تفرض جائحة كورونا ضوابط لم تكن معتادة على الناس من قبل، منها التباعد الاجتماعي، وهو أهم شروط الوقاية من هذا الوباء الفتاك، الذي يمنع الاختلاط والتعايش والحياة الاجتماعية.. بسبب هذا التباعد سالت دموع توازي حجم الأنهار، وتحرقت قلوب وأفئدة، وهي تعاني قيد التباعد الاجتماعي، ففي حالات الوفاة لا يتمكن الأقرباء قبل الأصدقاء من الاقتراب أو الزيارة للمواساة وتقديم واجب العزاء.. هناك عائلات واحدة تعيش في مناطق مختلفة وهي مقيدة، جزء منها في مكان، وجزء في مكان آخر، بحكم العمل أو الاستقرار المعيشي، والأمر يطول ولا أحد يستطيع أن يفعل شيئا.
التباعد الاجتماعي أصبح ضرورة للحياة في مثل هذه الظروف الصعبة، ولا يملك المرء الذي يعيش بعيدا عن عائلته أو أقربائه إلا أن يتقبل الأمر بنوع من الهدوء والقناعة حتى لا تتأثر معنوياته، وتتدهور حالته النفسية.
قصص إنسانية مؤثرة أوجدتها جائحة كورونا، من بين تلك القصص المؤلمة واحدة منها لمستها من أخي وصديقي الأستاذ عبدالحميد أسعد قحطان، ليروي لي الحقيقة المرة، وهو يتجرع الألم، ويسكب المرارة في النفوس حزنا ولوعة، بوفاة ابن أخيه محفوظ عبد الكريم أسعد قحطان لتلحقه أمه إلى بارئها بعد أقل من أسبوع، رحمة الله عليهما.. الحزن تضاعف لدى صديقي وهو يستسلم للضوابط الوقائية من مخاطر الفيروس المفروضة على الجميع، أسوار التباعد والعزل وانقطاع الوصل والخوف من المجهول، كل ذلك أحرمته من الواجب الذي يقتضي فيه الوقوف إلى جانب أسرة أخيه في تلك المحنة، مكتفيا بالاتصالات المستمرة كوسيلة للمؤانسة والمواساة، مع إدراك الأسرة وتفهمها لمخاطر الزيارة..
* نائب رئيس المجلس الانتقالي بمحافظة الضالع