> عبد الله الشاذلي:
تعتبر محافظة حضرموت العمق الاستراتيجي والبشري لسكان جنوب اليمن، وهي كبرى محافظاته جغرافيا وسكانا، ومخزن ثرواته وموارده الطبيعية الكبيرة، وعلى مستوى المطالب والمساعي المستمرة منذ عقود لاستقلال الجنوب وعودة دولته، تمثَّل حضرموت العمود الفقري لهذه الدولة المنشودة".
وتميَّزت حضرموت بدور رئيسي وبارز ضمن حركات التحرر الجنوبية سابقاً، والمجلس الانتقالي الجنوبي حالياً، واحتضنت المدن الرئيسية في المحافظة التي تتقسم على الساحل والوادي، مثل المكلا وسيئون، مئات الفعاليات الجماهيرية الكبرى التي شارك فيها مئات عشرات الآلاف للمطالبة باستعادة دولة الجنوب المنشودة.
وإلى جانب المطالب باستعادة دولة الجنوب التي دخلت في وحدة اندماجية مع شمال اليمن في 1990، وأُعلن فك ارتباطها من جانب واحد من قبل الرئيس الجنوبي الحضرمي علي سالم البيض في 1994، تحرص النخبة الحضرمية الراهنة على التمسك بالشكل الفيدرالي للدولة المنشودة بعيداً عن المركزية المطلقة السابقة.
- استعادة الجنوب
تعتقد الأكاديمية دعاء باوزير، عضو اللجنة العليا للمرأة الجنوبية، أنَّ "استعادة الدولة الجنوبية لم تعد مسألة فيها نظر"
وبالنسبة للمهندس صالح بازقامة، نائب رئيس كتلة حلف وجامع حضرموت، فإنَّ مليونيات حضرموت لأجل الجنوب هي المعبَّرة عن تطلعات الحضارم.
وقال لـ "سوث24": "لقد قال أبناء حضرموت كلمتهم في هذه المليونيات المتعاقبة التي كان آخرها (مليونية الخلاص) في سيئون، حضرموت لن تغرد خارج السرب الجنوبي أبداً".
أما رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في سيئون، عبد الرحمن الجفري، فاعتبر في حديث لـ "سوث24" أن "الوحدة اليمنية لم يعد لها وجود".
وأضاف: "لقد سلّم الجنوبيون دولة بكامل مؤسساتها، مطاراتها، شركاتها وعملتها وتنازل عن الرئاسة، لتكون نصيب الجمهورية العربية اليمنية بنوايا حقيقية، إلا أنّ الطرف الآخر غدر باتفاقيات الوحدة، واغتال القيادات السياسية والعسكرية".
من جانبه، يرى رئيس مركز المعرفة للدراسات والأبحاث الاستراتيجية الدكتور عمر باجردانة أنَّ "استعادة الدولة الجنوبية، سيمثَّل مصدر أمن واستقرار في المنطقة، وعاملاً قوياً في وضع نهاية لحالة الصراع المتكررة في اليمن".
لكنَّ الصحفي عبد الرحمن باتيس ليس متحمساً بذات القدر لاستعادة دولة الجنوب، على الأقل ليس وحضرموت ضمن هذه الدولة.
ومع أنَّ باتيس أكد على اجتناب الصراع – الجنوبي باستقلال حضرموت، إلا أنَّه يعتقد أنَّ "حضرموت لم تكن ضمن الجنوب حتَّى تعود إليه" وأضاف: "نحن نمتلك مقومات دولة ولسنا في حاجة إلى محافظات أخرى وإن كانت جنوبية".
- شكل الدولة
بشكل مُعلن، يتبنى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتبوأ فيه الحضارم مناصب رفيعة وأساسية، المشروع الفيدرالي لدولة الجنوب التي يسعى المجلس لاستعادتها وإعلانها.
واتفقت الأكاديمية دعاء باوزير مع ذلك، وقالت: "حضرموت وكل محافظات الجنوب تتطلع إلى الدولة الاتحادية الفيدرالية".
ويعتقد القيادي بحلف جامع حضرموت صالح بازقامة أنَّ "الشكل الكونفدرالي للدولة أمر منصف لحضرموت والجنوب".
- حضرموت المستقلة
وأضاف: "هذه الدعوات تنفذ أجندات خارجيّة مرتبطة بأحزاب سياسية، مثل الإصلاح ونُخب شمالية أخرى. إنَّها "مرتبطة بانقطاع مصالح شخصيات معينة".
ويعتقد باجردانة أنًّ النجاحات التي حققها المجلس الانتقالي على حساب حزب الإصلاح هي ما دفعت لبروز هذه الأصوات.
ولكنَّ باجردانة يرى أنَّ طريقة تعامل الانتقالي مع المناطق الشرقية من حضرموت قد تكون إحدى الثغرات التي استغلها الإصلاح.
ولفت باجردانة إلى أنَّ هذه المناطق "تمثَّل خصوصية، وذات طابع خاص يختلف عما هو موجود في المحافظات الجنوبية الأخرى".
واعتبرت دعاء بوزير دعوات فصل حضرموت عن الجنوب بأنَّها "تسير ضد رغبة وتوجهات وتضحيات الغالبية العظمى من أبناء حضرموت".
على النقيض، يعتقد الصحفي عبد الرحمن باتيس أنَّ "مطالب استقلال حضرموت أصبحت واجبة في ظل انقسام الحضارم" وأضاف: "هذا يُثبت أنَّ هناك رغبة جامحة نحو إبعاد حضرموت عن المشروع الجنوبي الفاشل " على حد تعبيره.
- مهددات الإرادة الحضرمية
وبشكل أساسي، تمثَّل المنطقة العسكرية الأولى، في وادي حضرموت، أكبر هذه المُهدَّدات، وتتكون المنطقة من ألوية شمالية تتواجد منذ ما قبل حرب 2015 ولم تشارك في أي معركة.
وحول هذه المنطقة وما يقد يشكلها بقاؤها من إعاقة للإرادة الحضرمية، قال بازقامة: "لا نعتبر هذه المنطقة عائقا على الإطلاق".
وترى دعاء باوزير أنَّ قوات المنطقة الأولى: "ربما قد تهدد إرادة الحضارم في الوقت الراهن، لكنَّها مسألة وقت فقط وسيفرض أبناء حضرموت إرادتهم في استعادة الدولة الجنوبية".
وأشار باجردانة إلى أنَّ "مسألة إثارة النعرات القبلية ستظل مرهونة بمدى قدرة المجلس الانتقالي والمجلس الرئاسي على احتواء الأمر في الوادي وفرض سيطرتهما واستمالة القبائل واحتضانها".
لكنًّ عبد الرحمن باتيس لا يرى في المنطقة العسكرية الأولى ذات الخطر الذي يراه بقية الحضارم.
وقال باتيس: "هذه القوات وطنية، مثلها مثل القوات في محافظة المهرة." ويزعم بأنّ "الخطر الحقيقي هي قوات المجلس الانتقالي التي تدعَّي حماية حضرموت".
"سوث24 "