> أحمد إبراهيم الشريف
تشغل المرأة جانباً كبيراً في الشعر العربي، وعادة ما تكون في القصائد جميلة وبهية وملهمة للشاعر لكنها أحيانا تكون لها صفات أخرى يحبها مجموعة من الشعراء المبدعين منها: الشبق، وفي هذا الموقف يكفي شعر امرؤ القيس الذي أحب الكثيرات ومنهن أم مالك، وأمّ جندب، وأمِّ الحويرث وجارتها أمِّ الرباب، وليلى، وسلامة وقذور، وهرٍّ، والرَّباب، ورقاش، وسليمى، والخنساء، وفاطمة وعنيزة، حيث وصف إحدى علاقاته النسائية بقوله:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
فأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ
لَهُ بِشَقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَوَّلِ
فهي بالنسبة له امرأة شبقية جدا، نسيت ولدها ولم تنتبه إليه حتى أنه لو بكى لأعطته نصف اهتمام لكونها مشغولة بما هي فيه.
بينما الشاعر الأعشى كان يحب المرأة الممتلئة التي تكاد جوانبها أن تتفتق، ويعتبر ذلك من صفاتها الجميلة التي توضح مدى الحياة المرفهة التي تعيشها حبيبته، يقول:
يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا
إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ
إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعة فَتَرَتْ
وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ
مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَة
إذا تَأتّي يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ
بينما كان عمرو بن كلثوم يحب المرأة الممتلئة جدا بصورة مفرطة، ويحدد في صفاتها أن تكون طول القامة مع بدانة في الجسم، أي قامتها طويلة لذا تسمى الفارعة مكتنزة الجسم في مواصفات جميلة مشوبة بالسمنة غير الثقيلة إلا في الأرداف والعجز فإن الثقل فيهما محبوب ومرغوب على أن تكون نحيلة الخصر مطوية البطن فيقول، في معلق سمنت وطالت ردافها تنوء بما ولينا، ويقصد أنها سمينة طويلة الأرداف ثقيلتها كما يقول الأعشى أيضا:
تمشي فتثقلها روادفها
فكأنها تمشي إلى خلف
ويقول مسلم ابن الوليد:
فغطت بأيديها ثمار صدورها
كأيدي الأسارى أثقلتها الجوامع.
وهناك قصيدة مشهورة تسمى «القصيدة اليتيمة".. للشاعر «دوقلة المنبجى» وقصة هذه القصيدة أن أميرة عربية في غاية الجمال، اشترطت مهرها أن يكون أجمل قصيدة وصف لها، تصفها من رأسها حتى أخمص قدميها، وحددت يوما لذلك، ويكون صاحب القصيدة زوجا لها، وتقول القصيدة:
والصدر منها قد يزينه
نهدٌ كحق العاج إذ يبدو
ولها هن رابٍ مجسته
وعر المسالك، حشوه وقد
فإذا طعنت، طعنت في لبدٍ
إذا سللت يكاد ينسد
والتف فخذاها، وفوقهما
كفل يجاذب خصرها نهد
فقيامها مثنىً إذا نهضت
من ثقله، وقعودها فرد
جسد المرأة يدفع ثمن الحرب على الخيال
يتفنن العالم العربي بالعصر الحديث في خوض كثير من المعارك الوهمية والمصنعة، فبعد أن تمكنت الحركات السلفية، وتعالى صوت الأصوليات في أواخر القرن العشرين، وأصبح لها أثر كبير في الشارع المصري نتيجة تزايد عدد العاملين في الخليج، كان نتيجة طبيعية أن تظهر معارك لم يكن المصريون يعرفونها من قبل، أو لعلها كانت خافتة، ولم تكن بهذه الحدة التي تعالج بها الآن، ومن خلال ذلك يمكن قراءة أزمة الكاتب أحمد ناجي، الذي حكمت المحكمة بسجنه سنتين، بتهمة خدش الحياء، بعد نشر فصل من روايته «استخدام الحياة» في جريدة أخبار الأدب.
معظم هذه القضايا تدور في مجملها حول المرأة وجسدها، وحول حاله بين العرى والستر، فما زال الكثيرون يرون وجود المرأة عورة، ويرون تناول جسدها في معرض فن تشكيلي أو أن تكون موضوعا لقصيدة أو قصيدة شعرية، سبة في جبين الجميع، هذا مع أن التراث الإسلامي يحمل رأيا مغايرا لذلك.
ويحسب لأزمة أحمد ناجي أنها فتحت الباب أمام قراءة جديدة للتراث وقيمه الجمالية، التي تحفل بالجسد، وتعلو من مكانته الحسية، وفي الوقت نفسه تكشف الصدأ الذي أصبحنا نعاني منه بعد اختلاف معايير الفن، فأصبحت لدينا الكتابة النظيفة والسينما النظيفة والمجلات النظيفة، وكأن ما غير ذلك هو «قذر» لا يجوز الاقتراب منه.
يدور عالمنا العربي في فلك من الفراغ، وتظل المرأة وجسدها يدفعان ثمن الأفكار الظلامية الشاذة التي تتفتق أذهاننا عنها أو نستوردها من العالم الخارجي أو حتى نستعيدها من الماضي السحيق بها.
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
فأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ
لَهُ بِشَقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَوَّلِ
فهي بالنسبة له امرأة شبقية جدا، نسيت ولدها ولم تنتبه إليه حتى أنه لو بكى لأعطته نصف اهتمام لكونها مشغولة بما هي فيه.
بينما الشاعر الأعشى كان يحب المرأة الممتلئة التي تكاد جوانبها أن تتفتق، ويعتبر ذلك من صفاتها الجميلة التي توضح مدى الحياة المرفهة التي تعيشها حبيبته، يقول:
يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا
إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ
إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعة فَتَرَتْ
وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ
مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَة
إذا تَأتّي يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ
بينما كان عمرو بن كلثوم يحب المرأة الممتلئة جدا بصورة مفرطة، ويحدد في صفاتها أن تكون طول القامة مع بدانة في الجسم، أي قامتها طويلة لذا تسمى الفارعة مكتنزة الجسم في مواصفات جميلة مشوبة بالسمنة غير الثقيلة إلا في الأرداف والعجز فإن الثقل فيهما محبوب ومرغوب على أن تكون نحيلة الخصر مطوية البطن فيقول، في معلق سمنت وطالت ردافها تنوء بما ولينا، ويقصد أنها سمينة طويلة الأرداف ثقيلتها كما يقول الأعشى أيضا:
تمشي فتثقلها روادفها
فكأنها تمشي إلى خلف
ويقول مسلم ابن الوليد:
فغطت بأيديها ثمار صدورها
كأيدي الأسارى أثقلتها الجوامع.
وهناك قصيدة مشهورة تسمى «القصيدة اليتيمة".. للشاعر «دوقلة المنبجى» وقصة هذه القصيدة أن أميرة عربية في غاية الجمال، اشترطت مهرها أن يكون أجمل قصيدة وصف لها، تصفها من رأسها حتى أخمص قدميها، وحددت يوما لذلك، ويكون صاحب القصيدة زوجا لها، وتقول القصيدة:
والصدر منها قد يزينه
نهدٌ كحق العاج إذ يبدو
ولها هن رابٍ مجسته
وعر المسالك، حشوه وقد
فإذا طعنت، طعنت في لبدٍ
إذا سللت يكاد ينسد
والتف فخذاها، وفوقهما
كفل يجاذب خصرها نهد
فقيامها مثنىً إذا نهضت
من ثقله، وقعودها فرد
جسد المرأة يدفع ثمن الحرب على الخيال
يتفنن العالم العربي بالعصر الحديث في خوض كثير من المعارك الوهمية والمصنعة، فبعد أن تمكنت الحركات السلفية، وتعالى صوت الأصوليات في أواخر القرن العشرين، وأصبح لها أثر كبير في الشارع المصري نتيجة تزايد عدد العاملين في الخليج، كان نتيجة طبيعية أن تظهر معارك لم يكن المصريون يعرفونها من قبل، أو لعلها كانت خافتة، ولم تكن بهذه الحدة التي تعالج بها الآن، ومن خلال ذلك يمكن قراءة أزمة الكاتب أحمد ناجي، الذي حكمت المحكمة بسجنه سنتين، بتهمة خدش الحياء، بعد نشر فصل من روايته «استخدام الحياة» في جريدة أخبار الأدب.
معظم هذه القضايا تدور في مجملها حول المرأة وجسدها، وحول حاله بين العرى والستر، فما زال الكثيرون يرون وجود المرأة عورة، ويرون تناول جسدها في معرض فن تشكيلي أو أن تكون موضوعا لقصيدة أو قصيدة شعرية، سبة في جبين الجميع، هذا مع أن التراث الإسلامي يحمل رأيا مغايرا لذلك.
ويحسب لأزمة أحمد ناجي أنها فتحت الباب أمام قراءة جديدة للتراث وقيمه الجمالية، التي تحفل بالجسد، وتعلو من مكانته الحسية، وفي الوقت نفسه تكشف الصدأ الذي أصبحنا نعاني منه بعد اختلاف معايير الفن، فأصبحت لدينا الكتابة النظيفة والسينما النظيفة والمجلات النظيفة، وكأن ما غير ذلك هو «قذر» لا يجوز الاقتراب منه.
يدور عالمنا العربي في فلك من الفراغ، وتظل المرأة وجسدها يدفعان ثمن الأفكار الظلامية الشاذة التي تتفتق أذهاننا عنها أو نستوردها من العالم الخارجي أو حتى نستعيدها من الماضي السحيق بها.