أخر تحديث للموقع
الجمعة, 13 يونيو 2025 - 01:37 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • ​اليمن تحت الفصل البند أم الجهل السابع؟

    د. حسين لقور بن عيدان




    ​منذ أن بدأت الأزمة السياسية في صنعاء تأخذ طابعها المأساوي والدولي، ظهر على السطح مصطلحٌ غامض يتردد في أحاديث السياسيين والمحللين والإعلاميين اليمنيين، أسموه "البند السابع". لا أحد يعلم بدقة من أين أتى هذا المصطلح، لكنه أصبح محور النقاشات على الشاشات ووسائل الإعلام اليمنية، وكأن الأمم المتحدة خصصت بندًا خاصًا لليمن دون غيره.

    المفارقة المؤلمة والمُضحكة هي أن "البند السابع" لا وجود له أصلًا في ميثاق الأمم المتحدة. ما يوجد هو الفصل السابع، الذي يضم المواد القانونية من (39 إلى 51)، وهي مواد تختلف في طبيعتها والقرارات التي تصدر على ضوء كل مادة تختلف وفقًا لتفاهمات الدول الأعضاء في مجلس الأمن عندما يتعرض السلم والأمن الدوليين للتهديد. لكن يبدو أن السياسي اليمني، حين تضيق به السبل وتفقد شرعيته أدوات الحكم، يلجأ عن جهل إلى استخدام هذا المصطلح الوهمي كحجة أخيرة.

    للأسف، أصبح البند السابع في الخطاب السياسي اليمني أشبه بمصطلح شعبوي يهدف إلى إثارة العواطف، مثلما يستخدم المواطن أسماء مختلفة لأنواع القات لحظة انتشاء مؤقتة ثم خيبة دائمة، حيث يستغل السياسي اليمني عن جهل هذا المصطلح لإيهام الشارع بوجود عصا سحرية ستعيد الأمور إلى نصابها، متجاهلًا أن قرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع لم تكن يومًا حلولًا شاملة أو بديلة للقوى الشرعية على الأرض.

    قرارات مجلس الأمن الذي صدرت تحت الفصل السابع، مثل القرارين 2140 و2216، ركزت على فرض عقوبات، منع بيع السلاح، ودعوة الحوثي وقوات حليفه يومذاك صالح للانسحاب من المناطق التي احتلوها. لكنها لم تتضمن أي التزامات بإعادة بناء الحكومة الشرعية أو توفير خدماتها. ومع ذلك، يُروج بعض السياسيين والمحللين لفكرة أن هذه القرارات تلزم العالم بتقديم كل شيء لليمن، من طباعة جوازات السفر إلى دفع رواتب الموظفين لا في مناطق سيطرة الحوثي والشرعية ولا في الجنوب.

    في الواقع، اليمن ليس تحت الفصل السابع، بل تحت الجهل السياسي السابع. يعيش البعض في عالم من الأوهام والمصطلحات غير الدقيقة، وتبني تحليلات سياسية على مفاهيم مغلوطة. في ظل هذا الجهل، يتوهم البعض أن العالم ملتزم بتحقيق أمنياتهم فقط لأنهم يُطلقون على أنفسهم "الشرعية".

    هنا لا يمكن إلا أن نتساءل: هل يعقل أن يقف سياسي في بلد آخر ويطالب بالكهرباء والماء على أساس أنه تحت البند السابع؟ هذا لا يحدث إلا في اليمن، حيث يلتقي الجهل السياسي مع الخطاب الشعبوي لتقديم صورة عبثية عن الواقع. إذا سمعتم سياسيًا يتحدث عن البند السابع، فاعلموا أنه إما لم يقرأ ميثاق الأمم المتحدة، أو قرأه وهو في حالة من السبات.

    اليمن والجنوب بحاجة إلى مشروع سياسي حقيقي، لا إلى أوهام (البند السابع) عفوا الفصل السابع، أو الشعارات الجوفاء، والشرعيات التي ننشدها للشعبين لن تأتي من قرارات مجلس الأمن وحدها، بل من قيادات واعية تمتلك رؤية حقيقية للخروج من الأزمة بعيدًا عن الجهل والخطاب العدمي.

المزيد من مقالات (د. حسين لقور بن عيدان)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال