> «الأيام» اندبندنت عربية:
أصبح بنك "تي إس بي" في بريطانيا أحدث بنوك التجزئة البريطانية، التي تنضم إلى قائمة البنوك التي تقيد معاملات عملائها فيما يتعلق بالعملات المشفرة، عبر حظر التحويلات والمدفوعات إلى شركات صيرفة وتداول المشفرات، وذكر تقرير في صحيفة "تايمز"، السبت، نقلًا عن رئيس إدارة الغش والتدليس في بنك "تي أس بي"، آشلي هارت القول، "لاحظنا ارتفاعًا كبيرًا في عدد عمليات الغش والسرقة، حيث يستخدم المزورون واللصوص شركات صيرفة وتداول العملات المشفرة لسرقة مبالغ كبيرة من حسابات العملاء، مستغلين الاهتمام الكبير بهذا النوع من الاستثمار أخيرًا".
ولدى بنك "تي إس بي" حوالى 5.4 مليون عميل في بريطانيا، ويعد أكبر بنوك التجزئة حتى الآن، الذي يقرر فرض القيود والحظر على تعاملات زبائنه في العملات المشفرة؛ إذ سبق وأعلنت بعض البنوك خطوات مماثلة الشهر الماضي مع زيادة عمليات الغش والسرقة المرتبطة بالعملات المشفرة. ولاحظت ارتباط عمليات السرقة والغش بشركات صيرفة وتداول العملات المشفرة مثل "سويس بورغ" و"كراكن" و"بينانس"، والأخيرة من أكبر شركات تداول وصيرفة للعملات المشفرة، بخاصة "بيتكوين"، ومسجلة في جزر كايمان.
وحسب تقرير "تايمز"، سجل بنك "تي إس بي" شكاوى 849 من عملائه الذي لديهم حسابات ادخار في البنك من سرقة الأموال من حساباتهم في الفترة من 15 مارس إلى 15 أبريل، ويقول البنك إنه حاول إثارة المشكلة مع شركات المشفرات، خصوصًا "بينانس"، دون أي جدوى.تحذيرات من خسارة كل شيء
سبق وحذرت هيئة الممارسات المالية، وهي السلطة الرقابية على القطاع المالي في بريطانيا، من أن تداول العملات المشفرة والاستثمار فيها قد يؤدي إلى "خسارة كل ما تملك". وكررت ذلك التحذير، الذي أطلقته مطلع العام مرة أخرى الأسبوع الماضي، مع زيادة عمليات الاحتيال المالي والسرقة والغش والنصب في معاملات المشفرات، وذكرت الهيئة أن عدد البريطانيين المتعاملين في العملات المشفرة ارتفع من 1.9 مليون العام الماضي إلى 2.3 مليون بريطاني هذا العام حتى الآن، ولم ينقضِ سوى نصف العام.
وذكرت "يو كيه فاينانس"، التي تمثل الصناعة المصرفية في بريطانيا، أن ما أبلغ عنه البريطانيون من سرقة أموال في معاملات مشفرات بلغ العام الماضي ما يقارب 200 مليون دولار (أكثر من 135 مليون جنيه استرليني). ذلك ما تم الإبلاغ عنه فقط، لكن هناك عمليات سرقة ونصب وغش لا تسجل لعدم التبليغ عنها قد تجعل الرقم يزيد على ربع مليار دولار.
وبنهاية مايو الماضي أيضًا، شددت البنوك في بريطانيا إجراءاتها تجاه شركات العملات المشفرة مع زيادة المخاوف من أنها أصبحت بيئة خصبة للجرائم المالية، وبدأت بعض البنوك في تعليق التحويلات المالية إلى حسابات شركات تداول العملات المشفرة، منها "بنك ستارلينغ" و"بنك باركليز" و"بنك مونزو".
واشتكى كثير من عملاء البنوك، في تعليقات على مواقع التواصل على الإنترنت، من القيود المشددة التي بدأت تفرضها البنوك على التحويلات والمدفوعات لشركات تداول العملات المشفرة، وكتب أحد عملاء "بنك باركليز" على "تويتر"، "إنه تم وقف التعامل على حسابه إلكترونيًا حين حاول تحويل مبلغ لشركة بينانس لتبادل العملات المشفرة".
نصب واحتيال
لا يقتصر هذا التوجه على بريطانيا، بل هناك أمثلة في الولايات المتحدة أيضًا على محاولة مواجهة جرائم النصب والاحتيال في سوق المشفرات. ومعروف أيضًا أن الصين بدأت حملة على القطاع منذ 2017 وعادت لتشديدها مجددًا منذ الشهر الماضي.
وفي الأسبوع الأخير من مايو الماضي، رفعت لجنة الأسواق والأوراق المالية الأميركية دعوى قضائية في محكمة في منهاتن ضد مجموعة من مروجي العملات المشفرة جمعوا نحو ملياري دولار من الناس بدعوى تحقيق عائد لهم بمعدل 40 في المئة شهريًا. وتلك أكبر قضية ترفع أمام المحاكم فيما يتعلق بالعملات المشفرة حتى الآن.
العملات الرقمية الوطنية
في الوقت الذي بدأت فيه السلطات تشديد الإجراءات والقيود على تعاملات المشفرات، تعمل البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة على إطلاق عملات رقمية وطنية مضمونة من الحكومة وتخضع لكافة القواعد واللوائح التي تنظم العملات النقدية العادية.
فالصين، التي بدأت منذ سنوات العمل لإطلاق اليوان الرقمي، شرعت في العام الأخير التوسع في تجريب العملة الرقمية الرسمية في الدفع والتحويلات بهدف سرعة إطلاقها. كذلك بدأ البنك المركزي الأوروبي، الذي يضع السياسات النقدية لدول منطقة اليورو، في الإعداد لإطلاق اليورو الرقمي ربما في فترة أقصر مما استغرقت الصين لإعداد اليوان الرقمي، ويدرس بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) والاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي إطلاق الجنيه الرقمي والدولار الرقمي كذلك.
ولن تكون العملات الرقمية الوطنية بديلًا عن النقد التقليدي، ولكنها ستكون مكملة لمهمته حال الرغبة في التعاملات الرقمية بدل النقد المسكوك والمطبوع، وتطمئن البنوك المركزية المستهلكين بأن العملات الرقمية الوطنية ستضمن الخصوصية الكاملة للمتعامل بها. ذلك أن أهم ميزة في العملات المشفرة هي السرية التامة وعدم وجود أي سلطات رقابية من أي نوع على تعاملاتها.
وفي مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" في عدد نهاية الأسبوع قال فابيو بانيتا، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي المسؤول عن مشروع اليورو الرقمي، "إن هدف العملة الرقمية الأوروبية الرئيس هو مواجهة العملات الرقمية التي يصدرها الآخرون". وأوضح "أن الهدف النهائي هو حماية منطقة اليورو من خطر العملات المشفرة".