> إبراهيم نوار - كاتب مصري
مع أن زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن لم تشمل السعودية، فإننا
نستطيع أن نؤكد أن السعودية كانت الحاضر الغائب في ذهن الوزير الأمريكي،
وهو يجري محادثاته في العواصم الأربع الأخرى، عمان والقاهرة وبغداد وتل
أبيب. ومع أن هناك رسائل كثيرة تطلقها الزيارة إلى أطراف أخرى، فإن أهم
الرسائل هي تلك الموجهة للسعودية وفحواها، أن الولايات المتحدة تجدد
التزامها بأمن الخليج واستقراره، وهي رسالة مكررة، تعلم واشنطن إنها لم
تقدم أدلة تثبت مصداقيتها. الولايات المتحدة تعلم أيضا أن رغبتها في إقامة
حلف عسكري إقليمي في المنطقة، تحت رعايتها وبقيادة إسرائيل، لن تتحقق من
دون موافقة سعودية. كما تعلم أن المشروع الكبير لدمج إسرائيل إقليميا في
المنطقة، من خلال شمول التطبيع، لن يتحقق من دون مشاركة السعودية. من ذلك
نخلص إلى أن السعودية هي بوابة نجاح المشروع الأمريكي للشرق الأوسط، من أجل
التفرغ لروسيا والصين. ومع ذلك فإن زيارة أوستن للسعودية غير مرحب بها،
منذ ظهر ذلك الموقف للعلن خلال جولته الخليجية في سبتمبر 2021، حين قررت
الرياض من طرف واحد إلغاء زيارته التي كانت مقررة.
مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، كما تظهر في استراتيجية الأمن القومي، هي إمدادات النفط، ومبيعات السلاح، وأمن إسرائيل، وإدارة مكافحة الإرهاب، وإبعاد روسيا والصين عن المنطقة. وقد خسرت واشنطن بالفعل معركة النفط. كما بدأ ينفرط عقد مبيعات السلاح، وهناك شكوك في ما يتعلق بالتزامها بأمن إسرائيل، من باب الخلاف بشأن الاتفاق النووي الإيراني، تنعكس حاليا في شكل توتر دبلوماسي بين تل أبيب وواشنطن. وشهدت الأشهر الأخيرة زيادة في معدل الأنشطة العسكرية ضد القاعدة الأمريكية في «التنف» في شمال شرق سوريا، وتجددت بشكل ملحوظ أنشطة «داعش». كما أن روسيا والصين أصبحتا تتمتعان بمزايا غير مسبوقة تاريخيا بالنسبة للصين، وأفضل مما كانت عليه بالنسبة لروسيا في السنوات الخمسين الأخيرة. هذه التطورات على صعيد المنطقة تعني أن استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط تواجه اختبارا دقيقا، مع مظاهر الفشل في تحقيق أهدافها. هذا التدهور في نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أكبر بكثير من أن تصلحه زيارة وزير الدفاع الأمريكي، أو تلك الزيارات التي قام بها وزير الخارجية، ومستشار الأمن القومي، ومدير وكالة المخابرات المركزية. ومع ذلك يظل هناك سؤال معلق عن السبب الذي منع وزير الدفاع الأمريكي من زيارة السعودية خلال جولته الحالية، على الرغم من أن الرياض هي أهم مفاتيح استعادة النفوذ الأمريكي في المنطقة.
- الكيل بمكيالين
- تأثير التعاون الروسي – الإيراني
وتريد الولايات المتحدة إقناع دول الشرق الأوسط بأن أفضل طريقة لمواجهة هذا التعاون الروسي – الإيراني، هو إقامة نظام مشترك متكامل للدفاع الجوي الصاروخي، يتضمن تنسيقا كاملا بين الدول العربية وإسرائيل ومشاركة من الولايات المتحدة. وتتضمن أهداف زيارة أوستن إعادة التأكيد على هذه الرسالة، ودعوة إسرائيل والدول العربية إلى اتخاذ خطوات أكبر وأسرع من أجل إقامة النظام المقترح. هذا النظام هو في حقيقة الأمر نواة الحلف العسكري الذي تريد الولايات المتحدة إقامته في المنطقة، تحت رعايتها وبقيادة إسرائيل. ولا يبدو أن السعودية ترحب بأن يكون تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة مشروطا بالتعاون مع إسرائيل، والمساعدة على دمجها في منطقة الشرق الأوسط، سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
- نظام الدفاع الجوي- الصاروخي