> تقرير/ فردوس العلمي

"أين ذهبت جبال عدن؟ سؤال يراودك حين تنظر إلى كتل متناثرة من المنازل العشوائية حلت محل الجبال، وتمددت انطلاقاً من القاع ووصولاً إلى قمم الجبال، منازل مبنية بصورة عشوائية، ساكنوها معرضون لخطر السيول الجارفة والاهتزازات والزلازل، ولم يفكر الإنسان بأي مخاطر قد تهدد حياته وركز كل اهتمامه كيف يوجد سكن له ولأسرته حتى لو كان فوق الجبل،  وذكرت الجبال في القرآن الكريم لأهميتها حيث شبهت بالأوتاد والرواسي التي تمسك وتحفظ الأرض من الاضطراب أو التحرك؟  فوجود الجبال على الأرض يحافظ على التربة والصخور من الزوال والانتقال، ويحفظها من تأثير الرياح العاصفة بها، ولو كان سطح الأرض مستوياً دون الجبال لكان عرضةً للتغير المستمر، وبهذا يتبين لنا أهمية الجبال الكبيرة، وفي هذا السياق تنقل لكم "الأيام" آراء المواطنين حول واقع جبال عدن اليوم.


 الإنسان والجبال

تبدأ ندى حديثها لـ "الأيام" واصفتاً عظمة الجبال بأنها تخلق لديك شعور بانك قزم مهما كان طولك وعرضك وأضافت: "عند النظر إلى حجم الجبال وعظمتها، تعرف لماذا شيّد القدماء حصونهم وقلاعهم فيها، ولكي يحموا مدنهم، وقديما  كانت الجبال سكن لقطاع الطرق، و الهاربون، وهؤلاء اتخذوا كهوف الجبال سكنا ومأوى، هرباً من القانون".
 أبو أحمد عامر قال: "لم يعد أثر البناء في جبال عدن خافيا على أحد فالعشوائيات أصبحت فللا  وعمارات ووحدات سكنية متكاملة فيها كل الخدمات ، كالمياه والهاتف الأرضي والكهرباء، ولم تعد مجرد (صندقة) خشبية".

وأضاف "مدينة عدن كانت محاطة بالجبال والبحر وهذه ميزة ميزها الله سبحانه وتعالي لهذا المدنية التي تمتلك موقعا استراتيجيا طبيعيا، لا تجده في أي مكان ولكن نتيجة للزيادة السكانية خاصة بعد 1990وازديادها بعد 2015 نتيجة النزوح والهروب من الحروب قام الكثير من الشباب  بالتوجه إلى الجبال للسكن ولهذا أصبحت جبال عدن مجرد صورة قديمة لا تراها إلا في سجل ذكريات تقول كان لدينا جبل".
سالم سعيد في العقد السابع من العمر يقول "كلما انظر إلى جبال عدن أتذكر شبابي و كيف كنا نتسلق الجبال ونقيم رِحْلات نخيم في أبو الوادي ونبيت في جبال و ننزل من البوميس وجبال الخساف و نجد أنفسنا في المعلا كانت رحلات جدا صعبه لكنها ممتعة".

ويضيف "هذا الجبال كما أبكت الانجليز وبعدهم الحوثة، هي اليوم مليئة بساكنين لا نعلم من هم ومن أين أتوا" .
يقولها بحسرة "اليوم لم نعد نرى الجبال ولا بحار فقد تم دك الجبال وعملوا مساكن وكبسوا البحار وعملوا مولات ومستشفيات لم تفيد المواطن بشيء الجبال والبحار وهي ميزتين ميز الله بها عدن فعدن دون بحار وجبال لا تعني أي  شيء".


نرفض تشويه المديرية

جمال محمد قال "كان من المفترض أن يتم تحويل هذه الجبال إلى مدرجات خضراء تسر الناظر إليها خاصة وأن فيها كهوف تاريخية وقلاع وحصون لو تم الاعتناء بها  لكانت من الروافد السياحية، لكن للأسف هي أنانية الإنسان وحب الذات جعلت الجبال عشوائيات سكنية تفتقر إلى الأمن والأمان طرقات ضيقة ومنازل متجاورة، لا قدر الله لو حصل حريق في أحد المنازل سيؤثر على البقية ".

الناشط المجتمعي سمير الأبي قال "بأن المجمعات السكنية في جبال كريتر أحد أهم المسببات للمشاكل البيئية والصحية ومؤثرة على الشكل الجمالي الرباني لكريتر".
حسب قوله بأن هذا المجمعات السكنية بنيت بشكل عشوائي ومن غير تخطيط مناسب مما أدى إلى مشاكل كثيره وكبيرة منها تدهور البنية التحتية و ضغط على المجاري وضغط على شبكة المياه والكهرباء و كثرة الحرائق بسبب الكهرباء وانسدادات في المجاري بسبب العمل غير المنظم".

وقال " هذه التجمعات السكنية أغلبها مبنية على مجارى سيول، ويظهر أثر ذلك أيام الأمطار إضافة إلى تشوه الشكل الجمالي للمدينة التي تغير وأصبح المنظر قبيح جدا ".
الناشطة المجتمعية شفاء  باحميش ترفض البناء العشوائي فوق الجبال بمدينة عدن الذي طمس أهم معالم بالمدينة كونها مدينة تضاريسها وبيئتها خاصه ولله حكمة بإحاطة مدينة عدن بالجبال و كريتر على وجه الخصوص".

وأضافت "العمل عشوائي وغير رسمي وغير مخطط لهذا نرى تشويه واضح بالبناء بأعلى الجبال مما أدى إلى ازدياد العدد السكاني والاحتباس الحراري وأصبحت كريتر مخنوقة أكثر من سابق وأكثر من المديريات الأخرى مع ارتفاع لدرجة الحرارة".
وقالت "بان التدهور الملحوظ في الخدمات الأساسية نتيجة المباني السكنية والبناء بأعلى الجبال وهو ما يتسبب بكوارث طبيعية عند هطول الأمطار فالجبال ممرات لمجارى السيول".

وتضيف "وعند حدوث الحرائق بسبب ارتفاع درجة الحرارة التي يؤدي ببعض الأحيان لضغط على أحمال الكهرباء وبسبب الربط العشوائي للكهرباء في بعض المساكن وتتسبب بكوارث بشرية وفقدان الأرواح نتيجة لعدم مقدرة الدفاع المدني الى الوصول للمواقع المرتفعة".
وتوكد بأن ما يحدث نتيجة لغياب الخطط الاستراتيجية وغياب النظام والقانون أدى إلى تخلف الوعي عند المجتمع لعدم المتابعة والمسائلة وصرف التراخيص للمواطنين لبناء عشوائي وقد يكون بعضهم لديه ورق رسميه لهذا البناء، وقد تمر سنين على سلامة السكان في أعلى الجبال لكنها بلحظة لا قدر الله قد تحدث كارثة بسبب البناء الخاطئ.

وقالت "بعد حصول الكارثة يثور المجتمع وينددوا بحق الضحايا الذين تضرروا ووقتها لن يكون هناك من يتحمل مسؤولية هذا العبث نتيجة العمل الغير قانوني وغير المتابع لا من جهة مختصة ولا من المجتمع فالبعض فقدوا الإدراك بكارثة البناء والربط العشوائي.
وختمت حديثها بالقول "نسأل الله عودة الوعي للمجتمع والجهات المختصة وللجميع، وعودة هيبة النظام لبناء سليم وامن مع بيئة حضارية ثقافية متقدمة".


الغاية تبرر الوسيلة

سألت الكثير ممن اتخذوا الجبال سكن وكانت ردودهم متشابهة حد التقارب، يقول سكان الجبال في مديريات صيرة والمعلا والتواهي: " الظروف أجبرتنا على ذلك فنحن نبحت عن سكن، ورحم الله زمان حين كانت وزارة الإسكان تمنح الأسر بيوت لكن الآن لم نعد نحصل على بيوت ولا نقوى على الإيجارات حيث أصبحت بالدولار والسعودي فغرفة وصاله وحمام كانت زمان خمسة ألف ريال واليوم وصلت إلى (100) ألف لهذا دفعتنا الحاجة إلى أخذ بقعة في الجبال والبناء بكل ما معنا ليكون لنا منزل يستر أسرنا".

وأضافوا "صحيح هذا تصرف خطأ، وله عواقب وخيمة،  لكن الغاية تبرر الوسيلة لم نفكر من سابق في السكن بالجبال فعدن ليست قرية جبلية وحياة الجبال متعبة في وصول الخدمات، لهذا نعمل على شراء خزانات مياه وبعض المنازل فيها كل الخدمَات وهو ما يثير الدهش والتساؤل كيف تصلهم الخدمات بالرغْم انه في عرف القانون بناء عشوائي"
ويسأل سكان الجبال بألم وحسرة "إلى أين تريدون منا الذَّهاب أسرنا تكبر وأطفالنا يكبرون وكل شخص بحاجة إلى سكن  يأويه ويستره، يكفي ما نعانيه من  ضنك العيش وارتفاع الأسعار"
أم صبري امرأة ستينية تقول "والله نعيش في خوف وقلق خاصة أنه لا توجد إضاءة ولا طرقات وتكثر فيها الممرات الضيقة بين البيوت، وبعض الأطفال يختصرون الطريق من هناك وهذا يسبب لنا القلق وكلما نزل أطفالنا إلى البقالة نبقى في خوف وقلق أن يسقطوا بين أيادي أصحاب النفوس الخبيثة ".

ويشاطرها الرأي علوي أبو سند بالقول "أكثر ما يرعبنا هي الحمير التي تشاركنا الحياة في هذا الطرقات الضيقة فساعات يهيج الحمار و يرفس كل من خلفه، أطفال أو نساء أو كبار سن"
ويضيف "ما يعكر حياتنا أكثر هو طفح المجاري التي تنزل من فوق وتملئ الطرقات الضيقة وتراكم القمامة فنحن لا نرى عمال النظافة ولا عمال المجاري" وقال "يعاني  سكان  الجبال من عدم وجود  شبكات صرف  صحي  ولا مناهل ولا غرف تفتيش إلاّ فيما ندر، وهي شبكات قديمة خاصة للمباني القديمة والتي لها اكثر من خمسين عام لهذا يلجأ الكثير من الأسر إلى عمل صرف صحي غير صحي إلى خارج  حمامات منازلهم، ومحاولة ربطها بهذه الشبكات القديمة عبر أنابيب لا تتحمل الضغط مما يؤدي إلى انتشار المجاري بشكل مقزز بين المنازل وانتشارا لروائح نتنة لا تحتمل".


مشكلات الصرف الصحي

يقول مدير مياه الصرف الصحي بمديرية صيرة سامي أنور الذي تحدث عن واقع الصرف الصحي في مديرية صيرة وقال "مديريه كريتر إجمالا لا توجد بها حفر راشحة، وتوجد فيها شبكات صرف صحي سواء أكانت من التي ربطها المواطنون أو المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي، لأن كريتر بالذات توجد بها شبكات صرف صحي من زمان".
وأضاف "واقع الصرف الصحي بالنسبة للتجمعات السكانية ولا سيما في المرتفعات مثل شعب العيدروس وجبال البوميس و الخساف و البادري عبارة عن شبكات فرعيه تمتد إلى الشبكة الرئيسية".

وقال "نحن نعمل جاهدين لتحسين خدمة الصرف الصحي بالمنطقة وذلك بالتعاون مع السلطة المحلية في المديرية ممثلة بمأمور مديرية صيرة د. محمود بن جرادي الذي بصدق لم يقصر معنا بدعم قطاع الصرف الصحي سواء مشروعات أو توفير ما يلزمنا في إدارة الصرف الصحي".
ويؤكد سامي أنور "أن البناء العشوائي والتصميم لبعض شبكات الصرف الصحي المتواجدة في المرتفعات والتي قام بها بعض المواطنين دون الرجوع إلينا هي من أهم المعوقات والصعوبات التي نواجهها في عملنا خاصة (المرتفعات الجبلية) مما يعرقل أي عمل يتعلق بالصيانة في بعض المرتفعات الجبلية بسبب عدم مقدرة  آليات الصيانة للوصول اليها ".