
نبيل الكولي
ظننت للوهلة الأولى عندما تحققت الوحدة اليمنية في عام 1990م بأنها ستكون وحدة عنوانها "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، وظننت أنها ستلبي طموحات الشعب اليمني، طموحات شهداء اليمن، الذين ضحوا بأرواحهم في ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر، الذين كانوا يحلمون بيمن قوي وموحد سعيد يتمتع باستقلاله السيادي والمالي والإداري ويتمتع بثرواته المتعددة والغنية، ويحقق لشعبه الحياة الكريمة، ولكن ما حدث عكس ذلك!
أنت أطماع لبشر استغلوا كل ما يستطيعون من نفوذ داخلي وأطماع ومخططات خارجية وباعوا الوطن للخارج بثمن بخس لاستمرار مصالحهم وتعبئة أرصدتهم، ورسموا صورة سوداء عن الوحدة اليمنية، التي كنا نردد في المدارس الأناشيد الوطنية بـ "تحقيق الوحدة اليمنية"، وبعدها تمت عمليات الاغتيالات والإقصاء والاستيلاء على الأخضر واليابس، ثم بدأت حكاية جديدة، وجاء أناس كانوا يريدون تصحيح مسار الوحدة وإنصاف أصحاب المظالم ودخل بينهم أناس "كالعادة" طبعاً باسم إحقاق الحق وإنصاف المظالم، كانوا يتاجرون بمظالم الناس ويبحثون عن كراسي ومناصب وأرصدة، وركبوا الموجة وغرقوا مع من غرق في الفساد وباعوا واشتروا في قضايا الناس، ومن بقي منهم على مبدأ لم يكن صوته مسموعاً!
وتوالت الحكاية، ولا يزال المواطن يحلم بمن يحقق له آماله ويحق الحق، وينهي الفساد والباطل. ولكن هيهات، فجهنم تصرخ: هل من مزيد؟، فلابد لنار جهنم من حطب، وحطبها يومئذ البشر.
وجاءت الثورة، ثورة فبراير 2011، وتشبث بها الناس كالغرقى الذين يبحثون عن قشة لعلها تنقذهم من الغرق. ويالها من قشة، فكانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير. ولم تكن قشة إنقاذ الغريق مع الأسف، إنما مخططات خارجية بتعاون داخلي ولعبة خلط الأوراق.
واستمرت الحكاية وتسارعت فصولها، وبدأت حرب 2015م وقال الناس لعلها تكفير لذنوب البشر من حيتان الفساد الكبيرة وذنوب الساكتين عن الحق، نعم.. فالساكت عن الحق شيطان أخرس، لتلك التي يطلقون عليها الفئة الصامتة وهي الغالبية العظمى من الشعب الذين يرون الفساد والفاسدين ولا يشكلون أي تجمعات أخرى مناهضة لتصحيح المسار بحق وحقيق، كان يجب ألا يتركوا الساحة خالية ليلعب بها المرتزقة من الداخل والخارج كيفما يشاؤون ويقرروا ما يشاؤون.
وتستمر الحرب، ويظهر تجار الحروب بمسميات عدة، فتأجيج الحرب صار واجباً على كل مستقيد، حيتان الخارج الكبيرة وأسماك الداخل الصغيرة، الكل يعبث بالوطن والناس يموتون وينزحون ويشردون، وكل ذلك ليست له قيمة عند مصاصي الدماء، وهناك من يدفع الفواتير دون أدنى تفكير أو البحث عن حلول جذرية تنهي المشاكل.
لا نريد حلولاً ترقيعية، الحل يأتي من الداخل، ولا يجب علينا أن ننتظر الآخرين ليحلوا لنا مشاكلنا، علينا أن نفيق قبل أن يغرق الجميع.