراح بريطاني يهدف إلى إفشال مهمة المبعوث الأممي مارتن جريفيثس.
ويقول مسؤولون ومحللون سياسيون يمنيون على أن وضوح الجنرال الهولندي باتريك كومارت رئيس لجنة إعادة الانتشار في الحديدة أزعج الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ودفعها إلى اعتباره «مشكلة» وإلى اتهامه بالسعي إلى إسقاط اتفاق ستوكهولم، وعكر صفو المراوغات التي يتخذونها سبيلا في التعاطي مع المجتمع الدولي.
ونوهت المسؤولة الأممية بالمعلومات التي تقدمها الحكومة اليمنية، التي من شأنها إيضاح الحقائق أمام مجلس الأمن والمجتمع الدولي حول عدم التزام الجماعة الحوثية بأي اتفاقات سلام.
واتهم السفير السعدي جماعة الحوثي باختلاق العراقيل أمام تنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، واتفاقية المعتقلين والأسرى، مؤكداً حرص الحكومة الشرعية على تقديم الدعم لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، لإنهاء الحرب التي فرضتها ميليشيا الحوثي ورفع معاناة الشعب اليمني.
من ناحية أخرى، طالب خالد اليماني وزير الخارجية اليمني، بضرورة التزام جميع المنظمات الدولية بالتشاور والتنسيق مع الحكومة اليمنية حول جميع الخطط والبرامج والآليات الخاصة بخطة الاستجابة الإنسانية ومشاريع التعافي الاقتصادي، وذلك خلال لقاء جمع الوزير بالمنسق المقيم للأمم المتحدة منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي.
من جهتها، أكدت المسؤولة الأممية احترام منظمات الأمم المتحدة لقواعد العمل الإنساني والتزامها بالوظائف المحددة لها وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة التي تخولها العمل المباشر مع الحكومة اليمنية الشرعية.
وفي تقريرها النهائي للعام 2018، قالت اللجنة إنها «حددت عددا صغيرا من الشركات، سواء داخل اليمن أو خارجه، تعمل كشركات في الواجهة» من خلال استخدام وثائق مزيفة لإخفاء التبرعات النفطية.
وقال التقرير المؤلف من 85 صفحة والذي تم إرساله إلى مجلس الأمن «العائد من بيع هذا الوقود استخدم في تمويل حرب الحوثيين». ووجدت اللجنة أن «الوقود تم شحنه من موانئ في جمهورية إيران الإسلامية بموجب وثائق مزيفة» لتجنب تفتيش الأمم المتحدة للبضائع.
وفي تقرير سابق للجنة، قال الخبراء إنهم يحققون في تبرعات وقود إيرانية شهرية بقيمة 30 مليون دولار.
ويزعم الحوثيون إنّ الصواريخ التي يستخدمونها في قصف السعودية «مصنّعة محلّيا»، وهو ما يبدو للخبراء العسكريين أمرا مستحيلا يفوق قدرات اليمن في زمن السلم، فضلا عن زمن الحرب حيث يواجه البلد أوضاعا صعبة يكاد يعجز معها عن توفير المواد الضرورية، فضلا عن المعدّات وما يدخل في الصناعة العسكرية من مواد ووسائل تقنية معقّدة.
وأكد خبراء للأمم المتحدة في تقارير سابقة أن إيران لم تنفذ التزاماتها منع وصول الصواريخ إلى اليمن.
وقال الخبراء إنهم «لم يجدوا دليلا على هوية المورد أو على وجود طرف ثالث قام بدور الوسيط» في جلب الصواريخ التي أطلقتها جماعة الحوثي على السعودية لكنهم قالوا إن إيران انتهكت العقوبات لتقاعسها عن منع توريد أو بيع أو نقل الصواريخ والطائرات بلا طيار.
ووصف مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس، النقاشات التي دارت في اجتماعات عمّان بشأن ملف تبادل الأسرى اليمنيين بـ «الإيجابية والبناءة والصريحة».
وأضاف المكتب الذي يتخذ من العاصمة الاردنية عمان مقرا له أنّ اللجنة المشتركة المكلفة بملف الأسرى بحثت «على مدار يومين الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن لتطبيق اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين، وتوافقت على خطوات مُزَمّنة للاستمرار في تحقيق تقدم وفقا لنصوص الاتفاق».
هادي هيج، وهو رئيس وفد الحكومة اليمنية إلى محادثات عمّان، قال إن «اللقاء الثنائي مع الحوثيين تناول القضايا التي تثار حولها شكوك بين الطرفين وتضمّن توضيحات حولها، ولا سيما ما يتعلق بامتناع الحوثيين عن الإفادة حول مصير بعض الشخصيات المهمّة».
كما أشار إلى وجود إشكاليات حول قوائم الأسماء المطروحة، مبينا أنّ لديه أكثر من مئتي اسم لأسرى لدى الحوثيين لم يفيدوا عنهم إلى الآن ولا بد من التحقق من جميع الأسماء.
واتفاق تبادل الأسرى هو أول الاتفاقات التي تم توقيعها بين الفرقاء اليمنيين منذ اندلاع الحرب في اليمن. وقال مكتب جريفيثس «إنّ البدء في تبادل الأسرى والمعتقلين سيمثل بشكل فعلي بارقة أمل لآلاف العائلات اليمنية التي تتطلع إلى معرفة مصير ذويها الذين انقطعت أخبارهم طوال سنوات الحرب».
ودفعت بريطانيا التي تدعم بقوة جهود جريفيثس في اليمن، نحو استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي نصّ على نشر 75 مراقبا غير مسلحين لمراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة، وهو القرار الذي مثّل بحسب المراقبين إحراجا لجماعة الحوثي الموالية لإيران، والمتهمة على نطاق واسع بعرقلة تنفيذ اتفاقات السويد من خلال التلاعب بها ومحاولة تفسيرها بطريقة تبقي على سيطرتها على المحافظة ذات الموقع الاستراتيجي على البحر الأحمر.
وأضاف أن القرار يقتضي تشكيل بعثة أممية جديدة برئاسة باتريك كومارت مرتبطة بالأمين العام الأممي بشكل مباشر، ما يعني أن جريفيثس لن يكون له دور في تسييرها. وطالب الحوثي بحل ما سماها «مشكلة باتريك كومارت» رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الذي تحمل عليه الجماعة وتتهمه بعدم الحياد. وكان موكب كومارت قد تعرّض لإطلاق نار في الحديدة اعتبره المراقبون ترجمة عملية لموقف الحوثيين منه ورسالة تهديد له.
جماعة الحوثي تمتنع الإفادة عن 200 أسير
إلى ذلك أشادَتْ روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية في الأمم المتحدة، بالتعاون الذي تبذله الحكومة الشرعية اليمنية في الجوانب السياسية والإنسانية والاقتصادية، وهو ما يعبر سياسيون يمنيون «تنازلات لصالح الحوثيين من شأنها أن تضعف موقف الشرعية وتقوي موثف الانقلاب».
جاء ذلك خلال لقاء جمع وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية في نيويورك، ومندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله السعدي.
وأشار مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة إلى «عرقلة الميليشيا لجهود إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تقع تحت سيطرتها وانتهاكاتها المستمرة لاتفاق مدينة الحديدة».
وقال اليماني إن حكومة بلاده «ملتزمة بتقديم كل التسهيلات وإزالة أي عقبات أو عراقيل قد تعيق المنظمات عن أداء مهامها»، مشدداً على «ضرورة كشف عمليات النهب الممنهج للمساعدات الإنسانية من قبل الجماعة الحوثية وأهمية مراجعة آليات التوزيع المحلية بما يضمن وصول المعونات إلى المحتاجين الحقيقيين».
وفي سياق الدعم الخارجي الذي يقوى جماعة الحوثي ويصلب مواقفها ضد تقديم تنازلات ذكر تقرير للجنة خبراء في الأمم المتحدة أنّ عائدات وقود مشحون من موانئ في إيران تساهم في تمويل جهود المتمردين الحوثيين في اليمن ضد الحكومة الشرعية المدعومة من السعودية. ومن المتوقع أن تثير نتائج التقرير مرة أخرى تساؤلات حول دعم إيران للمتمردين الحوثيين الشيعة في الحرب باليمن.
وأضاف التقرير أنّ النفط كان «لفائدة فرد مدرج» على لائحة الأمم المتحدة للعقوبات.
وأشار الخبراء في تقارير سابقة إلى صلة إيرانية محتملة بالصواريخ التي أطلقها المتمردون الحوثيون صوب أهداف في السعودية، وذلك بعد أن زاروا الرياض لتفقد بقايا الصواريخ.
ونفت إيران مرارًا أنها تقدم دعما عسكريا للحوثيين الذين استولوا على العاصمة صنعاء في العام 2014، ما دفع السعودية لقيادة تحالف عسكري لمواجهة المتمردين.
وتدعم طهران الحوثيين لكنها تنفي تقديم دعم عسكري لهم. وتؤكد الرياض أن حزب الله أرسل مقاتلين إلى اليمن لإسناد الحوثيين، الأمر الذي ينفيه الحزب الشيعي اللبناني.
وأبلغ خبراء مستقلون من الأمم المتحدة يراقبون العقوبات المفروضة على اليمن مجلس الأمن في يناير 2018 بأنهم وجدوا بقايا صاروخ إيراني «أحضر إلى اليمن بعد فرض حظر سلاح عليه».