ذكر التوابين من آحاد الأمم الماضية [توبة أصحاب الغار]
عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ: رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

"بَيْنَمَا ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ إِذْ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ فِي غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ بَابَ الْغَارِ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً فَادْعُوهُ بِهَا فَدَعَوُا اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَامْرَأَةٌ وَصِبْيَانٌ فَكُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ فَإِذَا رُحْتُ إِلَيْهِمْ حَلَبْتُ فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهُمَا قَبْلَ بَنِيَّ وَإِنَّهُ نَأَى بِي طَلَبُ الشَّجَرِ فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أحلب فجئت فقمت عند رؤوسهما أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا فَجَعَلُوا يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبُهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ فَفَرَّجَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُمْ فُرْجَةً.

وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ! إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ فَأَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ.
فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ عَلَيَّ حَتَّى آتِيهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَجِئْتُهَا بِهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! اتَّقِ اللَّهَ وَلا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلا بِحَقِّهِ فَقُمْتُ عَنْهَا.فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ! فَفَرَّجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً.

وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ! إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي فَعَرَضْتُهُ عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ فَثَمَّرْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ بِهِ بَقَرًا وَرِعَاءَهَا فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَلا تَظْلِمْنِي حَقِّي فَقُلْتُ: انْطَلِقْ فَخُذْ تِلْكَ وَرِعَاءَهَا فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ ولا تستهزىء بي فقلت: إني لا أستهزىء بِكَ فَخُذْ تِلْكَ الْبَقَرَ وَرِعَاءَهَا فَأَخَذَهَا وَذَهَبَ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فافرج لنا مابقي.

ففرجها الله عنهم". [البخاري 2215, مسلم 2743] .