"أفضل الرجال لا يمكن شراؤهم بالمال"، هذه المقولة تلخص الوضع في كل دولة تعرضت لغزو أو تدخل أجنبي مهما كان هدفه، إذ لاحظنا في معظم التجارب أن القوى الأجنبية لا ترغب في الاستعانة بأفضل الرجال؛ لأن الأفضل في الغالب لديهم عقيدة وفكر، وهؤلاء المال وحده لا يكفي للتحالف معهم، بل يجب تقديم تنازلات استراتيجية، وهو الذي لن تستطيع أي قوة أجنبية تحمله أو تقديمه؛ لأن أي تنازل يجرح الأنا والغرور لدى أي قوى تدخل في بلد الآخر، لتصول وتجول فيه، إضافة إلى أن الأجنبي في الغالب لا يفضل الحلفاء، بل شراء الاتباع، وهذا يوقعها دوما في الشرك، وهو الحصول على قطيع من الاتباع الضعفاء الانتهازين، وهذا الذي تكتشفه هذه الدول عند نهاية المغامرة وذهاب السكرة، وهو ما شاهدناه في كل بلاد حصل فيه تدخل أجنبي من فيتنام للصومال إلى العراق وصولا إلى اليمن وغيرها من البلدان، التي تكرر فيها نفس السيناريو مع بعض الاختلافات البسيطة.
أي صراع بين قوتين تتباين قدراتيهما انتصار محدود الموارد، يحصل بإطالة أمد الحرب، وانتصار الأكثر تسليحا وقوة يحصل بسرعة الحسم، وهذا يعود إلى أنه لديه ميزانية تشغيلية عالية، بينما القوى الأضعف تعتمد على إمكانات بسيطة، وبالتالي، تمويل محدود، ومن باب "إن غلبوك بالفلوس اغلبهم بالجلوس" استخدمت كل قوى المقاومة هذا الاستراتيجية، الجبال جبالنا والأرض أرضنا.
عندما تدخلت أمريكا في أفغانستان لم تكن باكستان على وفاق مع ما يحدث في أفغانستان، وهذا لشعورها أنه أصبح هناك قوى كثيرة تلعب في أفغانستان، ومنهم خصوم تاريخيون لها، وهذا أعطى للحركة شريان حياة حيث تعتبر باكستان أفغانستان امتدادا استراتيجيا لها، لا يمكن السماح لخصومها الدخول إليه، وهذا الخطاء الذي وقعت فيه الحكومة الأفغانية بالاقتراب من الهند العدو التاريخي لباكستان.