نادرون أولئك الذين يرحلون ويتركون بصماتهم في القلب والذاكرة ، إنهم متفردون بإحساسهم وانسانيتهم وشعورهم بالآخر وآلامه وأحزانه، ملتصقون دوما بالوطن واوجاعه وقضايا الناس حتى وهم في أشد حالاتهم بؤسا، ولقد كان الفقيد صالح الحميدي واحد من هؤلاء الندرة الذين ينشرون الأمل والفرح ويوزعون محبتهم وابتساماتهم كالسماء التي توزع غيثها على الأرض الجدباء .
كان الفقيد من طلابي النجباء، درسته في الصف السابع والثامن وكنت أتوسم به المستقبل الزاهر، كونه كان من الطلاب الذين يتركون في النفس أثرا وشعورا طيبا ، كان مهذبا إلى درجة تفوق أقرانه ومجتهدا ومنظما بكراساته ولباسه النظيف ومشاركاته وحماسه ، ولم يكن بالطالب الذي ينسى، فبعد تخرجه بسنوات وانخراطه في سلك العمل لم ينسَ من علموه وكنا على تواصل دائم، كان ذكيا وطموحا منذ صغره، وكان يشكل حالة استثنائية بين زملائه من الحضور والتفوق والتميز الذي مكنه أن يصل إلى ما وصل إليه من النجاح في حياته العملية وصولا إلى تعيينه وكيلا لوزارة الإعلام.
نعلم أن خسارتنا برحيل الفقيد كبيرة وموجعة لكنها الأقدار التي شاءت أن تخطفه منا وهو لا يزال في أوج عطائه ، ولعل الوفاء للراحل هو تصميمنا في المضي متوشحين بكل القيم والمبادئ التي عاش ومات من اجلها ، رحمة واسعة وخلود أبدي.