> زنجبار «الأيام» سالم حيدرة صالح
دفعت الحرب كثيرا من الأطفال إلى سوق العمل، وأجبرتهم على ممارسة أعمال شاقة ومهن معقدة في عدد من المدن الآمنة نسبيا، وبعضهم ما زال يعمل في مدن تشهد تصعيدا عسكريا وأعمال عنف بين حين وآخر، هذا بخلاف استغلال كثير منهم في عمليات التسول أو الزج بهم في الجبهات. ولا يقتصر الأمر على الذكور من الأطفال، بل يشمل الأمر الفتيات أيضا.
وقد فرضت الظروف الاقتصادية غير المستقرة بين صنعاء وعدن نفسها على حياة كثير من اليمنيين، وفاقمت معاناة النازحين العاجزين عن التأقلم مع الوضع المعيشي، الأمر الذي اضطرت على إثره الأسر النازحة إلى تشغيل الأطفال دون سن الحادية عشرة في مهن منبوذة على المستوى الاجتماعي، أو معقدة وشاقة، لا تتناسب مع أعمارهم ورغباتهم الطفولية.
نواف عبدالله (10 سنوات) أجبرته الأوضاع العسكرية المستعرة بين الفرقاء اليمنيين على النزوح إلى مدينة أبين، وترك أحلامه ومنزله في بيت الفقيه بالحديدة.
بعد وصول الطفل نواف إلى أبين، أقام في حارة حصن شداد بزنجبار، ولأنه وعشرات الأطفال واجهوا الأسباب والنتائج ذاتها بفعل الحرب والتعنت السياسي المستمر، لم تختلف قصة العناء التي عاشها نواف عن غيره من الأطفال الذين شردتهم الحرب وغربتهم في بلاد لم تعد تتسع حتى لأحلام الصغار.
مراسل "الأيام" في أبين صادف الطفل ذو العشرة أعوام في المجمع الحكومي بزنجبار، وهو يهم ببيع "غزل البنات أو حلوى القطن" يحمل عددا منها على ظهره، ويعرضه للبيع من أجل توفير لقمة العيش لأسرته.
ولم يكن نواف إلا واحدا من آلاف الأطفال اليمنيين الذين حرمتهم الحرب من التعليم والطفولة. وحسب اليونيسف، أصبح مليون طفل في سن الدراسة خارج المدارس في اليمن، وبعض فتكت بهم الأوبئة، إذ تفيد تقديرات اليونيسف الأخيرة بوفاة طفل كل 10 دقائق في اليمن بسبب الأمراض التي يمكن الوقاية منها عن طريق التطعيم.
ومع اتساع دائرة العنف المسلح تتسع حاجة اليمنيين للأمن والغذاء والدواء من جهة، ويزداد معدل الفقر وحدته الذي وصل، حسب تقارير دولية سابقة، إلى 80 %.
يسرد الطفل نواف قصة كفاحه، وفي ملامحه غصص آلاف الأطفال المسحوقين والمشردين بفعل الصراع الدائر بين الحوثيين والحكومة بمساندة حلفائهم الدوليين، يقول نواف بحسرة لـ "الأيام" أقوم ببيع شعر البنات كما تشاهدون من أجل توفير لقمة العيش لأسرتي المكونة من سته أفراد، وأبي يعاني من مرض الفشل الكلوي، وطريح الفراش لا يقدر على الحركة. ويضيف: "لم أتمكن من الالتحاق بالدراسة لأنني أنشغل في بيع شعر البنات يوميا من أجل أسرتي".