> د.أسمهان بن بريك
جميعنا كان مشدوها إلى شاشات التلفاز لرؤية حشود البرلمانيين الذين حشرتهم
طائرات اليمنية إلى سيئون لحضور دورة الانعقاد غير العادية التي دعا إليها
رئيس الجمهورية، ومحاولة إعادة أهم مؤسسة سياسية للعمل، برغم انتهاء فترتها
قانونا منذ عقد من الزمن.. وكم كان مؤلما إعادة تلك الوجوه التي بسببها
نزفت دماء الشباب على ساحات اليمن بطوله وعرضه، ولا زالت، مثلما هو حالهم
بعد أحداث 2011 وعودتهم لمجلس النواب في صنعاء، فكان عزفهم من النشاز ما
يبعث قشعريرة لا تطمئن لها العقول والقلوب، فكلما اجتمع هؤلاء تشهد اليمن
شلالات دماء.. يضاف إليه عناد سياسي لجماعة الحوثي، اللاعب السياسي
الجديد.. لنشهد معزوفات دموية يتوعد بها كل منهم الآخر.
وفي الجانب
الآخر من العالم في ماليزيا، كان للعزف على الأوتار ذات شأن، شهد به العالم
لمجموعة تكونت من 90 عازفا فقط، يقودهم المايسترو المهندس القحوم.. وكعادة
الحضارم في التألق في أماكن النور بعيدا عن الضجيج.. ومثلما كانت والدتي
تحكي دائما أن أجدادنا هاجروا حضرموت وتفرقوا بسبب الفقر والصراعات التي
شهدتها سابقا، وكان عزاؤهم أنهم سيعودون ويعمرونها لاكتشاف البترول، وأنه
سيكون مساعدا لهم في تحسين حياتهم والكف عن الاغتراب، لكن كثيرا منهم ظل في
بلد اغترابه، ورغما عن الغالبية منهم، كحال كل مغترب، تجاوزت أرقامهم
الملايين، ظلت أحلامه في العودة سرابا لا تتجاوزه دموعهم التي يذرفونها كل
يوم حلما بالعودة وصلاح الحال في هذا البلد الذي مزقته، ولا تزال، حروب
القبلية والعصبية والمناطقية والحزبية.
العزف السياسي في بلادنا يحتاج
إلى عازفين يؤمنون بقضية الانتماء لتراب هذا البلد، وأن للإنسان على أرضه
قضية عادلة هي العيش بأمن وأمان ورفاهية كافية لا تدفع به للخوف من قادم
غير محمود عقباه في عدم تفكير الكثير منهم في الاغتراب، حتى وصلت أرقامهم
للملايين، لأن الحال عليها في ميزان قوى تفكيرها محصور على ماذا تحصل
اليوم! وأين ستنفقه خارج بلدها مع أولادها وأحفاد أحفادها؟! في الوقت الذي
يستشعر فيه المواطن والمسؤول أن هذا البلد ليس بساط سندباد يطير به بعيدا
عنها ماسحا به كل ما يربطه بها من ذكريات وفضل إلا من رحم ربي منهم.