> جمال شنيتر:
لا يقتصر مشروع المايسترو اليمني الشاب على التراث المحلي بل يتجاوز حدود بلاده إقليميًا ودوليًا
> ظل محمد القحوم شغوفًا بفكرة مشاركة الفنون اليمنية مع مختلف الثقافات من جميع أنحاء العالم لذلك عمل على مزج الفنون التراثية المحلية مع الأعمال الموسيقية والغنائية العالمية الشهيرة.
تميزت مدينة تريم حضرموت بجنوب شرقي اليمن بتاريخها الثقافي والفني الزاهر، فهي المدينة التي كانت لها سبق الريادة والصدارة في الفن الغنائي خلال القرن الـ20، وبرز فيها عدد غير قليل من عمالقة الطرب والغناء في مقدمهم أبو بكر سالم بلفقيه وحداد بن حسن الكاف ومحفوظ باحشوان والملحن عبدالقادر الكاف.
ورافق النهضة الفنية في المدينة نهضة علمية ودينية مزدهرة، وظهور عدد من علماء المدرسة الصوفية التي كانت تريم مركزها الأول على مستوى اليمن قاطبة، حتى إن عدد مساجدها وصل إلى رقم قياسي على مستوى البلاد بـ360 مسجدًا.
وعلى مدى عقود القرن الـ20 وما بعدها لم يتوقف الإنتاج الفكري والفني والثقافي في المدينة، وسطع نجم أبنائها على المستويين الوطني والعربي.
ويعد الدان الحضرمي الجذر الأساس للحركة الفنية والموسيقية الحضرمية، فهو نمط من أنماط الغناء القديم في المجتمع الحضرمي الذي ارتبط في البداية بأصحاب الإبل في حلهم وترحالهم وتنقلاتهم عبر الصحراء، وهؤلاء من يسمون بالجمالين، حتى إن الدان، بخاصة في مدينة تريم وضواحيها، ينسب في الغالب إليهم فيقال دان الجمالة.
ويلاحظ هنا أن الجمالة يمارسون غناء الدان ليس في ترحالهم فحسب، بل في جلساتهم ومسامراتهم بوصفه واحداً من متنفسات الحياة والغناء القديم.

بدا اهتمام القحوم بعالم الموسيقى منذ سن مبكرة متأثرًا بالفنون الحضرمية بشكل خاص والفن اليمني عمومًا، وكان شغوفًا بفكرة مشاركة هذه الفنون مع مختلف الثقافات من جميع أنحاء العالم، لذلك عمل على مزج الفنون التراثية المحلية مع الأعمال الموسيقية والغنائية العالمية الشهيرة وكانت هذه البداية.
ومضى في حديث عن تريم بقوله "تشتهر بالمنهج الصوفي المعتدل الذي يعتبر الفن جزءاً أصيلاً ومهماً في حياة الإنسان وأهلها أهل فن بمختلف شرائح المجتمع، ولذلك ظهر منها كثير من الرواد في المجال الفني يتصدرهم الفنان الراحل أبو بكر سالم بلفقيه".

وعن هذا المشروع يؤكد أن "شرارة فكرة هذا المشروع الموسيقي انطلقت من خلال تساؤل بسيط، لماذا لا يعرف الأشخاص في دول أخرى - خصوصاً الغرب - عن الموسيقى اليمنية أو العربية أو الحضرمية أو أي من أنماط الموسيقى والأغاني المحلية والإقليمية على رغم شهرة الموسيقى والآلات الموسيقية الغربية لدينا؟ طبعاً الجواب عن السؤال يكمن في تحقيق مزيد من التبادل الثقافي بين الشعوب، وبدلاً من النظر إلى التأثير الثقافي الغربي على أنه تأثير طاغ يؤدي إلى تراجع الفنون المحلية، نظرنا بطريقة مختلفة، وهي لماذا لا نعمل على إحداث تأثير متبادل؟ ونأخذ فنوننا إلى الثقافات الأخرى؟ ومن ثم فإن أبرز العوامل التي ساعدت في نجاح الفكرة هي أولاً الإيمان بالفكرة، وإيمان فريقي بها، ثم بلا شك الثراء الفريد للموسيقى والفن المحلي والإقليمي".
وفي حفلة الكويت التي تزامنت مع تدشين فعاليات "هلا فبراير" الأخير، علاوة على ذلك كان نجم حفل "نغم في دبي" في الإمارات لمناسبة مئوية ميلاد الشاعر الراحل سلطان العويس، بحضور عدد من المسؤولين يتقدمهم الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وعدد من الشخصيات الحكومية والثقافية والاجتماعية، إلى جانب الجماهير الغفيرة في مسرح دبي أوبرا.
آنذاك امتلأت القاعة ونفدت كل تذاكر الحفل قبل إقامته بنحو ثلاثة أسابيع، وكانت جميع مشاركاته في مسارح عريقة لتسليط الضوء على المكانة الثقافية والسياحية لهذه المعالم مثل المسرح الوطني إستانا بودايا في كوالالمبور بماليزيا، والمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، ومسرح موغادور بالعاصمة الفرنسية باريس.
ويتأهب هذه الأيام للمشاركة في حفلات دار الأوبرا السلطانية بالعاصمة العمانية مسقط في الأسبوع الأخير من أبريل (نيسان) الجاري، علاوة على عروض أخرى تلقاها من دول مختلفة للموسم 2025 – 2026، وعلى رغم تلك المشاركات الخارجية، يتأسف القحوم من عدم تقديم وإقامة حفلات السيمفونيات التراثية على الأرض اليمنية، ويعزو ذلك إلى عدم توفر الظروف الملائمة من تجهيزات المسارح والقاعات، وتداعيات الأوضاع التي تعيشها البلاد جراء الحرب التي عكست نفسها على كل مناحي الحياة، لكنه يتمنى أن تتوفر فرص أفضل للفن والموسيقى داخل بلده في الأعوام المقبلة.
وتابع "الفكرة هي أعمال تراثية بأسلوب موسيقي عالمي. أوركسترا آلي يدمج بين الأصالة والحداثة والمحلية والعالمية، ومن ثم غير محصور في لون محدد بشكل صارم، وهذا ما يحدث صراع أو اختلاف في الرأي خصوصاً بين مؤيدي الحداثة ومؤيدي الأصالة، وطموحي هو مزيد من الوصول إلى مختلف الثقافات حول العالم وإشهار الموسيقى العربية بشكل عام، وتحقيق مزيد من الترابط بين الشعوب من خلال الثقافة والفن والموسيقى".
ومن الألوان اليمنية الأخرى قدم القحوم اللون الصنعاني في مقطوعات عدة مثل "صنعاء الحنين" و"خطر غصن القنا" و"صنعاء اليمن"، واللون العدني مثل مقطوعة "علم سيري" والتعزي مثل مقطوعة "عالية صبر" واللحجي مثل مقطوعة "لحج الخضيرة" و"يا وليد يا نينو" والمهري مثل مقطوعة "سحر الشرق"، وعلى المستوى الإقليمي قدم أعمالاً عدة من فنون سعودية وإماراتية وكويتية ومصرية، ودوليًا قدم ألوانًا فرنسية ولاتينية وأوروبية.
"اندبندنت"
> ظل محمد القحوم شغوفًا بفكرة مشاركة الفنون اليمنية مع مختلف الثقافات من جميع أنحاء العالم لذلك عمل على مزج الفنون التراثية المحلية مع الأعمال الموسيقية والغنائية العالمية الشهيرة.
تميزت مدينة تريم حضرموت بجنوب شرقي اليمن بتاريخها الثقافي والفني الزاهر، فهي المدينة التي كانت لها سبق الريادة والصدارة في الفن الغنائي خلال القرن الـ20، وبرز فيها عدد غير قليل من عمالقة الطرب والغناء في مقدمهم أبو بكر سالم بلفقيه وحداد بن حسن الكاف ومحفوظ باحشوان والملحن عبدالقادر الكاف.
ورافق النهضة الفنية في المدينة نهضة علمية ودينية مزدهرة، وظهور عدد من علماء المدرسة الصوفية التي كانت تريم مركزها الأول على مستوى اليمن قاطبة، حتى إن عدد مساجدها وصل إلى رقم قياسي على مستوى البلاد بـ360 مسجدًا.
وعلى مدى عقود القرن الـ20 وما بعدها لم يتوقف الإنتاج الفكري والفني والثقافي في المدينة، وسطع نجم أبنائها على المستويين الوطني والعربي.
- الدان الحضرمي
ويعد الدان الحضرمي الجذر الأساس للحركة الفنية والموسيقية الحضرمية، فهو نمط من أنماط الغناء القديم في المجتمع الحضرمي الذي ارتبط في البداية بأصحاب الإبل في حلهم وترحالهم وتنقلاتهم عبر الصحراء، وهؤلاء من يسمون بالجمالين، حتى إن الدان، بخاصة في مدينة تريم وضواحيها، ينسب في الغالب إليهم فيقال دان الجمالة.
ويلاحظ هنا أن الجمالة يمارسون غناء الدان ليس في ترحالهم فحسب، بل في جلساتهم ومسامراتهم بوصفه واحداً من متنفسات الحياة والغناء القديم.
- تشارك الثقافات
ولد القحوم في تريم الغناء وعاش طفولته في هذه المدينة، ثم انتقل في مرحلة الشباب إلى مركز محافظة حضرموت المكلا، ومع ذلك لم يفارق مسقط رأسه نهائيًا، إذ لا يمر العام إلا ويقضي فيه أيامًا عدة لا سيما أعياد الفطر والأضحى.

بدا اهتمام القحوم بعالم الموسيقى منذ سن مبكرة متأثرًا بالفنون الحضرمية بشكل خاص والفن اليمني عمومًا، وكان شغوفًا بفكرة مشاركة هذه الفنون مع مختلف الثقافات من جميع أنحاء العالم، لذلك عمل على مزج الفنون التراثية المحلية مع الأعمال الموسيقية والغنائية العالمية الشهيرة وكانت هذه البداية.
- تريم الأثر الوجداني
ومضى في حديث عن تريم بقوله "تشتهر بالمنهج الصوفي المعتدل الذي يعتبر الفن جزءاً أصيلاً ومهماً في حياة الإنسان وأهلها أهل فن بمختلف شرائح المجتمع، ولذلك ظهر منها كثير من الرواد في المجال الفني يتصدرهم الفنان الراحل أبو بكر سالم بلفقيه".
- السيمفونيات التراثية
ألف القحوم كثيرًا من الأعمال والمشاريع الموسيقية، ونشر أعماله الفنية عبر قناته على "يوتيوب" التي حصدت الملايين من المشاهدات، وتخصص في صناعة الهويات الموسيقية والموسيقى التصويرية للأفلام والمسلسلات التلفزيونية والإعلانات والبرامج التلفزيونية، إضافة إلى تعاونه الفني مع مجموعة من المطربين والفنانين المشاهير في الوسط الفني، وتظل أهم أعماله مشروعه الذي حمل عنوان "السيمفونيات التراثية" والذي أطلقه عام 2019 والهادف إلى تسليط الأضواء العالمية على الفنون اليمنية التراثية وفي مقدمها الفن الحضرمي.

وعن هذا المشروع يؤكد أن "شرارة فكرة هذا المشروع الموسيقي انطلقت من خلال تساؤل بسيط، لماذا لا يعرف الأشخاص في دول أخرى - خصوصاً الغرب - عن الموسيقى اليمنية أو العربية أو الحضرمية أو أي من أنماط الموسيقى والأغاني المحلية والإقليمية على رغم شهرة الموسيقى والآلات الموسيقية الغربية لدينا؟ طبعاً الجواب عن السؤال يكمن في تحقيق مزيد من التبادل الثقافي بين الشعوب، وبدلاً من النظر إلى التأثير الثقافي الغربي على أنه تأثير طاغ يؤدي إلى تراجع الفنون المحلية، نظرنا بطريقة مختلفة، وهي لماذا لا نعمل على إحداث تأثير متبادل؟ ونأخذ فنوننا إلى الثقافات الأخرى؟ ومن ثم فإن أبرز العوامل التي ساعدت في نجاح الفكرة هي أولاً الإيمان بالفكرة، وإيمان فريقي بها، ثم بلا شك الثراء الفريد للموسيقى والفن المحلي والإقليمي".
- مشاركات كثيرة ومتميزة
وفي حفلة الكويت التي تزامنت مع تدشين فعاليات "هلا فبراير" الأخير، علاوة على ذلك كان نجم حفل "نغم في دبي" في الإمارات لمناسبة مئوية ميلاد الشاعر الراحل سلطان العويس، بحضور عدد من المسؤولين يتقدمهم الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وعدد من الشخصيات الحكومية والثقافية والاجتماعية، إلى جانب الجماهير الغفيرة في مسرح دبي أوبرا.
آنذاك امتلأت القاعة ونفدت كل تذاكر الحفل قبل إقامته بنحو ثلاثة أسابيع، وكانت جميع مشاركاته في مسارح عريقة لتسليط الضوء على المكانة الثقافية والسياحية لهذه المعالم مثل المسرح الوطني إستانا بودايا في كوالالمبور بماليزيا، والمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، ومسرح موغادور بالعاصمة الفرنسية باريس.
ويتأهب هذه الأيام للمشاركة في حفلات دار الأوبرا السلطانية بالعاصمة العمانية مسقط في الأسبوع الأخير من أبريل (نيسان) الجاري، علاوة على عروض أخرى تلقاها من دول مختلفة للموسم 2025 – 2026، وعلى رغم تلك المشاركات الخارجية، يتأسف القحوم من عدم تقديم وإقامة حفلات السيمفونيات التراثية على الأرض اليمنية، ويعزو ذلك إلى عدم توفر الظروف الملائمة من تجهيزات المسارح والقاعات، وتداعيات الأوضاع التي تعيشها البلاد جراء الحرب التي عكست نفسها على كل مناحي الحياة، لكنه يتمنى أن تتوفر فرص أفضل للفن والموسيقى داخل بلده في الأعوام المقبلة.
- إعادة ابتكار واكتشاف
وتابع "الفكرة هي أعمال تراثية بأسلوب موسيقي عالمي. أوركسترا آلي يدمج بين الأصالة والحداثة والمحلية والعالمية، ومن ثم غير محصور في لون محدد بشكل صارم، وهذا ما يحدث صراع أو اختلاف في الرأي خصوصاً بين مؤيدي الحداثة ومؤيدي الأصالة، وطموحي هو مزيد من الوصول إلى مختلف الثقافات حول العالم وإشهار الموسيقى العربية بشكل عام، وتحقيق مزيد من الترابط بين الشعوب من خلال الثقافة والفن والموسيقى".
- مختلف تراث اليمن
ومن الألوان اليمنية الأخرى قدم القحوم اللون الصنعاني في مقطوعات عدة مثل "صنعاء الحنين" و"خطر غصن القنا" و"صنعاء اليمن"، واللون العدني مثل مقطوعة "علم سيري" والتعزي مثل مقطوعة "عالية صبر" واللحجي مثل مقطوعة "لحج الخضيرة" و"يا وليد يا نينو" والمهري مثل مقطوعة "سحر الشرق"، وعلى المستوى الإقليمي قدم أعمالاً عدة من فنون سعودية وإماراتية وكويتية ومصرية، ودوليًا قدم ألوانًا فرنسية ولاتينية وأوروبية.
"اندبندنت"