طبيعي أن يكون للانتقالي أعداء وأصوات لأعداء، فاليمننة وأحزابها وإعلامها عدو، تعاضدها أصوات حاقدة أو مضطربة في وعيها، أو لا تناقش بل تتهم، ونوعيات لا يهمها أن تقتنع بل ستظل في "هريفها"، فالتواصل أعطاها منبرا تعرض منتوجاتها فيه، فتدعي تارة أنها باسم الجنوب وأخرى باسم الحراك وحينا أن الانتقالي مناطقي... إلخ.

لو سألناه ما الحراك الجنوبي؟! فلن يفرق بين الحراك كثورة وبين قيادة سياسية تجسّد أهدافه وتنقله إقليميا ودوليا، فيقول إن الحامل السياسي للحراك هو الحراك!... وهذه "الهرجلة" تخدم الأعداء ولا تنصر الحراك.

الحراك ثورة لتحقيق الاستقلال، تحتاج قيادة سياسية، تقودها وتحولها إلى نشاط وعمل سياسي دبلوماسي ...إلخ، افتقرها فسلمت المقاومة الجنوبية نصرها العسكري للشرعية اليمنية، فاستثمره "علي محسن وخبرته" لصالح مشروعهم ضد الجنوب.

ما منع الانتقالي أي مكون جنوبي أن يخدم القضية وينقلها إلى آفاق دولية "فهذا الميدان ياحميدان"، وما أقصى أحدا، فالمخالفون والمختلفون معه لا قادوا ولا انقادوا، أما الذين يريدون العودة إلى صنعاء، فليسوا في دائرة الاختلاف ولا الخلاف الوطني، فهم جماعات جنوبية لا علاقة لها بالقضية الوطنية الجنوبية بل في صف اليمننة وأحزابها، ويتخندقون في دائرة الصراع الوطني ضدها، ويضعونها، كما تضعها اليمننة، جزءا من قضاياها كزواج القاصرات مثلا، الذي ساووه بها في حوارهم! وليست قضية وطنية منفصلة لها ثورتها وعمقها، ولن يرضوا عن أي حامل جنوبي لا انتقالي ولا غيره.

الانتقالي ليس كاملا، بل فيه أخطاء بنيوية تحتاج إلى إعادة صياغة، وقصور يحتاج تصحيحا، وهذا لا خلاف فيه، هو حامل سياسي انبثق في حالة حرب وصراع بالتأكيد ليس كاملا، وأعداء كُثُر، لكن التخلي عنه - في ظل عدم البديل الجنوبي الواضح- هو مطلب الأعداء عبر تهييج المهرجين والمغفلين والمجندين والموتورين... الذين يهاجمونه وهم يفتقرون للبديل؟!

المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل السياسي الأوسع، وليس وحده يسعى لتحقيق هدفه العادل في الاستقلال من المحتل، والانتقالي لم يكن أداة سلطة تنفيذية تمتلك موارد وموازنة الدولة حتى يمنع تدهور العملة أو المجاعة، كما يروج بعضهم جهلا أو تجاهلا، أو كما يهاجمه آخرون، وهم يعلمون من المتسبب؟ إنما يريدون صرف أنظار الناس عن المتسبب الحقيقي.

هو ليس سلطة تنفيذية تملك موازنات لها الحق في اتخاذ القرار لعمل أي إجراءات أو إصلاحات أو معالجات، وهو في الوقت الراهن حامل سياسي، الفارق أنه يملك قوات مثلما الإخوان، وغيرهم يملكون قوات وصراع اليمننة معه، ليس من أجل أن لا تجوع عدن أو لا تنهار العملة، بل ليضع سلاحه فينتصر سلاحهم!

الانتقالي يسير بخطوات محسوبة سياسيا، وليس ثوريا وجماهيريا فقط لتحقيق أهداف قضيته في ظل حرب شاركت فيها دول من التحالف عنوانها "إعادة الشرعية إلى صنعاء، لن تعود" وقرارات دولية وفصل سابع وتمكين إخواني وصل كل مفاصل الشرعية، وشكّل مليشيات إخوانية وإرهاب يقتل ويفجر، وقوى مؤتمرية تملك قوات ما زالت تسعى للواجهة، واقتصاد منهار، ومجاعة تفوح رائحتها في الأزقة والحارات... إلخ، يدرك حجم الواقع الذي يعمل فيه وحجم القضية ومتطلبات عمليات السير للوصول للهدف، ويعرف حجم أعدائه والتفاوت بينهم في هذه المرحلة، ومن الأخطر فيهم ومن هو الأقل خطرا! يعمل وفق المقتضيات السياسية والعسكرية، وليس وفق المقتضيات التعبوية فهو يحارب خصومه في المربعات التي توجعهم وتسحب الأوراق السياسية من أيديهم لصالح قضيته، وهي لعبة بطيئة لكنها ناجعة وناجحة.